38serv
إن الحديث عن بيت الأمير الصنعاني بصنعاء اليمن، يعني الحديث عن بيت دين وصلاح وأسرة علمية عريقة سطع أثرها في تاريخ اليمن الثقافي الحديث. وقد كان لنا عظيم الشرف بزيارة بيت الأسرة الموجود بصنعاء القديمة ذات الأزقة الضيقة والقصور الشماء، التي تروي بعمرانها حكاية تاريخ زمن مضى.لقد تداول على الإقامة في هذا البيت علماء كبار، وهو الآن مقر إقامة محمد بن عبد الخالق بن حسين بن علي بن يوسف بن إبراهيم بن محمد بن إسماعيل، المشهور بابن الأمير الصنعاني (ت:1182هـ).ولقد انقسمت أسرة ابن الأمير بعد ابن حفيده يوسف بن إبراهيم إلى فرعين: فرع الهند وفرع اليمن؛ حيث كان ليوسف بن إبراهيم ثلاثة أولاد، هم: علي، عبد الله، وإبراهيم. أما عبد الله وإبراهيم فقد هاجرا إلى الهند، ويعتقد أن الوجهة كانت مدينة حيدر أباد؛ حيث مستقر عدد من العائلات الحضرمية اليمنية، مثل عائلات العمودي، وجمل الليل، والعيدروس، والجفري وغيرها من العائلات اليمنية الحضرمية. وأما علي فقد استقر في صنعاء اليمن، ومنه ينحدر نسل بيت الأمير الموجودون باليمن، وقد كان لعلي ولدان هما: عبد الله وحسين. ولقد استقر جزء كبير من مكتبة ابن الأمير الصنعاني عند عبد الله بن علي بن يوسف بن إبراهيم بن محمد بن إسماعيل.ولقد كان لحسين بن علي، أخ عبد الله بن علي الذي استقر الجزء الأكبر من المكتبة لديه، ولد اسمه عبد الخالق بن حسين بن علي؛ حيث آل إليه جزء من مكتبة جده ابن الأمير الموجودة لدى عمه عبد الله بن علي؛ لأنه كان شغوفا بالعلم، وأحد أهله المشاركين (ت:1370هـ)؛ حيث قال عنه القاضي إسماعيل الأكوع في كتابه: “هجر العلم ومعاقله في اليمن”، عالم محقق في الفقه وعلوم العربية، مع مشاركة جيدة في علم الحديث، عكف على التدريس في الجامع الكبير بصنعاء ومسجد القليجي وغيرهما. أما بقية الكتب التي بقيت عند عبد الله، عم عبد الخالق، فقد تفرقت بين محسن بن حسن بن علي، أخ عبد الخالق، وذلك بحكم إقامته في بيت عمه عبد الله، وذهبت البقية إلى أولاد عبد الله.ولم يكتف عبد الخالق بما أخذه من عمه من الكتب بل زاد عليها، وأضاف إليها مؤلفاته، ومؤلفات شيوخه، وآثار علماء عصره، إلى جانب مجموعة كبيرة من الإجازات العلمية الخاصة بالعلاّمة عبد الخالق التي أجازه بها علماء عصره وشيوخه، والإجازات التي أجاز بها تلاميذه وغيرها.وإن أهم ما يميز المكتبة أمران هما: مخطوطات ابن الأمير الصنعاني، وأبلغنا أن عددها لا يتجاوز العشر، والكتب القديمة النادرة التي عليها تعليقات عبد الخالق بن حسين الأمير وتنبيهاته. وتوجد هذه المكتبة، الآن، في بيت عبد الخالق بصنعاء القديمة، ويقيم فيها ابنه محمد بن عبد الخالق.وتذكر روايات أهل العلم باليمن أن عددا من مخطوطات كتب ابن الأمير قد انتقلت إلى الأسر العلمية في تريم وغيرها بمحافظة حضرموت الوادي، ولكن الأمر قد يختلف بعض الشيء عن هذا الاعتقاد، لأنه من العلماء الهنود الذين كانوا يزورون اليمن على علمائها ومكتباتها وبيوت العلم بها العلاّمة محمد الصديق خان القنوجي (ت:1890م) صاحب كتاب “أحكام القرآن”، وكان يقتني نوادر المخطوطات وفرائدها ويأخذها إلى مكتبته في الهند، ومن بينها مؤلفات ابن الأمير الصنعاني، ومما أكد لنا هذه الحقيقة أننا لما كنا نشتغل في تصوير مكتبة ندوة العلماء بالهند، كنا نصادف عددا من مؤلفات بن الأمير المخطوطة، وكنا نتساءل عن كيفية وصولها إلى مكتبة الندوة، فسألنا عنها القيم على المكتبة الشيخ هارون عليه رحمة الله، فأجابنا بأنها كانت ضمن مكتبة محمد الصديق خان القنوجي التي تبرّع بها أحفاده لندوة العلماء، فاتضح الأمر كله.. والله الموفق لما فيه الخير والصواب.* مدير تحرير مجلة “آفاق الثّقافة والتّراث”
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات