38serv

+ -

كشفت سفيرة الولايات المتحدة بالجزائر إليزابيث مور أوبين، في حوار لـ "الخبر"، أسس العمل المشترك على محور الجزائر واشنطن، القائمة بشكل رئيسي على 3 مجالات هي: الاستقرار الإقليمي، المصالح الاقتصادية المشتركة، والمصالح المشتركة في تعلم اللغة الإنجليزية وحماية الثقافة، حيث تم تفعيل ذلك بطرق مختلفة، بما في ذلك العمل ومناقشة الأوضاع الإقليمية مع الجزائر، والعمل معا في المحافل المتعددة الأطراف مثل الأمم المتحدة، وكشفت السفيرة عن وجود 100 شركة أمريكية تنشط في الجزائر حاليا، وأن المفاوضات الخاصة بإقامة خط جوي مباشر بين البلدين تسير في الطريق السليم. وأكدت السفيرة الأمريكية على توافق الرؤى بين الجزائر والولايات المتحدة في العديد من القضايا، إذ عبرت عن أسفها لقرار انسحاب الحكومة الانتقالية المالية من اتفاق الجزائر الذي يشكل، حسب إليزابيث مور أوبين، إطارا مناسبا لتعزيز الاستقرار الإقليمي، كما اعتبرت أن الجزائر وواشنطن تتفقان على منح ستيفان دي ميستورا الفرصة للتوصل إلى حل سياسي للوضع في الصحراء الغربية، لأن هذا الصراع طال أمده، وعلى تقاسم الشعور بالقلق البالغ إزاء الوضع الإنساني في غزة.

 

انقضت سنتان منذ تعيينكم سفيرة للولايات المتحدة الأمريكية بالجزائر، ما هو التقييم العام لهذه الفترة؟

إنه لشرف عظيم لي اليوم أن تتاح لي هذه الفرصة لأتحدث إليكم قليلاً عن العامين الماضيين، منذ وصولي إلى هنا في الجزائر، وما تمكن فريقي الرائع في السفارة من إنجازه مع الكثير من نظرائهم المحاورين الجزائريين الرائعين، وفي اعتقادي أن الدبلوماسية جهد جماعي، وقد أنجزنا معًا الكثير من الأشياء العظيمة.

لقد عملنا بشكل أساسي في 3 مجالات، تتمثل في الاستقرار الإقليمي، وفي المصالح الاقتصادية المشتركة، وفي تعلم اللغة الإنجليزية وحماية التراث الثقافي، وقد فعلنا ذلك من خلال مجموعة متنوعة من الطرق التي تشمل العمل والتحدث مع الجزائر حول الأوضاع الإقليمية، والعمل معهم في المحافل متعددة الأطراف مثل الأمم المتحدة. ونحن سعداء بالطبع لأن الجزائر الآن عضو في مجلس الأمن خلال العامين المقبلين.

لقد تمكنا من الحصول على شهادة في علم وراثة الأبقار، بحيث يمكن تحويل صناعة الألبان واللحوم في الجزائر من خلال استخدام الوراثة الأمريكية، ولقد تمكنا من مساعدة شركات مثل "بوينغ" أثناء عملها على الاتفاق مع الجزائر، والعديد من الشركات الأمريكية الأخرى التي تعمل حاليًا هنا. لقد تمكنا من زيادة حجم التجارة البينية بطريقة ديناميكية للغاية. وفي مجال اللغة الإنجليزية، أثرت برامجنا وعمليات التبادل على 44 ألف جزائري، وحسنت قدرتهم على التحدث باللغة الإنجليزية. لذا فإن ما تمكنا من تحقيقه في هذه المجالات هو أمر استثنائي حقًا.

في وقت مبكر جدًا من فترة ولايتي، قام كاتب الدولة للخارجية أنتوني بلينكن بزيارة إلى الجزائر، ومهد الطريق للعديد من الأحداث التي وقعت خلال العامين الماضيين، والتي كانت إيجابية للغاية. كما قام مؤخراً مستشار العلوم والتكنولوجيا في وزارة الخارجية الأمريكي بزيارة أيضا، ونحن نتطلع إلى المزيد من الروابط الجامعية، ومواصلة الحماية الثقافية للآثار الجزائرية التي لا تقدر بثمن، والتي تعود بالنفع على البشرية جمعاء. نحن نبحث في سبل الحفاظ على هذه المخطوطات أو الأماكن المعمارية التي لا تقدر بثمن، لذا سنواصل العمل على حماية التراث الثقافي مع الجزائر ووزارة الثقافة ووزارة التعليم العالي، بالطبع، في الجوانب الجامعية، ونحن نمضي قدمًا. والشيء الأخير الذي أود أن أقوله هو أن الولايات المتحدة تشجع القيم العالمية كحرية التعبير والحرية الدينية.. أنتم تلعبون دورًا مهمًا جدًا في المجتمع المدني والديمقراطية، ولذا أشكركم مرة أخرى على حضوركم هنا. ولهذا السبب من المهم بشكل خاص أن تتاح لي هذه الفرصة معكم اليوم كصحفيين. أنتم مهمون للغاية. إنكم تلعبون دورًا مهمًا جدًا في المجتمع المدني والديمقراطية، ولذلك أشكركم مرة أخرى على وجودكم هنا.

 

ما تقييمكم للعلاقات الجزائرية الأمريكية، لا سيما ما تعلق بالعلاقات التجارية والاقتصادية، وإلى أي مدى تتوفر فرص تدعيمها؟ وماذا عن مشروع إقامة الخط المباشر بين الجزائر ونيويورك الذي يعد أحد عوامل توثيق العلاقات الثنائية؟

صحيح. سؤالك الثاني يجيب نوعاً ما على سؤالك الأول. كيف يمكننا تعزيز علاقاتنا الاقتصادية وتقويتها أكثر؟ من خلال زيادة التجارة البينية، وزيادة ودعم العلاقات بين شعبينا. وكيف نفعل ذلك؟ من خلال رحلة جوية مباشرة. وهذا هو السبب في أنني جعلت ذلك من أولويتي الاقتصادية الأولى، بالإضافة إلى مساعدة الشركات الأمريكية التي ترغب في إقامة شراكات هنا.

وهناك أكثر من 100 شركة أمريكية تنشط هنا بالجزائر، ومن شأن الرحلة المباشرة أن تنقل تجارتنا الثنائية وقدرتنا على فهم بعضنا البعض بشكل أفضل، ونحن في مرحلة المفاوضات التقنية الآن. وهي بالطبع عملية متعددة المراحل بسبب اتفاقية السماء المفتوحة "أوبن سكاي"، ونحن نتفاوض بشأن ذلك، ومحادثاتنا تسير بشكل مرضٍ للغاية، وفي الطريق الصحيح.

 

أشرتم إلى زيارة قام بها كاتب الدولة أنطوني بلينكن إلى الجزائر، والذي صرح أن الهدف المرجو منها هو الوصول إلى حجم تبادل تجاري بيني يصل إلى 6.2 مليار دولار. فهل تم تحقيق هذا الهدف؟

منذ عام 2020 إلى عام 2022، أي خلال السنوات الثلاث 2020 و2021 و2022، تضاعفت تجارتنا البينية كل عام. وما زلنا ننتظر إحصاءات عام 2023. وآمل أن نتمكن من رؤية ما نقوم به هنا في سفارة الولايات المتحدة لمساعدة الشركات الأمريكية يساهم في تحقيق هذا الهدف.

 

قامت عدة وفود أمريكية ممثلة للعديد من القطاعات بزيارة الجزائر، كما وقعت اتفاقيات على غرار تلك الموقعة في مجال الصناعة الغذائية والزراعة، كما أظهرت الشركات البترولية مثل "إكسون موبيل" و "شوفرون" اهتماما بالسوق الجزائرية. هل يمكن أن نتوقع انخراطا أكبر للشركات الأمريكية في الجزائر، سواء في المجال الطاقوي أو الصناعي، وشراكات أوسع؟

أعتقد أن النموذج الأمريكي هو أفضل نموذج للشراكة الاقتصادية. فنحن نتشارك التكنولوجيا، ونوظف جزائريين، ونبحث عن شراكات مفيدة للطرفين في كل ما نقوم به. لذا فإن الشركات الأمريكية من مختلف القطاعات الاقتصادية تبحث عن فرص في الجزائر، مثل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وكذلك الشركات الكبرى.. ونحن نخصص الوقت لتلك الشركات لنساعدها على إقامة علاقات وإيجاد الفرص هنا، ونتحدث أيضًا مع الشركات الجزائرية حول الفرص المتاحة في الولايات المتحدة، وأين يمكنهم تطوير تجارتهم الثنائية أو استثماراتهم أيضًا. لذا فإننا نعمل على ذلك من كلا الجانبين، لأن هذا الأمر مهم للغاية، فإقامة سوق متكافئة إلى حد ما هو جزء مهم مما نقوم به.

 

قام وفد أعمال أمريكي من رجال الأعمال بزيارة إلى الجزائر. واجتمع أعضاؤها مع وزيرين ومديري العديد من الشركات. ما نتائج الزيارة؟ وهل كان هنالك اتفاقيات؟

أشكركم على الإشارة إلى الزيارة الأخيرة التي قام بها وفد من مجلس الأعمال الأمريكي الجزائري، وقد ضمت كل من هذه المنظمة الخاصة وغرفة التجارة الأمريكية عضوية كبيرة من الشركات الأمريكية المهتمة جدا بالعمل مع الجزائر في الإنتاج الزراعي، في الصناعة بجميع أنواعها، وفي الطيران، فضلا عن قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وفي جميع مجالات النشاط الاقتصادي. ولذلك كان الوفد هنا لإجراء مباحثات، وسأترك الأمر لكل شركة كي تتحدث عن إنجازاتها الفردية خلال تلك الزيارة، ولقد التقيت بهم ولمست الكثير من الحماس لديهم، واهتماما بالسوق الجزائرية، وإمكانيات التعاون مع نظرائهم الجزائريين.

 

تقيم الجزائر والولايات المتحدة علاقات حسنة في مجال الشراكة الأمنية، وفي مجال محاربة الإرهاب، وقد قامت وفود أمريكية بزيارة الجزائر مشكلة من ممثلين عن كتابات الدولة للخزينة والدفاع يومي 5 و6 جوان 2023. ما رؤيتكم للعلاقة القائمة وآفاقها؟

تعكس هذه المحادثات بشكل كبير التنسيق والتعاون الذي تقوم به الولايات المتحدة والجزائر بشأن الاستقرار الإقليمي. لقد كان لدينا تفاعل إيجابي للغاية، كما أشرت. وفي جوان الماضي، جاء وفد مشترك من الوكالات إلى الجزائر لمناقشة كيفية العمل معا في المنطقة. ومنذ ذلك الحين، أجرينا حوارًا استراتيجيًا في واشنطن العاصمة في أكتوبر، وحوارًا عسكريًا مشتركًا في واشنطن في ديسمبر. كل هذه المحادثات مهمة للغاية لأننا نواجه مجموعة معقدة من التحديات في العالم اليوم. من المهم أن نكون قادرين على التحدث عن وجهات النظر المشتركة، ووجهات نظرنا المختلفة، وإيجاد طريقة للوصول إلى نفس الهدف النهائي. من المهم معرفة أين يمكن أن تحدث مجالات التعاون هذه.

أصدرت الولايات المتحدة مؤخرًا إعلانًا، على سبيل المثال، حول الوضع في مالي. كم نأسف لقرار الحكومة الانتقالية الانسحاب من اتفاق الجزائر الذي اعتقدنا أنه إطار مناسب للغاية يمكن من خلاله توفير الاستقرار والسلام للمنطقة. وكيف كان من شأن ذلك أن يساعد الماليين وكل شخص في المنطقة. نشعر بالقلق بشأن المليشيات وقدرتها على خوض حرب أهلية محتملة مع أعضاء الحكومة الانتقالية وعناصر "فاغنر" الأخرى. وهذا أمر يهمنا كثيرًا، كما يهم الجزائر، ونحن نتعاون بشكل وثيق جدًا بشأن هذه القضايا هنا وفي واشنطن.

 

أصبحت الجزائر عضوا في مجلس الأمن، وقد عبرت عن أولوياتها فيما يتعلق بالصحراء الغربية وفلسطين. كيف يعمل البلدان معًا لإيجاد حلول نهائية لهاتين القضيتين؟

إن هذين الأمرين، كما أشرت، مهمان للغاية بالنسبة للجزائر ولسياستها الخارجية. تتفق الجزائر والولايات المتحدة على ضرورة منح ستيفان دي ميستورا المجال والفرصة للعمل من أجل التوصل إلى حل سياسي للوضع في الصحراء الغربية. لقد استمر هذا الصراع لفترة طويلة بما يكفي، إن 47 عامًا فترة طويلة بالنسبة للشعب الصحراوي دون أن يكون لديه طريق محدد للمضي قدمًا. ونحن، الجزائر والولايات المتحدة، متفقان للغاية في تطلّع الأمم المتحدة.

وفيما يتعلق بالوضع مع فلسطين، تدعم كل من الولايات المتحدة والجزائر بشكل كامل هدف حل الدولتين. نحن نشعر بقلق بالغ إزاء الوضع الإنساني في غزة، وكلانا نعمل بجد لتوصيل المساعدات للفلسطينيين هناك. لدينا وجهات نظر مختلفة حول كيفية تحقيق تلك الأهداف، ولكننا قادرون على مناقشة تلك الأمور بعبارات محترمة وودية للغاية. نحن قادرون على التحدث عن المجالات التي نتفق عليها، وسنعمل بجد ونستمر في التعاون الوثيق لتحقيق هذه الأهداف.

 

هناك عمل يتم القيام به منذ مدة لتعميم تعليم اللغة الإنجليزية مع شراكة قائمة مع الحكومة الجزائرية، مع وزارة التعليم العالي، عبر برامج لفائدة الجامعات، كما يتم تسجيل تعاون في مجال الثقافة والحفاظ على الإرث التاريخي. ما تعليقكم على ذلك؟

الجزائر تريد تعزيز تعليم اللغة الإنجليزية. لقد عملت الولايات المتحدة بشكل وثيق للغاية لضمان مساعدتنا للجزائر في هذه العملية، من خلال العمل مع وزارة التعليم العالي لتجديد مناهج تعليم اللغة الإنجليزية في جميع الجامعات الجزائرية. ووافقت الجزائر على فتح المركز الثقافي الأمريكي الخامس هنا في الجزائر، في ولاية بشار في الجنوب. نحن فخورون جدًا بوجود 5 مراكز ثقافية: في العاصمة، ووهران وقسنطينة وورقلة وبشار، نعتقد أن هذا مهم للغاية. أود أن أرى ذلك يتوسع أيضًا في المستقبل، لأن هذه هي الأماكن التي يمكن للجزائريين الذهاب إليها لتعلم اللغة الإنجليزية دون أي مقابل. يمكنك الحضور هنا إلى الركن الأمريكي 3 أيام في الأسبوع والتحدث باللغة الإنجليزية مع الأمريكيين، وهذا شيء نقدمه للجزائريين.

ونحن على وشك إطلاق الطبعة الرابعة من "لينك" هذا الربيع، وهو برنامج نقدمه لمسؤولي الحكومة الجزائرية حتى يتمكنوا من التحدث باللغة الإنجليزية، وحضور المؤتمرات الدولية والتحدث إلى نظرائهم في بلد آخر. نحن متحمسون جدًا لهذا البرنامج الذي حقق قدرًا هائلاً من النجاح والشعبية.

وفيما يتعلق بالحفاظ على التراث الثقافي، نعمل على عدة مشاريع مع وزارة الثقافة. لقد قمنا مؤخرًا بمشروع هنا في الجزائر العاصمة لرقمنة الأعمال الفنية الجميلة في متحف باردو، ولدينا أيضا مشروع تدريبي وتكويني للقيام بذلك مع بعض المخطوطات القديمة في الجنوب، وسنواصل العمل مع وزارة الثقافة في هذه المجالات التي تحظى فيها الحماية الثقافية بالأولوية.

 

عُقدتقمة في برازافيل ركزت على عملية المصالحة في ليبيا، دعا خلالها الرئيس تبون إلى انسحاب المرتزقة والوجود العسكري لإعطاء الليبيين فرصة لتقرير مستقبلهم. كيف تنوي الولايات المتحدة التعاون مع الجزائر لتحقيق المصالحة بين الليبيين؟

كما هو الحال في منطقة الساحل، للولايات المتحدة والجزائر وجهة نظر متشابهًة جدًا بخصوص الوضع في ليبيا. ونحن نتفق على أن الشعب الليبي ينبغي أن يكون قادرا على تقرير حكومته ومستقبله. ونتفق أيضًا على أن القوات الأجنبية تعمل على زعزعة الاستقرار ولا تساعد الشعب الليبي في أن يتمكن من تقرير مستقبله. لذلك نحن نتفق تماما مع حكومة الجزائر ونتحدث معهم حول هذا الأمر بشكل متكرر.

 

هل من كلمة أخيرة؟

أود أن أنهي كلامي بالشكر الجزيل لكما على وجودكما هنا. وإنني أتطلع إلى مواصلة العمل على العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والجزائر، في توسيع المبادرات الجامعية، في الحصول على الرحلة المباشرة من الجزائر إلى نيويورك. لا أستطيع انتظار اليوم الذي سأتمكن فيه من ركوب تلك الطائرة التي ستربط الجزائر بالولايات المتحدة، ومواصلة العمل على ازدهارنا الاقتصادي المشترك. ولذا سنقوم بكل ذلك خلال الأشهر المقبلة، وأتطلع إلى إخباركم بكيفية سير الأمور. شكرًا لكم.