38serv
يعقد أعضاء اللجنة المشتركة الجزائرية الفرنسية للتاريخ والذاكرة حاليا جولة جديدة من الاجتماعات، بعد الاجتماع الأخير الذي تم في مدينة قسنطينة، تجسيدا للمبادئ الأساسية الواردة في بيان الجزائر الموقع بتاريخ 27 أوت 2022 بين الرئيس عبد المجيد تبون ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، والاتفاق على "معالجة جميع القضايا المتعلقة بالفترة الاستعمارية والمقاومة وحرب التحرير المجيدة"، و "مواصلة التشاور والاتصالات من أجل وضع برنامج عمل مستقبلي".
تعقد اللجنة اجتماعها في العاصمة الفرنسية باريس من أجل استكمال برنامج عملها المشترك، والتوصل إلى مزيد من التوافق والأهداف المسطرة مسبقا، وسط توقعات ومتابعة المؤرخين بصعوبة المهمة، أو استحالتها أحيانا في رأي مؤرخين آخرين، انطلاقا من حجم الدمار والعذاب الذي ألحقه المستعمر بالجزائر وشعبها طيلة قرن وأكثر من ربع قرن.
وعلمت "الخبر" أن أعضاء اللجنة من الجانبين زاروا مواقع تاريخية ومراكز الأرشيف، في انتظار أن تصدر بيانا في نهاية هذا الأسبوع، وذلك بعد زيارة قصر أمبواز، ومن المتوقع أن يتضمن البيان تفاصيل أخرى عن هذه الجولة والتفاهمات التي قد يتم التوصل إليها بين الجانبين.
وكانت اللجنة قد توصلت إلى اتفاق بين أعضائها على "استرجاع كل الممتلكات التي ترمز إلى سيادة الدولة الخاصة بالأمير عبد القادر، وقادة المقاومة والجماجم المتبقية، ومواصلة التعرف على الرفات التي تعود إلى القرن التاسع عشر".
وفي ملف الأرشيف، تم الاتفاق على "تسليم 2 مليون وثيقة مرقمنة خاصة بالفترة الاستعمارية"، بالإضافة إلى "29 لفّة و13 سجلا من الأرشيف المتبقي الخاص بالفترة العثمانية"، وفق ما أعلنته اللجنة.
ويسير نشاط اللجنة بشكل تبادلي بين الجزائر وفرنسا، وحققت "مكاسب" قياسا بالجهود التي كانت تجري سابقا بخصوص الملف.
أما فرنسا فهي تعمل على تقديم تنازلات واعترافات بخصوص تاريخها الاستعماري البشع في الجزائر، كالاعتراف بمسؤولية الجيش الفرنسي في مقتل عالم الرياضيات موريس أودان والمحامي علي بومنجل خلال "معركة الجزائر" عام 1957، والتنديد الشكلي بـ "جرائم لا مبرر لها" ارتكبها الجيش الفرنسي خلال المذبحة التي تعرض لها المتظاهرون الجزائريون في باريس في 17 أكتوبر 1961، غير أن هذه المبادرات لم ترق إلى مستوى الجرائم التي اقترفتها فرنسا في حق الشعب الجزائري على مدار 132 سنة.
لكن الاعتذارات التي تنتظرها الجزائر عن استعمارها لم تأت بعد، برأي الغالبية، ولن تأتي وفق ما يراه مؤرخون ومتابعون لهذا الملف، بالنظر إلى حجم الجرائم وآثارها وامتدادها إلى الآن، وهي المسألة التي تشكل نقطة حرجة أمام أعضاء اللجنة من الطرفين.
وتعرف مخرجات اجتماعات اللجنة تقدما ملحوظا بالرغم من أنها كانت محل خلاف بين المؤرخين وبعض مكونات الطبقة السياسية، رافضين المساواة بين الجلاد والضحية، وعارضها كثير من الباحثين والمؤرخين اقتناعا باستحالة كتابة تاريخ مشترك بين البلدين.
وتهدف اللجنة إلى معالجة مختلف القضايا، بما فيها المتعلقة بفتح واستعادة الأرشيف والممتلكات، ورفات المقاومين الجزائريين، والتجارب النووية والمفقودين، مع احترام ذاكرتي الجانبين، وسيخضع عملها لتقييمات منتظمة على أساس نصف سنوي.