38serv
حطّم العدوان الصهيوني على غزة، كل مقاييس الإجرام والإبادة في حق الشعب الفلسطيني على مرأى ومسمع العالم. فبالإضافة إلى استمرار القصف الهمجي على القطاع المحاصر منذ نحو خمسة أشهر متتالية، يواصل منع دخول المواد الغذائية والإمدادات الأساسية للمدنيين، ما جعل شبح المجاعة يهدد حياة آلاف السكان الذين يعانون مأساة إنسانية لا نظير لها في العصر الحديث.
أكد الهلال الأحمر الفلسطيني في غزة، أمس، حدوث وفيات بسبب الجوع ونقص الغذاء في القطاع، في وقت تواترت فيه التحذيرات داخليا وخارجيا من تفاقم الأزمة، في ظل شح المساعدات واستمرار العدوان الإسرائيلي المدمّر.
وقال مدير الإعلام الحكومي في غزة، إسماعيل الثوابتة، إن سكان غزة دخلوا مرحلة متقدمة من المجاعة، حيث لم تدخل منذ 10 أيام سوى 9 شاحنات مساعدات وناشد فتح معبر رفح فورا لإدخال المساعدات العاجلة إلى القطاع.
ومع استمرار إسرائيل في منع دخول المواد الغذائية والإمدادات الأساسية للقطاع، ويقدّر برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، أن أكثر من ربع سكان غزة استنفدوا إمداداتهم الغذائية، وحذرت المنظمة الأممية للطفولة "يونيسيف" من أن 90 بالمئة من أطفال قطاع غزة يعانون من سوء التغذية، وتأتي هذه الظروف متزامنة مع إعلان برنامج الغذاء العالمي، أول أمس، أنه أوقف مؤقتا تسليم المساعدات الغذائية إلى شمال القطاع المحاصر حتى تسمح الظروف بتوزيع "آمن".
الجوع يفتك بآلاف الغزاويين والعالم يتفرج
وأوضح البرنامج الأممي في بيان، أن "قرار وقف تسليم المساعدات إلى شمال قطاع غزة لم يُتخذ استخفافا" بالنظر إلى إدراك معنى "تدهور الوضع أكثر هناك"، وأن عددا أكبر من الناس "سيواجهون خطر الموت جوعا"، وقد سبق أن أوقف برنامج الأغذية العالمي قبل ثلاثة أسابيع، إرسال المساعدات الغذائية إلى شمال غزة بعد ضربة إسرائيلية أصابت شاحنة له، قبل أن يستأنف شحناته، لكن منذ ذلك الحين تعرضت شاحناته لعراقيل عدة، بينها أن هناك قصفا استهدفها في ظل "العنف والفوضى" وفق ما جاء بالبيان.
كما أعلن البرنامج -في وقت سابق- أن كميات قليلة جدا من المساعدات الغذائية تجاوزت جنوبي قطاع غزة إلى شماله منذ بداية الحرب، مؤكدا أن خطر تشكل مجاعة في مناطق بالقطاع لا يزال قائما، وأن أكثر من ربع سكان غزة استنفدوا إمداداتهم الغذائية وباتوا يواجهون خطر الموت جوعا.
وأصدرت حركة حماس بيانا حول تعليق برنامج الغذاء العالمي لتسليم المساعدات الغذائية لشمال قطاع غزة رغم قلّتها، مؤكدة أنه تطوّر خطير سيضاعف من المعاناة الإنسانية لأبناء الشعب الفلسطيني في محافظتي غزة والشمال، في ظل الحصار الخانق لجيش الاحتلال الصهيوني المجرم وتسليم بالواقع الذي يفرضه العدو النازي على أبناء شعبنا الهادف إلى تجويعه وإبادته.
ومن جهته، قال صندوق اليونيسيف، في بيان، إن قطاع غزة بات على وشك أن يشهد انفجارا في عدد وفيات الأطفال نتيجة الأزمة الحادة بالتغذية. مشيرا إلى أنه يمكن تفادي تلك الأزمة والمشكلات الصحية إذا توقّف الصراع، كما أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، في بيان، أن المجاعة تتعمق في القطاع، وحذّر من كارثة يروح ضحيتها مئات الآلاف من الأطفال والنساء.
وأضاف المكتب في بيانه، أن الاحتلال الإسرائيلي بدأ تنفيذ سياسة التجويع والتعطيش، وصولا للمجاعة منذ بدء العدوان، ودعا روسيا والصين وتركيا وكل دول العالم الحر والمنظمات الدولية، إلى كسر الحصار والضغط لوقف حرب الإبادة الجماعية.
وحذّرت الأمم المتحدة -الأسبوع الماضي- من أنّ النقص المُقلق في الغذاء وسوء التغذية المتفشّي والانتشار السريع للأمراض، عوامل قد تؤدّي إلى "ارتفاع كبير جدا" في عدد وفيات الأطفال في قطاع غزّة، حيث يعاني ما لا يقل عن 90 بالمئة من الأطفال دون سن الخامسة في غزة مرضا معديا أو أكثر، وفق تقرير صادر عن اليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية وبرنامج الأغذية العالمي.
وبدورها، أكدت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، أن الاحتلال منع أكثر من نصف المساعدات المقررة هذا العام إلى شمالي قطاع غزة. وأوضحت في بيان لها، أن الاحتلال منع أكثر من 51 بالمئة من المهمات والأنشطة الإغاثية التي خططت لها الأونروا وشركائها في المجال الإنساني لتقديم الدعم والمساعدة لمناطق شمالي القطاع. وأشارت إلى أن انعدام الأمن الغذائي شمالي غزة، وصل إلى حالة حرجة للغاية.
وفي السياق، أعرب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، عن استنكاره وإدانته لصمت كبير منسقي الشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة، سيجريد كاج، وتجاهلها للوضع الكارثي الذي يتطور في محافظتي غزة وشمال القطاع، ولاسيما تفشي المجاعة، قائلا في بيان صحفي، أمس "إن كاج لم تبذل ضغوطا ملموسة على المجتمع الدولي، ولاسيما الأطراف المعنية لجذب الانتباه إلى الأزمة الإنسانية الخطيرة الحاصلة في شمال وادي غزة والتصدي لها وحشد تحرك أكثر فاعلية لتغيير هذا الوضع الصادم".
وفي خضم كل ذلك، تواصل فصائل المقاومة الفلسطينية تصديها لقوات الاحتلال الصهيوني في مختلف محاور القتال في القطاع، حيث أعلن الجيش الإسرائيلي، أمس، مقتل جندي وإصابة 3 آخرين بجروح خطيرة في المعارك الدائرة في غزة، ليرتفع إجمالي عدد قتلاه منذ السابع من أكتوبر إلى 576 قتيلا بين ضابط وجندي، وأوضح الجيش الإسرائيلي أن الضحايا سقطوا خلال معارك شمالي قطاع غزة. وما يزال القصف الصهيوني متواصلا على القطاع في اليوم التاسع والثلاثين بعد المئة، حيث أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، أمس، ارتفاع حصيلة الشهداء في غزة إلى 29 ألف و303 شهيدا منذ بدء العدوان، فيما أكد البيان أن "الاحتلال الإسرائيلي ارتكب 11 مجزرة ضد العائلات في غزة راح ضحيتها 118 شهيدا و163 إصابة خلال الـ24 ساعة".