38serv
لم تكن السنة الجارية لتختلف عن سنوات مضت من عهد الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، وقد تعاقبت الفترات والمراحل والرؤساء على الهيئة الكروية القارية، دون أن تحيد "الكاف" عن القاعدة التي جعلت منها، وبامتياز، أكبر هيئة صانعة للفضائح.
وبالعودة إلى كرونولوجيا سنة 2023، نجد "الكاف" قد جمعت ما يكفي من الخروقات القانونية والتجاوزات التي تضعها في طريق مفتوح نحو جائزة "التسيير المفضوح". وقد بدأت الكونفدرالية تميزها بالتفرقة بين أعضائها في بطولة أمم إفريقيا للمحليين، حين غاب الوفد المغربي "مع سبق الإصرار والترصد" عن موعد الجزائر، بحجة واهية تتعلق - حسب الرواية المغربية - بضرورة التنقل من الرباط إلى قسنطينة عبر رحلة مباشرة على متن الخطوط الجوية المغربية بموجب "عقد" مبرم بين الاتحادية وشركة الطيران المغربية.
وعلى الرغم من أن قانون "الشان" واضح "ولا غبار عليه"، ويجعل المغرب "مذنبا"، ويفرض عليه "الإدانة" بتغريمه بقيمة 150 ألف دولار أمريكي وإعلان إقصائه لطبعتين متتاليتين من "الشان"، فإن الكاف "مالت" إلى عضو مكتبها التنفيذي، المغربي فوزي لقجع، وتحاشت بكل جهدها تكييف القضية بالمعطيات الحقيقية، وانتهى بها الأمر إلى طي القضية دون احترام أحكام قانونها الذي يفرض معاقبة المغرب.
واللافت للانتباه، والهيئة الكروية الإفريقية تنساق وراء "نزوات" عضو مكتبها التنفيذي فوزي لقجع، أن المغرب لم يقدم نفس "الحجة الواهية" حين تعلق الأمر، ثلاثة أشهر بعد ذلك، بضرورة قدومه، مرة أخرى، إلى الجزائر للمشاركة في "كان" تحت الـ 17 عاما، فغاب "الإصرار" عن فتح خط مباشر من المغرب إلى الجزائر وعلى ضرورة التنقل على متن "شريك" الاتحادية المغربية لكرة القدم، ونعني به طائرة الخطوط الملكية المغربية، كون المغرب حضر عبر رحلة غير مباشرة وعلى متن خطوط جوية أجنبية.
وحتى وإن أسقطت "كان" الشبان حجج المغرب السابقة المقدمة في "الشان"، إلا أن "الكاف" أدارت ظهرها للفضيحة، ولم تعترف بأن المغرب أهان القارة السمراء، وحضر مرغما إلى الجزائر دون أي شرط، كون مسابقة كأس أمم إفريقيا تحت الـ 17 عاما هي مسابقة ثابتة لتلك الفئة العمرية ومؤهلة للمونديال، بمعنى أن المغرب رفع الراية البيضاء حين تعلق الأمر بالحفاظ على مصالحه، ولم يجد أن حرج في توريط الأفارقة وضرب مصداقية القارة السمراء خلال "الشان".
ولأن الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم لبست "عباءة" الرداءة بفخر منذ بسط المغرب سيطرته عليها، فإنها (الكونفدرالية) لم تجد أي مانع في الدوس، مرة أخرى، على قوانينها ومنح المغرب تنظيم "كان 2025"، على الرغم من أن القانون الأساسي لـ "الكاف" يشير صراحة إلى أن "الأولوية" تسقط على أي مترشح نال في وقت سابق شرف التنظيم، بمعنى أن المغرب لم يكن صاحب أولوية في التنافس على شرف تنظيم "كان 2025"، كونه نال فرصة تنظيم "الكان" في 2015، وأخلّ بالتزاماته حين رفض، في آخر لحظة، تنظيمها بحجة وباء إيبولا.
والصادم في فضائح "الكاف" العابرة للقارات، أن عضو مكتبها التنفيذي، المغربي فوزي لقجع، سبق حتى الهيئة الكروية الإفريقية، حين راح يعلن أمام البرلمان المغربي، رسميا، بأن المغرب سينظم "كان 2025" قبل أن تعلن "الكاف عن ذلك، بما جعل المغرب "ينجح"، وبامتياز"، في الارتقاء بصناعة المهازل الكروية إفريقيًا، إلى أعلى الدرجات، خاصة وأن ذلك "الإعلان الرسمي" المغربي قبل الرسميين من "الكاف"، تم اعتباره إهانة غير مسبوقة في حق "الكاف": وضربا مباشرا لمصداقيتها من طرف عضو مكتبها التنفيذي، غير أن ذلك لم يكن ليحرك الأفارقة ويدفع بهم للانتفاض على حالة المهانة التي يقودها إليها المغرب.
وأمام كل تلك التجاوزات والفضائح التي جعلت "الكاف" تنتزع سنة 2023، مرة أخرى، "جائزة جوائز الفضائح"، ببصمة مغربية واضحة، لم يعُد، بعدها، الأمر مثيرا للاستغراب حين تختار الجمعية العامة لـ "الكاف" الليبي عبد الحكيم الشلماني للاحتفاظ بعضويته أمام الجزائري جهيد عبد الوهاب زفيزف، طالما أن الهيمنة المغربية على الكونفدرالية أضحت مؤثرة على كل قرارات "الكاف"، وقد خلفت الصدمات المتتالية عليها آثارا بليغة تشهد على عهد انحطاط غير مسبوق سيخلده التاريخ حتما.
وباقتراب سنة 2023 على انقضائها بكل ذلك الكمّ الكبير من الآلام واندثار آمال استعادة الكاف لمصداقيتها، جاءت في ختام السنة "حرصا" على دق آخر مسمار في نعش إفريقيا كرويا وتسييريا، بتغييب الأفضل عن جوائز أضحت تعبّر بوضوح عن حالة الهوان التي بلغتها "الكاف"، ورفضت "الفاف" في عهد وليد صادي تزكيتها، وقد جعل المغرب "لا تستحي" من الفضائح، حتى أمام صدمة الرأي العام، وتحوّلت إفريقيا "رسميا" و"طواعية" إلى عنوان بل ومرجع مهم لكل التلاعبات.