38serv
كشف ابراهيم طايري، رئيس الاتحاد العام للمحامين الجزائريين، فحوى البلاغ الذي تم تقديمه الأسبوع الماضي أمام مكتب المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية كمرحلة أولى من متابعة الاحتلال الإسرائيلي. موضحا أن الاتحاد يسعى لجمع الضحايا والمتضررين لتقديم بلاغ آخر (شكوى أخرى) أمام مكتب الضحايا على مستوى محكمة لاهاي.
وقال طايري في ندوة صحفية بالجزائر العاصمة، أمس، إن البلاغ المودع لدى مكتب المدعي العام، جاء تنفيذا لتوصيات ندوة الجزائر "العدالة للشعب الفلسطيني" وتكريسا لدعوة رئيس الجمهورية لكل أحرار العالم ولرجال القانون لاتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة من أجل متابعة مرتكبي الجرائم ضد الشعب الفلسطيني .
واستند البلاغ المتعلق بجرائم الإبادة الجماعية، حسب كلمة طايري، على مجموعة من التوثيقات التي تم جمعها والتي اشتملت على عدد من الصور والفيديوهات الموثّقة التي تثبت كل هذه الجرائم والملتقطة بعين المكان من مصادر موثوقة ومعترف لها بالمصداقية ومراجع التصريحات الرسمية لقادة الاحتلال المتضمنة إقرارات واعترافات علنية بارتكاب هذه الجرائم وحتى الدعوة إلى ذلك.
كما اشتمل البلاغ الموقّع من طرف اتحاد المحامين ونقابة القضاة واتحادات ونقابات المحامين الفلسطينيين والأردنيين والتونسيين والموريتانيين والليبيين، على مجموعة من السندات الرسمية الصادرة عن جهات أممية وعن منظمات دولية معترف لها بالحياد والنزاهة، وأيضا على قرار محكمة العدل الدولية التاريخي الصادر بتاريخ 26 جانفي 2024، والذي اعترف بوجود قرائن كافية تفيد ارتكاب جرائم إبادة جماعية في الأراضي المحتلة وأمر المحتل باتخاذ التدابير والإجراءات الاحترازية المذكورة في القرار قبل الفصل في الموضوع.
ولفت طايري أنه "لأول مرة يدخل تكتل بهذا الحجم المحكمة الجنائية للتبليغ بجرائم الإبادة". مشيرا أن كل الأدلّة المقدّمة، تؤكد تورّط أعضاء ومسؤولين في الكيان الصهيوني في ارتكاب الجرائم التي تقع ضمن اختصاص المحكمة ومن بينها جريمة الإبادة وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية .
وعن سبب عدم تقديم البلاغ باسم الجزائر، أوضح طايري، أن البلاغ قدّم عن طريق التحالف، كون الجزائر ليست عضو في محكمة لاهاي وليست منضمّة إلى ميثاق روما، كما أنها لا تعترف بالكيان الصهيوني، وبالتالي هناك منظمات يمكنها متابعة الكيان بطريقة غير رسمية على غرار اتحاد المحامين.
ويستقبل المدعي العام، بلاغات ودراسات تقدّمها له الدول الأطراف والمنظمات الدولية غير الحكومية والحقوقيين وأساتذة القانون، سواء من أجل توثيق الوقائع أو تبيان دخول بعض الأفعال في نطاق الاختصاص الموضوعي للمحكمة الجنائية الدولية في إطار ما يسمى بـ "صديق المحكمة".
وتساهم المعلومات القانونية والواقعية التي تقدّم إلى المدعي العام بهذا الشكل، في لفت انتباه المدعي العام إلى بعض المسائل القانونية والأدلة والسوابق القضائية ذات العلاقة بالقضية، مما يساعده على تكوين قناعاته القانونية عند قيامه بعمله.
وكخطوة لاحقة لإيداع البلاغ، أكد طايري أن التحالف يسعى إلى العمل على ضم كل الأحرار في العالم، إلى التحالف الدولي لمتابعة المسؤولين في الاحتلال الإسرائيلي وتوقيع العقاب والعمل على جمع أكبر عدد من الضحايا لتقديم بلاغ إلى مكتب الضحايا.
وأوضح أن إبلاغ المدعي العام بجريمة الإبادة، هي المرحلة الأولى فقط من متابعة قادة الاحتلال الإسرائيلي، حيث يعتزم الاتحاد، تقديم ملفات أخرى. وفي هذا السياق، وجه طايري نداء إلى الضحايا الفلسطينين لتقديم شهاداتهم وملفاتهم وما لديهم من أدلة على الجرائم أمام مكتب الضحايا على أن يقوم الاتحاد باللجوء إلى محاكم الاختصاص العالمي.
كما لفت أن هناك جهات قضائية أخرى يمكن اللجوء إليها من أجل إحراج الاحتلال، وهي المحاكم التي تحوز على الاختصاص العالمي. وأكد أن الاتحاد لن يتأخر في اللجوء إلى أي جهة قضائية مختصة، لكن الأمر يتطلب بعض الإجراءات التي تأخذ وقتا.
ومن جانبه، أعلن المحامي الفرنسي، جيل ديفير، عن التوجّه نحو فتح موقع بكل اللغات، بالتعاون مع اتحاد المحامين الجزائريين للتبليغ عن الجرائم وتسجيل الأدلة للمساعدة في عملية الفرز، قبل تقديم البلاغات أمام محكمة الجنايات الدولية. معتبرا أن المهم في هذه المرحلة هو مواصلة إجراءات متابعة الاحتلال أمام القضاء الجنائي الدولي العالمي رغم كل الإشارات السلبية التي يتلقاها رجال القانون في هذا الملف، ومن بينها موقف المدعي العام الذي يبدو، حسب المتحدث، أنه غير مرحّب بالحالة.
ورغم ذلك، أبدى جيل ديفير، موقفا إيجابيا ومتفائلا من سير القضية، مشيرا إلى أن البلاغ المقدّم أمام المدعي العام، لا يعني بالضرورة فتح تحقيق، لكن القضية الفلسطينية موجودة فعلا أمام المحكمة الجنائية الدولية منذ 2018 بعد قيام دولة فلسطين بإحالة القضية إلى المحكمة بصفتها دولة طرف في نظام روما الأساسي، وقد منحت الدائرة التمهيدية للمحكمة الجنائية الدولية، إذنا بالتحقيق إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، وهو يقوم فعلا بعملية التحقيق منذ 2021 والتحقيق يشمل كل الجرائم المرتكبة في إقليم دولة فلسطين ضمن حدود 1967 والذي يشمل قطاع غزة، الضفة الغربية والقدس الشرقية، وذلك منذ 2014 بما في ذلك الجرائم التي ترتكب حاليا.