في الآية الأخيرة من سورة الفتح، وصف سبحانه صحابة رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم ورضي اللّه عنهم خير وصف، فقال: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللّه وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللّه وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللّه الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} الفتح:29. هكذا وصفت الآية صحابة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بالشّدّة والغلظة على أعداء اللّه، والرّأفة والرّحمة بإخوانهم المؤمنين؛ فالموقف الّذي يقفه المؤمن من عدوه، مختلف تمامًا عن الموقف الّذي يقفه من أخيه المؤمن.كانوا رضوان اللّه عليهم في الحرب والقتال أشداء على عدوهم، ماضون في مواجهته دون تردّد أو خوف، أرواحهم على أكفهم، يسبقون الموت إلى ملاقاته، لا يخشونه ولا يهابونه. وكانوا في السِّلم غاية في الحبّ، والرّقّة، ودماثة خُلق، والخضوع. كذا جاء وصفهم في التوراة {ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ}. وجاء وصفهم في الإنجيل بـ«الزّرع” وقد أينع وأثمر، ثمّ قويَ واشتدّ عوده، واستقام حتّى أعجب الخاصة من الزّرَّاع، والعامة من النّاظرين والرّائين.قال ابن عاشور: ”وهذا التّمثيل تشبيه حال بدء المسلمين ونمائهم، حتّى كثروا، وذلك يتضمّن تشبيه بدء دين الإسلام ضعيفًا، وتقوِّيه يومًا فيومًا، حتّى استحكم أمره، وتغلّب على أعدائه”.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات