38serv

+ -

 لمن نوجه اللوم، إلى رئيس أو إلى وزير أول قبلا بأن يشربا من كذبة ترتيب زيارات مفبركة للولايات، أم لمسؤولين محليين، المجتهدين في تغطية ما لا يجب أن يراه أحد من المسؤولين المركزيين؟    أحاول العثور على زاوية  لرؤية الأمر من وجهة نظر مغايرة، لكني أفشل إلى حد الساعة في استيعاب فلسفة رضا طرف بكذبة الطرف الآخر، حول قضايا يفترض أن كليهما في منصبه للعمل على محوها من الواقع، وليس تغطيتها بنصب شجيرات، أو تشييد نافورة مياه، أو طلاء عمارات وأرصفة تكون في طريق زيارة الوفد الرسمي المركزي العالي السامي القادم من العاصمة، الراضي بكل قالب أو مقلب طالما يحقق المرغوب، ويظهره في صورة أنيقة أمام الكاميرات.  أنصدق صور الكاميرا، أم نكتفي بتسجيل ما نشاهده يوميا؟ تحولت الزيارات الرسمية العالية المركزية، في الأعراس وفي المآتم، إلى مواضيع نكت، وحكايات طريفة وظريفة. يقول الواقع أشياء وتنقل الكاميرا صورا يخيل للمرء أنها صور مستوردة.لماذا يرضى أحدهم بمثل هذه الأمور؟ ولماذا يلجأ الآخر إلى هكذا سيناريو؟ الرئيس يرضى، والوزير الأول يرضى، والوزير، والوالي ورئيس الدائرة و”المير” يرضون، والمدير ومسؤول مصلحة..    مسؤول المصلحة والمدير والمير ورئيس الدائرة، والوالي يبتسمون، والوزراء، والوزير الأول زاهية وجوههم بالشروح وما تنقله الصور. ولا يسأل الأخير عن أسباب تحويل مسار زيارته، ولا عن إبعاده عن “الغاشي”. والرئيس، كيف هو حاله؟ بكل تأكيد تصله منذ اعتلاء كرسي الرئاسة أخبار عن هذه المهازل. لكن، على ما يبدو، لم يحرك ما يوحي بأنه يرفض مثل هذه الممارسات التي تجعل من الزيارة الرسمية موضوعا للنكت والتعاليق الساخنة. ولا أعتقد أن الأمر تغير بعد مرض الرئيس، وبعد أن طال صمته. بل الأمر يتعقد مع دخول أكثر من طرف في سباق حامٍ وحماسي لتمثيل الرئيس، والتكلم باسم الرئيس، وكأنه هو الوريث لصوته، وللسانه ولقراراته. لقد وصل تزويق الواقع  إلى إعلان ترشح بوتفليقة لعهدة رابعة، مع أن المعني لم يصدر عنه شيء، ولم نسمع عنه لا كلمة لا ولا كلمة نعم. والسؤال المحير هو، من أين لـ”سعداني” كل هذه الثقة بالنفس، وهو لم يضمن بعد مقعده على رأس جبهة التحرير؟ فحديثه عن ترشح الرئيس “رسميا” هو كالتزوير والاعتراف بالمزور. أغلب الظن، هو يدير معركة رئاسة الجبهة باستخدام الرئيس وموضوع الرئاسيات، ويحلم بأن يبقى على رأس الجبهة. ومثل غيره من المنافسين من داخل حزبه، أو مثل حلفائه للعهدة الرابعة، على غرار بن يونس وغول وبن صالح أو سيدي السعيد، من مصلحتهم تفادي السقوط من على ظهر الجواد، لأن السقوط الآن سيتبعه خروج وإبعاد. إن التخلي عن امتيازات الحكم، رغم ما تحمله المناصب من أمراض القلب، أو ارتفاع في الضغط أو في السكر، ليست من الشيم المتوفرة. ولا هي من تقاليد طبقة سياسية، لم تعد تجد حرجا في استخدام مظاهر كاذبة تعوّض بها الواقع كما هو عليه. إننا أمام رؤوس يجمعها رئيس، وتفرقها المصالح. رؤوس جعلت من السباق نحو كرسي الرئاسة منافسة ما بين “مداحات”، لإغراء أكبر عدد من المتجمعين. رؤوس تزداد وجوهها احمرارا، وخدودها انتفاخا وهي تعد بما لا طاقة لها به. وستستفيد من عامل آخر، وهو منع المقاطعين من شرح دوافع مقاطعتهم لرئاسيات لا تلقى إجماعا حول ظروف ولا طرق تنظيمها[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: