38serv
لا تزال تداعيات زيارة الإمام المالي الشهير الشيخ محمود ديكو للجزائر متواصلة، فبعد أن دعا أنصار السلطة الانتقالية إلى الاحتجاج أمام سفارة الجزائر، أخرجت مواقف قادة السلطة الانتقالية في مالي وقطاع من مؤيديها، ضد الإمام الشهير محمود ديكو في البلد، بوصفه "شخصية معادية" - على حد تعبير الخارجية المالية - تنسيقية الحركات والجمعيات ومحبي الإمام عن صمتها وذكّرت بمواقفه وإنجازاته منذ 1991، موجهة الشكر لـ "الجمهورية الجزائرية الشقيقة على الثقة والشرف لعرابها الشيخ الإمام محمود ديكو والتزاماته لمساعدة مالي في بحثها عن السلم"، وفق بيان صادر عن الهيئة.
نددت التنسيقية بما "لاحظته من حملات مدبرة" ضد إمام الطريقة الكنتية، لها علاقة بزيارته الأخيرة للجزائر، داعين "المحرضين على العداء غير المبرر على ضبط النفس"، مناشدين القضاء المالي إلى "التحرك ومساءلة الدعائيين والمحضرين للمحافظة على الهدوء الوطني".
وعبّر أنصار رجل الدين المعروف بشعبيته في مالي وظهرت خلال إسقاط حكم الرئيس السابق أبو بكر كايتا تراوري، عن دعمه اللامشروط لعرابهم، على حد تعبيرهم، مذكرين بإسهاماته في البلد منذ الندوة الوطنية سنة 1991، من خلال نضالاته وموقفه ضد عدة مشاريع قوانين ومساعي السلام في شمال البلاد وغيرها.
وأضاف البيان أن أنصار الإمام والتنسيقية تحملوا مسؤولية كبيرة في سبيل إحداث هذه المرحلة الانتقالية، معبرة عن تمسكها برؤية الإمام القائمة على الحوار البنّاء من أجل "سلم مستدام"، داعية منتسبيها ومحبي الإمام وشركائها للاستعداد لتنظيم استقبال تاريخي للإمام عند عودته إلى البلاد.
ويتواجد ديكو حاليا في الجزائر، منذ زيارته الأسبوع الماضي، وكان من المقرر أن يعود إلى البلد، إلا أن وعكة صحية إصابته، واستدعت مكوثه واستشفاءه، وفق ما ذكرت مصادر متطابقة. وتحدثت تقارير إعلامية مالية عن أن رجل الدين نفى الاتهامات التي وجهتها السلطات المالية لشخصه ورفضه الانتقال الديمقراطي، على خلفية زيارته الأخيرة للجزائر، التي أثارت أزمة دبلوماسية بين البلدين.
ونقلت التقارير عن إمام الطريقة الكنتية، تحدث في فيديو عن خلفيات رحلته إلى الجزائر، وأكد أن السلطات الانتقالية المالية وحركات الأزواد، كانوا جميعهم مدعوين للاجتماع مع رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، مشيرا إلى أنه "عندما وصلت إلى الجزائر، علمت أن ممثلي باماكو كانوا سيحضرون أيضًا.. لكنهم علموا أنني مدعو وقادم، لذلك ألغوا رحلتهم وقالوا إني كنت في الجزائر ألتقي بالمتمردين وأوزع عليهم المال"، وفق ما ذكرت التقارير الإعلامية.
وأبرز ديكو، وفقا للمصادر نفسها، أن الرئيس عبد المجيد تبون دعاه للحضور إلى الجزائر لمناقشة ما يجري في شمال مالي، مؤكدا أن الرئيس أخبره أنه "لا يمكن أن يمس أي شيء مالي دون أن تشعر الجزائر بالعواقب".
ومن الأشياء التي أقلقت السلطة الانتقالية، على ما يبدو، رفض استقباله بعد عودته من الحج، وتساؤلاته حول الفترة التي تستغرقها بالقول "هل سنبقى في انتقال لا ينتهي أبدًا؟" و"من يرغب في بقائنا في هذا الانتقال بلا مسار؟".
وكانت مالي قد استدعت سفيرها في الجزائر، على خلفية التطورات الأخيرة التي اتهمت فيها السلطة الحاكمة في باماكو، الجزائر بالتدخل في شؤونها الداخلية. وأرجعت خارجية باماكو قرارها إلى "الاجتماعات المتكرّرة التي تعقد في الجزائر على أعلى المستويات، من دون أدنى علم أو تدخّل من السلطات المالية، من جهة مع أشخاص معروفين بعدائهم للحكومة المالية، ومن جهة أخرى مع بعض الحركات الموقّعة على اتفاق 2015، التي "اختارت المعسكر الإرهابي"، في إشارة مباشرة إلى الإمام وقادة حركات الأزواد بقيادة الغباس آغ انتالا.
وتعاملت الجزائر مع الإجراء وفق مبدأ المعاملة بالمثل، باستدعاء سفير مالي لديها وأبلغته بمبادئ الجزائر في تعاملها مع الجمهورية المالية، "المبنية على ثلاثة مبادئ أساسية"، كرد فعل احتجاجي على استقبال الجزائر إمام الطريقة الكنتية محمود ديكو، أحد المرجعيات الدينية المؤثرة في الشارع المالي، الذي تصنفه السلطات الانتقالية في باماكو من بين "الأشخاص المعروفين بعدائهم للحكومة المالية".
وقدم عطاف، للسفير المالي، منطلقات ومبادئ الجزائر في تعاطيها مع المسألة المالية، و"ذكّره بقوة بأن كافة المساهمات التاريخية للجزائر في تعزيز السلم والأمن والاستقرار في جمهورية مالي كانت مبنية بصفة دائمة على ثلاثة مبادئ أساسية، لم تحد ولن تحيد عنها بلادنا"، في مقدمتها "تمسك الجزائر الراسخ بسيادة جمهورية مالي وبوحدتها الوطنية وسلامة أراضيها"، ثم قناعة الجزائر العميقة بأن السبل السلمية دون سواها هي وحدها الكفيلة بضمان السلم والأمن والاستقرار في جمهورية مالي بشكل ثابت ودائم ومستدام".
ونتيجة للمبدأين الأولين، يضيف البيان، فإن المصالحة الوطنية وليس الانقسامات والشقاقات المتكررة بين الإخوة الأشقاء، تظل الوسيلة المثلى التي من شأنها تمكين دولة مالي من الانخراط في مسار شامل وجامع لكافة أبنائها دون أي تمييز أو تفضيل أو إقصاء، مسار المصالحة الوطنية الذي يضمن في نهاية المطاف ترسيخ سيادة جمهورية مالي ووحدتها الوطنية وسلامة أراضيها".