اختار الأفافاس طريقا ثالثا بين الأحزاب الموالية للسلطة المطالبة بالعهدة الرابعة والمعارضة المقاطعة للانتخابات الرئاسية. هذا الطريق الثالث لخصه الحزب في خلاصة خرج منها من ندوة نظمها حول الانتقال الديمقراطي، وتتمثل في تحديد خارطة طريق مع السلطة حول مرحلة انتقالية.لكن هل موازين القوى في صالح المعارضة والأفافاس تحديدا للتفاوض مع السلطة، أم هي مجرد مبادرة من طرف واحد تتوقف على مدى توفر الإرادة السياسية لدى من يملك سلطة القرار في البلاد لتغيير الأوضاع في البلاد؟ الجواب نجده عند قيادة الأفافاس نفسها، وهو أن موازين القوى في يد أصحاب القرار وهناك فراغ سياسي في البلاد يجعلهم يقررون ما يشاؤون ويفرضون من يشاؤون في الرئاسة أو في الوزارة أو في أي هيئة منتخبة أو إدارية.وفهم المتتبعون السياسيون إستراتيجية الأفافاس الجديدة أنها نابعة من صفقة مع السلطة، إلا أن تطورات التحضير للرئاسيات تكذب هذه الفرضية وتفيد بأن السلطة ليست بحاجة لا للأفافاس حتى تضفي المصداقية على نتائج الصندوق ولا تخشى من المقاطعة التي تتسع رقعتها من يوم لآخر… بل هي تسير بالمنطق الذي يحكمها إلى أبعد حد ممكن. وتكون السلطة ربما سعت لاستدراج الأفافاس عبر مناصب وزارية، وهو ما تم استنتاجه من رد الأمين الأول أحمد بيطاطاش، حين قال إن الذين قبلوا بالمشاركة في الحكومة هم الذين تغيروا وليس النظام.لكن الأسابيع القليلة التي تفصلنا عن آخر أجل لإيداع ملفات الترشح لدى المجلس الدستوري، قد تطرأ فيها مستجدات تغير المشهد السياسي رأسا على عقب. وما يؤشر على عدم نهاية معركة الرئاسيات في أعلى هرم السلطة هو قلة التفاعل الشعبي مع حملة العهدة الرابعة، بل حتى الأحزاب والمنظمات المنادية بها، خرجاتها محصورة لحد الساعة في زيارات الوزير الأول وعدد قليل من التجمعات الشعبية. واستمرار أحداث غرداية رغم مساعي الوزير الأول توحي هي الأخرى أن هذه القضية بحاجة إلى هزة سياسية في أعلى هرم الدولة حتى يقتنع شباب هذه المنطقة بخطاب التهدئة المسوق لهم من جهات مختلفة. كما تبقى المعارضة الشديدة التي يواجهها عمار سعداني محطة أخرى قد تغير المشهد السياسي في الأيام القادمة، خاصة وأن جماعة عبد الرحمان بلعياط قالت منذ فترة إنها ستزكي الرئيس إذا ترشح رغم أنها لا تملك خيارا آخر غير مساندته إذا ترشح.وإذا حدثت هذه الهزة السياسية، قد يصبح الأفافاس أكثر أحزاب المعارضة إدراكا لحقيقة ما يجري في دوائر صنع القرار، ومن ثمة تأجيل الفصل في موقفه من الرئاسيات يجعله في راحة لمساندة من يراه يحقق “الانتقال الديمقراطي” الذي يدعو إليه.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات