38serv
توفي، صباح أمس، فضيلة الشيخ جعفر أولفقي المدعو ”الشيخ أبو عبد السلام” عليه شآبيب الرحمة والغفران، عن عمر يناهز 76 سنة، قضاه في التربية والتعليم والدعوة والفتوى والتدريس. الشيخ أبو عبد السلام هو أحد علماء الجزائر البارزين العاملين والمعروفين بخدمتهم للإسلام ونشر تعاليمه في المجتمع في كلّ ربوع الوطن العزيز. ونستعرض في هذه الصفحة مسيرة الشّيخ العلمية والدعوية وشهادات أساتذة ومشايخ من زملائه وتلامذته رحمه الله تعالى. مسيرة علمية ودعويةالشّيخ جعفر أولفقي -أبو عبد السّلام- من علماء الجزائر العاملين، وهو من مواليد قرية توريرث، بلدية تمقرة بدائرة أقبو بولاية بجاية، 2 ديسمبر 1946. أشرف ولسنوات عديدة على ركن ”فتاوى” بجريدة ”الخبر”، حيث ساهم من خلال هذا الرّكن على نشر الوعي وإشاعة الالتزام بالمرجعية الوطنية، من خلال إجابته على أسئلة المواطنين وفق مذهب الإمام مالك رضي الله عنه، في وقت كانت فيه أغلب الوسائل الإعلامية في الجزائر تنشر الفتاوى المشرقية البعيدة عن مرجعيتنا الوطنية، كما حلّ المئات من القضايا الاجتماعية الشّائكة للمواطنين والمؤسسات وغيرها.بدأ تعليمه الشّرعي بحفظ القرآن في مسجد قريته، ثمّ توقّف عن الدّراسة بسبب ثورة نوفمبر المباركة، وبعدها استأنف الدّراسة مع العمل، حيث تحصّل على الشّهادة الابتدائية، ثمّ المتوسطة، ثمّ النّجاح للدّخول إلى الجامعة مع مركز التّحضير للدّراسات العليا.تحصّل الشّيخ على شهادة اللّيسانس في اللغة العربية وآدابها سنة 1974م، ثمّ أكمل سنة رابعة استدراكًا في سنة 1983م، وذلك للتّسجيل في الدّراسات ما بعد التدرج. كما تحصل على شهادة الماجستير في الفقه وأصوله بتقديم رسالة في بدايتها كانت ”المصالح المُرسَلة وسَدّ الذّرائع في الفقه المالكي”، ثمّ وبإشارة من المشرف اقتصر على ”سدّ الذّرائع في الفقه المالكي”، بينما خصّص شهادة دكتوراه دولة بتحقيق ودراسة مخطوط ”التّوضيح” الّذي هو شرح للشّيخ خليل على ابن الحاجب ”جامع الأُمّهات” في الفقه وأصوله على المذهب المالكي.وعمل الشّيخ أبو عبد السّلام في مجالات عدّة، ومارس أنشطة كثيرة، حيث كان موظّفًا بالمجلس الوطني (1962م-1967م)، ثمّ أستاذًا في التّعليم الثانوي (1967م-1984م)، ثمّ أستاذًا باحثًا مساهمًا في تأليف الكتب المدرسية بالمعهد التربوي الوطني (1984م-1986م)، ثمّ مفتشًا للتّعليم الثانوي والتّكوين للعلوم الشّرعية ويسمّى أيضًا مفتش التّربية والتّكوين (1986م-1994م)، ثمّ مكلّفًا بالدّراسات والتّخليص. ثمّ عُيِّن بوزارة الشّؤون الدّينية والأوقاف مديرًا للإرشاد والشّعائر، ثمّ مديرًا للتّوجيه الدّيني والتّعليم القرآني ومديرًا للتّكوين وتحسين المُستوى.وللشّيخ أبو عبد السّلام مساهمات كثيرة في مجالي التّربية والشّؤون الدّينية، منها مساهمته في عملية تكوينية خاصة بالمفتشين بالرّباط في المغرب سنة 1990، وفي دورة تكوينية خاصة بالمفتشين بمدينة ليون الفرنسية سنة 1992م. وشغل في التّدريس في جميع مراحل التّعليم: الابتدائي، المتوسط، والثانوي. كما شغل منصب التّفتيش الثانوي ومعاهد التّكوين. ودرّس في المركز الوطني لتكوين إطارات التّربية (مركز التّفتيش). كما شغل في التّدريس الجامعي كأستاذ مؤقت (مشارك) في كلية أصول الدّين بجامعة الجزائر، وفي جامعة التّكوين المتواصل؛ للمواد: اللّغة العربية، البلاغة، مقاصد الشّريعة وأصول الفقه. وألقى محاضرات عدّة في دور الشّباب وفي معاهد التّكوين في الإقامات الجامعية، وفي التّظاهرات العلمية مع المجلس الإسلامي الأعلى، وفي الأسبوع الوطني للقرآن الكريم وغيرها.وكان للشّيخ أبو عبد السّلام رحمه الله تعالى، دور فعّال في النّشاط المسجدي من دروس في اللّغة العربية، التّفسير، الحديث، الفقه، الخطب المنبرية، ومقاصد الشّريعة وغيرها من فنون العلم الشّرعيّ من سنة 1971م إلى يوم انتقاله إلى الرّفيق الأعلى سبحانه وتعالى. كما ساهم رحمه الله في المئات من قضايا إصلاح ذات البين مثل إبطال مسائل الطّلاق بالصُّلح والمصالحة بالحكمة والموعظة الحسنة.وكانت للشّيخ مساهمات فاعلة في وسائل الإعلام، بدءًا بجريدة ”الخبر” لأكثر من عشر سنوات، إلى جانب العشرات من الدروس والفتاوى على التلفزيون الجزائري وقناة القرآن الكريم، والمئات من حصص فتاوى على إذاعة القرآن الكريم والقناة الإذاعية الثانية بالأمازيغية. وغير ذلك.ومن أَجَلّ خصال الشّيخ أبو عبد السّلام ”التّواضع”، فكان يَرُد من هاتفه الشّخصي على أسئلة المواطنين من فتاوى واستشارات، وكانت تُقٌدّر بالمئات أسبوعيًا. وكان يوصيني بأن أعطي رقمه لكلّ من يحتاج فتوى أو استشارة، وكان من بين ما يرد عليه من المسائل والاستفسارات الخاصة بالمواطنين مسائل وقضايا شائكة يكون فيها صاحبها في وضع نفسي واجتماعي صعب جدًّا، إلى جانب الفتوى الّتي كانت تُنشَر على يومية ”الخبر” وتُذاع عبر التلفزيون الرسمي وأثير الإذاعات الوطنية والمحلية.وللشّيخ أبو عبد السّلام مؤلّفات في الفقه والفتوى والأدب والشّعر، وساهم أيضًا في العديد من المقالات والمشاركات حول الفتوى في مجلة ”العصر” وجريدة ”الشعب” وغيرها. وقد طبع كتاب ”فتاوى” وكُتيب بعنوان ”الدّعوة إلى الله”، إلى جانب إشرافه ومشاركته في ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللّغة الأمازيغية.للإشارة، فإن صلاة الجنازة على جثمان الشيخ ”أبو عبد السلام” ستكون نهار اليوم، بعد صلاة الظهر بمسجد البشير الإبراهيمي بالزغارة، وسيوارى الثرى بمقبرة سيدي نعمان في بوزريعة بالجزائر العاصمة.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات