ابتليت فرنسا بإرهاب من نوع خاص، هو ليس كالإرهاب “القاعدي” أو “الداعشي”، في العراق وسوريا، حتى وإن تبنت “القاعدة” في اليمن، هجوم “شارلي إيبدو” في قلب باريس، فإن الطابع “الفردي العقائدي”، هو من كان محرك البحث عن عملية “نوعية” في بلد أوروبي، وليس الطابع “التنظيمي الإرهابي”، من دفع الشقيقين كواشي، وكوليبالي إلى “تأديب” أسبوعية شارلي لإساءتها للرسول الكريم.
التعاطي السياسي للحكومة الفرنسية، ومعها إعلامها الذي انطفأت شعلته الاحترافية، مثلما انطفأت أنوار برج إيفل، حدادا على أرواح ضحايا “شارل إيبدو”، لا يلتفت إلى “الجهة الإرهابية” أو “الجهادية”، التي عزت إلى ضرب عذرية فرنسا في صميمها، لأن التحليل “المتفق عليه” في مخابر التحقيقات الفرنسية، يقر أن مقتل 17 فرنسيا، الأربعاء الماضي، كان حادثا فرديا يحمل منفذيه عقيدة متشددة، تصرفا بمقتضاها، انتقاما من إساءات متكررة للرسول الكريم، ولم يكن اعتداء مؤطرا بتلك الدقة التي تنسجها “القاعدة” أو “داعش”، في أعمالهما الإرهابية، وتعي الأجهزة الأمنية أن هذا النوع من العمليات “الإرهابية” أشد وأخطر من العمليات الإرهابية التي تشن باسم تنظيم إرهابي، كما أن الهالة السياسية والدبلوماسية والإعلامية التي رافقت عملية “شارلي إيبدو” وما تلاها من تدابير أمنية غير مسبوقة، وتصعيد إعلامي فريد من نوعه، فرضتها خصوصية نوع من إرهاب يصعب التحكم به، يتبناه وينفذه أشخاص يحملون قناعات فردية، لا يفكرون كثيرا كيف يتصرفون وماذا يستهدفون، ومتى. وإنما يقررون ثم ينفذون مباشرة.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات