38serv
عن أبي داود من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول عليه الصلاة والسلام: “ما من امرئ يخذل امرأ مسلما في موضع تنتهك فيه حرمته، وينتقص فيه من عرضه، إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته، وما من امرئ ينصر مسلما في موضع ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب نصرته”.إن مما لا مرية فيه أن جميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها إخوة، لا تفصل بينهم حدود، ولا تفرّقهم جنسيات، والرابط الأساس بين أفراد الأمة جمعاء الأخوة الإسلامية، قال تعالى: {إنما المؤمنون إخوة}، ويقول سبحانه: {فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا}، وفي الصحيح: “المسلم أخو المسلم؛ لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله ولا يحقره”، قال الحافظ في الفتح: (أي: لا يتركه مع من يؤذيه ولا فيما يؤذيه، بل ينصره ويدفع عنه)، وقال صلى الله عليه وسلم: “المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدّ بعضه بعضا”، وفي الصحيح أيضا: “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”.نصرة إخواننا في غزة فرض عين على كل مسلم؛ كل فرد حسب موقعه، فالعالم بجاهه وعلمه، والسياسي بثقله ووزنه، والكاتب بقلمه وكناشه، والخطيب بلسانه وفكره، فيكون في ذلك إغاظة للعدو والنيل منه: {ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله، ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين}.معركة الخندق أو الأحزاب التي كانت في شوال من العام الخامس الهجري، سببها تحرك الشيطان حيي بن أخطب القرضي للقاء كعب بن أسد النظري فقال له: جئتك بعز الدهر، جئتك بقريش على قادتها وسادتها، وبغطفان على قادتها وسادتها، وقد عاهدوني وعاقدوني على ألا يبرحوا حتى نستأصل محمدا ومن معه، فقال له: بل جئتني بذل الدهر، فإن بيني وبين محمد عهودا، وبقي الشيطان يوسوس له حتى نقض العهد. ولنتأمل.. نستأصل محمدا ومن معه، وهي نفس العبارة التي يردّدها اليهود اليوم وأذنابهم المنافقون في الدول العربية، نريد أن نستأصل غزة، ثم وقعت معركة الخندق وثبت صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام، وبعدها أعلنها النبي مدوّية: “اليوم نغزوهم ولا يغزوننا”، وهذا عين ما سيحدث في فلسطين بإذنه تعالى. إنها معركة مفصلية على الكيان الصهيوني وأذنابه المنافقين: {ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما}، ولننظر لوصف البيان الرباني للهجوم الذي حدث يوم الخندق: {إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار، وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا، هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا}.لقد فضحت هذه الحرب المنافقين المتاجرين بدماء المسلمين، وتستحق هذه الحرب أن نسمّيها بالفاضحة؛ لأنها فضحت المنافقين أفرادا وجماعات وحكومات وقنوات: {ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله في جهنم}. فكم نادت الشعوب أن أغيثوا إخوانكم، فأين أسلحتكم؟ وأين جيوشكم؟ أما ترون الدماء والأشلاء، أما ترون البيوت تدمر على من فيها، عائلات تباد كاملة، أما ترون بيوت الله تهدم، دافعوا عن دينكم وعن بلاد المسلمين، فكان الجواب: لو نعلم قتالا لاتبعناكم، فرد عليهم الوحي: {هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم}. فلك الله يا غزة الجريحة: كم في أثوابك الدامية من أحزان وآلام وأوجاع، ولك الله يا غزة الجريحة: كم في مناظر الدم، والخراب، والحزن، وصرخات الوجع والألم ومشاعر الحزن والبكاء مما يدمي القلوب قبل الأبدان.. وإلى الله المشتكى.. وهو ولي التوفيق.* إمام وأستاذ بجامعة العلوم الإسلامية – الجزائر1
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات