38serv
كبير في حضوره وفي أدائه، سواء في الدراما أو الكوميديا التي أبدع فيها وقدم أفلاما قوية بقيت في ذاكرة الجزائريين إلى اليوم، وما يزال الجمهور العريض يردّد كلماته وحركاته، إنه عملاق الكوميديا في الجزائر عثمان عريوات. عرف كيف يضحك الجزائريين ويعزف على وترهم الحساس، فانتقد المجتمع ومارس السياسة بأفلامه بعيدا عن الخطابات الرنانة المباشرة، بل بقوة الحضور والأداء المبهر، من ينسى دوره في “كرنفال في دشرة”. ورغم غيابه، بقي حاضرا في ذاكرة الجزائريين، ففي كل مرة يستجد حدث سياسي، إلا وتكون عباراته حاضرة ولقطات من فيلمه تصنع الحدث على مواقع التواصل الاجتماعي.
قدّم عريوات فنا حقيقيا ذا رسالة اجتماعية في كوميديا سوداء أضحكت وأبكت، على غرار فيلمه “رجل وامرأتان” الذي أبدع في كل تفاصيله الإنسانية والسيكولوجية، فكان نجم العمل، وكان الفيلم من أفضل الأفلام الاجتماعية الجزائرية. استطاع عريوات بمواضيع محلية وأفلام بميزانيات محدودة، أن يقدّم سينما جادّة واضحة المعالم، جزائرية الهوية، بعيدة عن الابتذال والتقليد، وأن يبني لنفسه شخصية سينمائية بقيت خالدة في الوعي الجمعي للجزائريين. عثمان عريوات بلهجته المتميزة وهندامه الخاص في كل عمل يقدّمه، أحبّه الجزائريون رغم أنه اختار الابتعاد عن الأضواء لسنوات طويلة، قرار فقد بموجبه عالم الفن السابع، أحد نجومه الذي ما يزال يصنع الحدث مع أي ظهور له.
يعتبر عثمان عريوات الممثل البسيط “الشعبي” الذي يعيش بين الناس بكل تواضع وحب، أحد أكبر الفنانين الجزائريين ورائد من روّاد الكوميديا الجزائرية، يعيش حياة البساطة بحي شعبي بالعاصمة فيها يمكن أن تصادفه، يحيّي هذا ويتكلم مع ذلك، لكنه يرفض أي لقاء صحفي وأي عمل مهما كان العرض مغرٍ.
سطع نجم عثوان عريوات وهو من مواليد ولاية باتنة سنة 1948 في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، بفضل مجموعة من الأفلام التي بقيت محفورة في ذاكرة الجزائريين، على غرار “الطاكسي المخفي”، “عائلة كي الناس”، “رجل وامرأتان”، “كرنفال في دشرة”، هذا الأخير الذي بصم من خلاله على مسيرته الفنية وأصبح أيقونة الكوميديا الجزائرية، لكن هذا لا يمنع من تميزه في عمل تاريخي خالد، وهو “بوعمامة” الذي أبدع فيه عثمان عريوات وأثبت علو كعبه في السينما بعيدا عن الكوميديا.
يعرف عن عثمان عريوات تواضعه الشديد، وهو الذي يلبي طلبات معجبيه في كل مرة، يطلبون منه التوقف لأخذ صورة أو الحديث معهم والسؤال عن أحواله التي بقيت محل تساؤل بين محبيه، خاصة بعد أن فضّل اعتزال عالم التمثيل والتفرغ لحياته الخاصة البسيطة.
آخر عمل للفنان الكبير عثمان عريوات فيلم “سنوات الإشهار” الذي انتهى العمل عليه منذ سنوات، لكنه يرفض عرضه لأسباب يحتفظ بها لنفسه، رغم ورود أنباء عن قرب الإفراج عنه هذه السنة.