+ -

 نلاحظ أن المعالجة السياسية للرياضة الجزائرية تكاد تكون مفقودة، أو أنها هامشية. لكن المفهوم السياسي ينحرف هنا من خلال حضور المفهوم الأبوي ـ النفسي ، سواء أكان هذا بشكل مباشر أو غير مباشر، أو بأي طريقة أخرى. هنا يخرج القارئ لسوسيولوجية الرياضة بانطباع أن الأشياء بقت متجمدة ومتحجرة، لأن مستوى هذه “الألعاب” مازال ضعيفا عندنا. ورغم أن الكل يعلم أن كل أمر هو سياسي وأن الرياضة كذلك هي بطبيعة الحال سياسية، لأنها فرع من فروع الاجتماع وعنصر من عناصر المجتمع.لكن يبقى الغموض يسود هذا العنصر.لماذ؟ لأن مفهوم هذه الكلمة تغطية كرة القدم التي يفقهها ويفقه فيها الصغير والكبير وتصبح ـ أحيانا ـ قضية وطنية “خطيرة”. أما الألعاب الأخرى، فهي ليست ألعابا. ومثال ذلك ما حصل عندما ترشح فريق كرة القدم إلى البطولة العالمية ٢٠١٤، انتفضت البلاد وفرح الشعب ورقص مدة ليالٍ وليالٍ.وعندما انتصر الفريق الجزائري لكرة اليد على منافسه التونسي ونال هكذا الكأس القاري، بعدما نبذه الجميع ونبذته وسائل الإعلام الثقيلة و”الخفيفة”، خرج بعض المواطنين لا يتجاوز عددهم المائة إلى الشارع بكل احتشام وارتباك.فهكذا رأينا على شاشات بعض القنوات الحرة، المدرب التونسي يقف وقفة أبوية واستهزائية بالنسبة للفريق الجزائري، عشية المقابلة، وذلك كان بدعم متحمس ومفرط فيه من طرف المنشطين الجزائريين. كذلك قرأنا استجوابات عديدة في الصحافة تقلل من قيمة شبابنا لصالح الشباب التونسي الذي نكنّ له كل المحبة وكل الأخوة، لكن..!وإذا تعمقنا قليلا في ذات الموضوع، رأينا أن هنالك عاملا طبقيا شبه خفي بين طيات اللاوعي الوطني وهي الطبقية، أي طبقية الرياضة، فمناصرو كرة القدم ينتمون إلى الطبقات الشعبية في غالبيتهم، ومناصرو كرة اليد ينتمون ـ أغلبية ـ إلى الطبقات المتوسطة أو الغنية أو المثقفة.ونفهم، من خلال هذا التحليل، أن الشخصية الجزائرية معقدة للغاية لأسباب نعرفها كلنا. فمن جهة، نرى المواطن كثيرا ما يتغلب عليه الغرور وحب الذات والأنانية، وكثيرا ـ كذلك ـ ما يتغلب عليه كره الذات وكراهية النفس. فهو يتدحرج بين تناقضين اثنين: حب الذات، وكره الذات، خاصة ونحن نجد ذلك متأصلا في نفس الشخص. وإذا دل هذا على شيء فيدل على هشاشة الشخص الجزائري لأسباب تاريخية أولا وقبل كل شيء، لأن فترة ما بعد الاستعمار هي فترة “بقاء”  و”لعنة” طويلة المدى.فنحن مازلنا نعاني من هذه اللعنة ولا يمكننا فسخها بخمسينية هي في الحقيقة قصيرة جدا.والغريب في أمر الرياضة أنها تكون لوحدها علما اجتماعيا غنيا كاملا وتكون كذلك علما نفسانيا برمته!وإلا، لماذا هذا الفرق بين فرحة الناس غداة انتصار فريق كرة القدم؟ولماذا صمت الناس غداة انتصار فريق كرة اليد.لعل الجواب يكمن في كلمة واحدة “الهشاشة”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: