38serv
ليلة القدر ليلة عظيمة شريفة أنزل الله جل وعلا سورة كاملة تبين فضلها، قال تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر * وما أدراك ما ليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر * تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر * سلام هي حتى مطلع الفجر} القدر:1-5. ووُصفت هذه الليلة بالمباركة في سورة الدخان بقوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين} الدخان:3، والمباركة أي كثيرة الخير لما ينزل فيها من الخير والبركة ويستجاب من الدعاء ولو لم يوجد فيها إلا إنزال القرآن وحده لكفى به بركة.
من أعظم الفرص في هذا الشهر الفضيل، الحرص على ليالي العشر الأواخر من رمضان، لأن ليلة القدر لن تتعدى إحدى هذه الليالي كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: “تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان”.
فلو حرصتَ على هذه الليلة فلا تفوتك، وذلك بالاستعداد لها بقيام كل ليالي العشر الأخيرة واستغلالها، حيث تستعد لها منذ الفجر، بأن تحرص على أداء أذكار الصباح بعد صلاة الفجر، وعلى تفطير صائم، إما بدعوته، أو بإرسال إفطاره، أو بدفع مال لتفطيره، روي عن زيد بن خالد الجهني أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: “من فطّر صائما كتب له مثل أجره لا ينقص من أجره شيء”. وتدعو عند غروب الشمس بأن يعينك الله تعالى ويوفقك لقيام ليلة القدر.
واحرص بعد غروب الشمس على القيام بالفرائض والسنن، بأن تعجل بالفطور احتسابا، ولا تنس الدعاء في هذه اللحظات، ومن ضمنه: “اللهم أعني ووفقني لقيام ليلة القدر”، خاصة هذا الدعاء المأثور عن سيد الخلق صلّى الله عليه وسلم “اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني”.
ولا تنسى وأنتَ في طريقك إلى المسجد لأداء سنة التراويح أن يكون لسانك رطبا من ذكر الله تعالى، وخاصة سيد الاستغفار “اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت”، قال النبي صلّى الله عليه وسلم: “من قاله فمات من يومه أو ليلته دخل الجنة”، وما بين تهليل وتسبيح وتحميد وتكبير وحوقلة؛ لما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: “استكثروا من الباقيات الصالحات، قيل وما هن يا رسول الله؟ قال: التكبير والتهليل والتسبيح والحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله”، والصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم الدعاء بخيري الدنيا والآخرة.
فإذا دخلتَ بيتك تلمَّس حاجة من هم في البيت، سواء والداك أو زوجتك أو إخوانك أو أطفالك، فقُم بخدمة الجميع بانشراح الصدر واحتساب. دون أن تنسى أداء حقوق الناس وخاصة أصحاب المظالم، لما رواه أبو هريرة رضي الله تعالى عنه: “من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلّله منه اليوم قبل ألا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه”، ومن أعظم حقوق الناس: الغيبة والنميمة والسخرية والاستهزاء والسب والشتم وشهادة الزور، قال الرسول صلّى الله عليه وسلم: “الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنبتَ الكبائر”.
إضافة إلى قيام الليل، وليكن لك ساعة خلوة مع ربك ساعة السحر، فتُفكّر في عظمة خالقك، ونعمه التي لا تحصى عليك مهما كنت فيه من حال أو شدة فأنت أحسن حالا ممن هو أشد منك كما قال صلّى الله عليه وسلم: “انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلا من هو فوقكم، فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله”.