الكيان الصهيوني يستخدم سلاح التجويع لكسر الصف الفلسطيني

38serv

+ -

فقد الكيان الصهيوني كل أوراقه قي قطاع غزة، بعد أكثر من ستة أشهر من حرب الإبادة الجماعية التي لم تفلح في "القضاء" على المقاومة ولا استعادة الأسرى ولا تهجير السكان، وبقي له الآن المراهنة على سياسة تجويع أهالي القطاع المحاصرين من أجل دفعهم للانقلاب على حماس وتعبيد الطريق لتطبيق خطة ما يسمى باليوم التالي للحرب، مع تسريبات الصحافة العبرية عن اتفاق بين الكيان والسلطة الفلسطينية لتعيين مدير الاستخبارات، ماجد فرج، لتولي تسيير القطاع لإعطاء الانطباع أن الاحتلال قريب من حسم الحرب.

موازاة مع استمرار آلة التقتيل والمجازر الصهيونية التي حصدت حتى الآن أكثر من 31 ألف شهيد وأكثر من 73 ألف جريح، يسعى الكيان الصهيوني إلى توظيف سلاح التجويع ضد سكان غزة المحاصرين أصلا، من خلال مواصلة غلق المعابر ورفض كل الدعوات الدولية لتسهيل إدخال المساعدات الغذائية والطبية وكذا التهديد باجتياح مدينة رفح الواقعة في الجنوب والتي نزح إليها مليون ونصف مليون فلسطيني من الشمال.

وسبق لرئيس الوزراء الصهيوني، بنيامين نتنياهو، أن أكد في الأيام الأولى للعدوان على غزة، أنه سيغلق كل المعابر ويمنع وصول المساعدات إلى القطاع الذي كان أصلا يعيش تحت الحصار. وآنذاك لم تتحرك أي دولة أو منظمة لاستنكار هذا التصريح الخطير الذي رسم أمام الجميع خطة التجويع التي سينتهجها الاحتلال ضد سكان غزة.

 

سياسة التجويع تهدف إلى دفعنا لتقديم تنازلات

 

وفي هذا السياق، قال ممثل حركة المقاومة الإسلامية حماس بالجزائر، يوسف حمدان، إن "سياسة التجويع هي جزء من الحرب الصهيونية التي ينتهجها ويشنّها العدو الصهيوني على شعبنا الفلسطيني منذ أكثر من 5 أشهر ويطبّقها على 3 مراحل،" مضيفا في تصريح لـ "الخبر"، أن "المرحلة الأولى تكمن في غلق معبر رفح وباقي المعابر، والمرحلة الثانية في الحد من دخول المساعدات، من خلال التدقيق والتضييق من جنوب غزة إلى محافظتي الشمال ومحافظة غزة. أما المرحلة الثالثة فهي استهداف السكان الذين يحاولون الوصول إلى المساعدات الشحيحة التي تدخلها المنظمات الدولية، وهي إذن خطة متكاملة لتجويع شعبنا".

وأشار حمدان أن الاحتلال "سيستمر في الضغط على حماس، من خلال الحاضنة الشعبية لقبول تنازلات حول شعبنا وأسرانا ومقدّساتنا وأرضنا، وبالتالي فهو عندما يفشل في المعركة العسكرية وتهجير شعبنا قسريا، يذهب إلى سياسة التجويع وسياسة ذرّ الرماد في العيون، من خلال الموافقة على عمليات الإنزال الجوي وإدخال مساعدات لا تسمن ولا تغني من جوع باعتبار أنها لا تنزل على المناطق التي يحتاجها شعبنا الفلسطيني ولا تغيّر شيئا من معادلة الجوع التي يفرضها الاحتلال الصهيوني عليه".

وتابع قائلا: "ومع حلول شهر رمضان المبارك، نودّ التذكير أن الشعب الفلسطيني في غزة صائم منذ أكثر من 5 أشهر، ليس فقط في إطار مواجهة الاحتلال، ولكن كذلك في إطار سياسة التجويع التي يحاول الاحتلال من خلالها انتزاع انكساره وذلّه، ولكن هذا لن يحدث أبدا، لأن الشعب الفلسطيني يعلم أن كل هذا هو جزء من سياسة الاحتلال للضغط على المقاومة وعلى الشعب الفلسطيني لدفعه إلى التهجير".

وختم حمدان تصريحه بأن هذه الحالة "تلقي المسؤولية على أمتنا للضغط بكل ما تملكه من أوراق قوة من أجل عدم الاستسلام لإرادة الاحتلال وهذا الواقع، وفرض دخول المساعدات لشعبنا الفلسطيني، وبدون ضغط عمقنا العربي والإسلامي، سيبقى مستوى التدخل العربي في مختلف المحافل العربية والدولية هو الشجب والتنديد والاستنكار، وهذا لن يغيّر من حقيقة الجوع التي يعاني منها شعبنا الفلسطيني ويموت جراءها الأطفال والنساء والمدنيين العزل على مرأى ومسمع من العالم".

 

العشائر ترفض التواطؤ

 

وعلى صعيد آخر، يهدف الاحتلال من خلال سياسة التجويع هذه، "تأليب" سكان غزة على حركة حماس و"إعطاء الشرعية" لبعض قادة العشائر في رفح من أجل لعب دور في تسيير القطاع ما بعد الحرب، وهي خطة سبق لرئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، أن كشف عنها ديسمبر الماضي وتحدّثت عنها وسائل الإعلام العبرية بإسهاب. مشيرة أن نتنياهو طلب من مساعديه الأمنيين فحص ما إذا كانت هناك قوى محلية في قطاع غزة يمكن التعاون معها واستخدامها في إدارة شؤون القطاع بعد الحرب.

وكانت العشائر والعائلات الكبيرة في غزة، نفت تفاوضها على لعب أي دور في تسيير القطاع. وأشارت إلى أن هذه الإشاعات ومن قبلها "خطة نتنياهو" تهدف إلى "ضرب التمثيل الفلسطيني"، مشددة على أن الأوضاع الحالية تدفع باتجاه إتمام الوحدة الوطنية كاملة، ما يمكّن من توحيد عمل كل المؤسسات في الضفة الغربية وقطاع غزة تحت قيادة حكومة واحدة.

 

تسريبات خطيرة من الصحافة العبرية

 

هذا، وكشفت الصحافة العبرية، عن اتفاق سري بين السلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني، يتضمّن تعيين رئيس المخابرات في السلطة، ماجد فرج، لبناء "قوة" في جنوب قطاع غزة تحسّبا لتسيير القطاع في اليوم التالي لحرب الإبادة الجماعية.

ووفق تقارير الصحافة العبرية، فإن ماجد فرج (61 عاما) هو "أقوى وأكبر" شخصية أمنية في السلطة الفلسطينية، ويعتبر مقرّبا من الرئيس عباس وله "علاقات ممتازة" مع كبار المسؤولين الأمنيين الصهاينة.

وحسب هذه التقارير، ينسّق ماجد فرح نيابة عن السلطة مع كل من الشاباك ووكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي.آي.إي) ووكالات الاستخبارات العربية والغربية بخصوص هذا الاتفاق.

وأثارت هذه التسريبات التي لم يتم تأكيدها أو نفيها من السلطة، استياء واسع النطاق، حيث أثارت تساؤلات حول النوايا الحقيقية للسلطة الفلسطينية وموقفها من وحدة الصف الفلسطيني والوقف الفوري لإطلاق النار. من جانبها أكدت الفصائل الفلسطينية في غزة، اليوم الأربعاء، على موقفها الموحّد ومفاده "ألا اتفاق ولا صفقات تبادل إلا بوقف شامل للعدوان على الشعب الفلسطيني".

وذكرت الفصائل، في بيان لها، تلقته "قدس برس"، أنّ "إدارة الشأن الفلسطيني وإدارة شؤون قطاع غزة هو شأن وطني فلسطيني داخلي"، مشددةً على أنها "لن تسمح للاحتلال وداعميه التدخل أو فرض الوصاية بأي شكل من الأشكال".

إذ يرى المراقبون في هذا الإتفاق، إن صح، على أنه محاولة لضرب استماتة المقاومة ومن ورائها شرعية حركة حماس في القطاع، إذ كان الأولى من السلطة الفلسطينية الإنخراط في جهود وقف إطلاق النار في غزة وإغاثة السكان المحاصرين بدلا من التفاوض على لعب دور في غزة بأوامر من الكيان.

وعلى الرغم من التصعيد الصهيوني في القطاع، يبقى الصمود الفلسطيني واضحا ومثبّتا، إذ تواصل المقاومة التكتيكات الدفاعية وتكبيد الصهاينة خسائر فادحة في الجنود والعتاد، مما يعكس إرادتها الصلبة في مواجهة الاحتلال والدفاع عن قطاع غزة من الغزو الصهيوني.

 

كلمات دلالية: