38serv
إن الدنيا جُبلت على الأكدار والمصائب والشدائد، وللقلب أهمية قصوى عند الشدائد والأكدار، ومن أهم أعمال القلوب التي يحتاج إليها الإنسان في وقت الشدة الإنابة إلى الله، والخوف منه وحده، والتوكل عليه والتضرع إليه.وإن مما ينبغي على المسلم أن تكون تصرفاته وحركاته لربه، وليست تحركات طائشة، أو تصرفات هوجاء، بل يجب أن تكون منضبطة بنور الوحيين، الذي يعمل عمله في قلوب الناس وقت الشدائد؛ وذلك لأن عمل القلب ينبني عليه صلاح عمل الجوارح أو فسادها: {الله نزل أحسن الحديث كتابًا متشابهًا مثاني، تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم، ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكرِ الله}.ومن أعمال القلوب المهمة عند حصول الشدائد الإنابة إلى الله: {وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له}، ولما امتدح ربنا داود عليه السلام قال: {فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب}، ومعنى الإنابة إلى الله تعالى الرجوع إليه، والتوبة إليه سبحانه: {وما يتذكر إِلا من ينيب}، {إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد}، والقلوب على ثلاثة أنواع: ميت لا خير فيه، وحي لكنه منشغل عن الآيات معرض عنها، وحي مستعد، تليت عليه الآيات فأصغى بسمعه، وأحضر قلبه، فهو شاهد القلب ملق للسمع، فهذا هو الذي ينتفع.واعلم رعاك الله أن الخوف إذا كان من الله لا من غيره ترتبت على ذلك نتائج عظيمة أهمها الطمأنينة التي تنزل تلقائيا في القلب: {أَلا بِذكر الله تطمئن القلوب}، وذكر الله في الآية القرآن، والذي يعرِض عن القرآن يتزلزل قلبه، وتضطرب معيشته: {ومن أعرض عن ذكري، فإن له معيشة ضنكًا ونحشره يوم القيامة أعمى}، وإذا طال الخوف على الإنسان واشتد به وأراد الله أن يريحه أنزل عليه السكينة، ولذلك كان للعلماء الربانيين أدوار مهمة في تثبيت الناس، يقول ابن القيم رحمه الله: كنا عندما تزلزل الأمور نذهب إلى شيخ الإسلام ابن تيمية فنجلس إليه، فما هو إلا أن نسمع كلامه حتى ترتاح القلوب وتهدأ النفوس وتطمئن.والخوف من الله سبحانه يستوجب أمرًا آخر، وهو عدم الأمن من مكر الله: {أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بِهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون، أو يأخذهم في تقلبِهم فما هم بمعجزين، أو يأخذهم على تخوف فإن ربكم لرؤوف رحيم}، وتقلبهم هو تنقلهم في الأسفار وغيرها، وتغيرهم في أحوالهم، ولذلك قال الله في آية أخرى: {أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتًا وهم نائمون، أوأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحًى وهم يلعبون، أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إِلا القوم الخاسرون}، فالناس عندما يؤخذون بالعذاب على أنواع: منهم من يأخذه الله وهو مطمئن نائم، ومنهم من يأخذه الله وهو يلعب ويلهو، ومنهم من يأخذه الله وهو يخاف من وقوع العذاب عليه، ولذلك إذا أخذ الله غيرنا بعذاب وهم نائمون مطمئنون، فنحن الآن في مرحلة نخشى أن يأخذنا الله بعذاب ونحن على تخوف!!ومن أهم أعمال القلوب: التوكل على الله: {وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين}، {الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانًا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل}، وكان صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه وذكره لربه: “أسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، رغبة ورهبة إليك”. والله ولي التوفيق.* إمام وأستاذ بجامعة العلوم الإسلامية – الجزائر 1
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات