38serv
أكد فضيلة العلامة الشيخ محمد راتب النابلسي، في حوار لـ«الخبر”، أن “ثمار الصيام لا يمكن أن تقطف ما لم يصاحب الصيام غض للبصر وحفظ للسان وبعد عن اللغو والمحرمات”، ودعا المسلم إلى أن “يستعد لهذا الشهر بالتوبة إلى الله والصلح معه، فيبدأ من شعبان بالتخلية، تخلية نفسه من الذنوب والمعاصي، حتى إذا جاء رمضان كانت التحلية بالقرب من الله”، موجها نصائح غالية لكل مسلم في أن “يؤجل كل مشكلاته المالية والاجتماعية إلى ما بعد رمضان، فإن كان هناك شيء يشغل معظم وقته، فإما أن يحلّ المشكلة قبل رمضان أو أن يؤجلها إلى ما بعد رمضان، وألا يبقي أي شحناء بينه وبين أقربائه وأصدقائه قبل رمضان”.
كيف يستعد المسلم لصوم شهر رمضان؟
رمضان شهر القرب من الله وشهر العتق من النيران، والمسلم يستعد لهذا الشهر بالتوبة إلى الله والصلح معه، فيبدأ من شعبان بالتخلية، تخلية نفسه من الذنوب والمعاصي، حتى إذا جاء رمضان كانت التحلية بالقرب من الله، أنصح لكل مسلم أن يؤجل كل مشكلاته المالية والاجتماعية إلى ما بعد رمضان، فإن كان هناك شيء يشغل معظم وقته، فإما أن يحل المشكلة قبل رمضان أو أن يؤجلها إلى ما بعد رمضان، كذلك أنصح لكل أخ كريم ألا يبقي أي شحناء بينه وبين أقربائه وأصدقائه قبل رمضان.
{لعلكم تتقون}.. كيف يرفع الصائم منسوب التقوى؟
التقوى أن يطاع الله فلا يعصى، وأن يشكر فلا يكفر وأن يذكر فلا ينسى، ومن مقاصد الصيام تحصيل التقوى، فالمؤمن في شهر رمضان يترك المباحات في نهار رمضان إرضاء لخالقه، فمن باب أولى أن يترك المحرمات، وهو يشعر بضعفه في نهار رمضان فيتجه إلى خالقه، فالإنسان يتقي الله عند شعوره بالافتقار ويطفى عندما يظن أنه استغنى عن الله! قال تعالى: {كلا إن الإنسان ليطغى إن رآه استغنى}.
هل مساوئ الأخلاق كإبداء المسلم لأخيه العداء مفسدة للصوم؟
إن تكلمنا عن جانب فقهي بحت، فالصيام هو الامتناع عن سائر المفطرات، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس مع النية، لكن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: “رُبّ صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش ورُبّ قائم ليس له من قيامه إلا السهر”، ويقول أيضا: “من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه”، ويقول أيضا: “ليس الصيام من الأكل والشرب إنما الصيام من اللغو والرفث”، ومجموع هذه الأحاديث يبيّن أن ثمار الصيام لا يمكن أن تقطف ما لم يصاحب الصيام غض للبصر وحفظ للسان وبعد عن اللغو والمحرمات.
كيف يعيش المسلم في شهر رمضان المعظّم مع القرآن؟
رمضان شهر القرآن، قال تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبيّنات من الهدى والفرقان}، ولا بد للمسلم في شهر رمضان أن يضاعف حصته من كتاب الله، فيجعل لنفسه كل يوم قراءتين، قراءة تعبدية يتلو فيها جزءا من كتاب الله، وأخرى تدبرية يتدبر فيها آيات من كتاب الله، وليكن ذلك مع أهله وأولاده.
ما إن ينتهي رمضان حتى ينسى المسلم رمضان وفضائله، هل الإسلام مجرد شعائر تعبدية فقط؟
المسلم ليس رمضانيا لكنه رباني، ورمضان فرصة لمتابعة الترقي إلى الله، ومن عاد في الأول من شوال إلى ما كان عليه قبل رمضان، فإنه لم يفقه حقيقة الصيام. الإسلام بني على العبادات الشعائرية، لكنه بناء متكامل، يبدأ من العلاقات الأسرية وينتهي بالعلاقات الدولية، وما لم نفهم الإسلام على هذا النحو، فلن نحقق ما أراد الله لنا من عز ورفعة ونصر وكرامة.
هل هذه الازدواجية في التعامل مع العبادات تتناقض مع الإيمان؟
تتناقض مع كمال الإيمان، فما لم تنه الصلاة عن الفحشاء والمنكر، ولم يحقق الصيام التقوى، وما لم تحقق الزكاة الطهر والنماء، وما لم يحقق الحج العهد مع الله على التوبة، فإن هناك خللا عظيما في الإيمان، ولا بد للإنسان أن يراجع حساباته.
*كيف يستطيع الإنسان أن يسعى إلى الجنة في ظل أشغال الحياة الدنيا؟
ليس هناك أي تناقض بين تحصيل الجنة ومشاغل الحياة، فمشاغل الحياة كلها يمكن أن تكون بابا إلى الجنة. عملك الذي ترتزق منه إن كان في الأصل مشروعا وابتغيت به كفاية نفسك وخدمة المسلمين ولم يشغلك عن فريضة، فهو عبادة لله تعالى. والدين لا يعني ترك الدنيا ولكنه يعني ترك الحرام، بل إن الدنيا مطية الآخرة، وما نعمل فيها من الصالحات هو بابنا إلى جنات الخلد إن شاء الله.