38serv
تجمّد الموقف العربي والإسلامي من العدوان الصهيوني على قطاع غزة ، منذ القمة الاستثنائية المشتركة للدول العربية والإسلامية في الرياض في 11 نوفمبر الماضي، حيث لم تبادر الدول العربية خاصة إلى اتخاذ أي قرارات أو مبادرات جديدة تصب في صالح كسر الحصار الإنساني على قطاع غزة، والضغط على الجانب الأمريكي والغربي لوقف العدوان الصهيوني وقصف المدنيين، على الرغم من تفاقم المأساة الإنسانية في غزة وتجاوز العدوان كل الخطوط الحمراء بما فيها قصف المستشفيات والمدارس والمساجد.
تلاشت قرارات قمة الرياض مع الوقت واستهلكتها الوقائع، فعلى الرغم من قرارات القمة الـ 31 التي تشدد خاصة على "كسر الحصار على غزة وفرض إدخال قوافل مساعدات إنسانية عربية وإسلامية ودولية"، تشمل الغذاء والدواء والوقود إلى القطاع بشكل فوري، و"دعوة المنظمات الدولية إلى المشاركة في هذه العملية، وتأكيد ضرورة دخول هذه المنظمات إلى القطاع، وحماية طواقمها وتمكينها من القيام بدورها بشكل كامل"، لكن الدول العربية لم تستطع حتى الآن بعد أكثر من شهر تنفيذ هذا القرار، بالرغم من الحاجة الماسة للمساعدات التموينية لصالح سكان غزة في الوقت الحالي، وكذا حاجة المستشفيات إلى الأدوية والنازحين إلى الخيام.
وكان واضحا أن عدم وجود اتفاق عربي واضح على الآليات التنفيذية التي تسمح بإدخال المساعدات ومنع استهدافها الجانب الفلسطيني من معبر رفح على الحدود المصرية، هو مؤشر على عدم قدرة الموقف العربي في تنفيذ هذه الالتزامات الإنسانية، حيث يفرض الكيان الصهيوني شروطه على أي دخول للمساعدات أو حتى فيما يخص خروج المصابين للعلاج في المشافي المصرية والعربية.
وفي نفس سياق، تجمّد المواقف العربية أخفقت المجموعة العربية في إقناع مجلس الأمن الدولي باتخاذ قرار حاسم ملزم يفرض وقف العدوان الإسرائيلي ويكبح جماح سلطة الاحتلال التي تنتهك القانون الدولي، أو استصدار قرار بإدانة قصف إسرائيل للمستشفيات في قطاع غزة ومنع دخول المساعدات الإنسانية والمياه والطعام والوقود وقطع الكهرباء والاتصالات والإنترنت، وبدت التحركات العربية والإسلامية خجولة وغير ناجعة باتجاه فرض تحرك دولي ملزم لوقف الحرب على غزة والضغط من أجل إطلاق عملية سياسية جادة لتحقيق السلام الشامل والعادل، على الرغم من مساع قامت بها مجموعة وزراء خارجية تضم كل من السعودية والأردن ومصر وقطر وفلسطين لدى موسكو وواشنطن خاصة.
وعلى الرغم من وجود قرار عربي يخص "مطالبة جميع الدول بوقف تصدير الأسلحة والذخائر إلى سلطات الاحتلال التي يستخدمها جيشها والمستوطنون الإرهابيون في قتل الشعب الفلسطيني وتدمير بيوته ومستشفياته ومدارسه ومساجده وكنائسه وكل مقدراته"، إلا أن المواقف العربية إزاء واشنطن ومختلف الدول الغربية الداعمة للعدوان، استمرت في علاقات طبيعية ولم تتم ملاحظة أية ضغوط أو خطوات تدفع الجانب الغربي إلى الاستجابة للمطلب العربي.
وبخلاف التصريحات السياسية التي يطلقها القادة العرب حول الوضع في غزة والآفاق السياسية للحل، في مصر والأردن وقطر خاصة، ومواقف متقدمة تعبّر عنها الجزائر بشأن رفض العدوان والاعتراض على تصنيف وتوصيف المقاومة بالإرهاب والاستمرار في مساعي توحيد الفصائل الفلسطينية، تبدو المجموعة العربية في وضع استسلام سياسي إزاء التطورات القائمة، إذ لوحظ تراجع لافت في التنسيق والتحركات العربية إزاء العدوان مقارنة مع الفترة الأولى للعدوان، والتي كانت فيها المواقف والتحركات أكثر كثافة، ودخلت الموقف العربي في حالة "تطبيع" مع الحدث الفلسطيني، على الرغم من تفاقم العدوان الصهيوني ومخلّفاته القاسية وغير مسبوقة والدمار الكبير الذي يخلفه في غزة.
وإضافة إلى هذا الوضع السياسي المتجمد، تبدو الدول العربية خارج الحسابات السياسية المتعلقة باستحقاقات الحل، سواء يتعلق الأمر بصفقة التبادل المقترح التفاوض عليها، أو بشأن الصيغة النهائية لما تعتبره واشنطن الصيغة السياسية التي سيكون عليها قطاع غزة بعد الحرب، على الرغم من أن بعض المقترحات الصهيونية تحاول أن تدفع بمخطط التهجير وتضع كل من الأردن ومصر أمام الأمر الواقع، وهو ما يؤشر على خروج الموقف العربي من أية حسابات غربية وصهيونية، وهو أمر زاد من تعقيدات الوضع الفلسطيني ويجعل الفلسطينيين في مواجهة مع أقدارهم السياسية.