38serv
تشرع وزارة الاتصال، بداية من يوم غد، الموافق لمنتصف شهر أفريل، في استلام ملفات التكيف مع القانون الجديد وفقا لآجال محددة لا تتجاوز 02 جوان 2024 المقبل طبقا للمادة 79 من القانون رقم 23-19 المتعلق بالصحافة المكتوبة والصحافة الإلكترونية، وهو إجراء سيفضي إلى غربلة الفضاء الإعلامي الذي يضم 156 جريدة ورقية و200 جريدة إلكترونية، ويسبق آخر الترتيبات لتشكيل هيئات الضبط التي أقرها القانون الجديد.
وسط تساؤلات عن مدى قدرة بعض العناوين المكتوبة والالكترونية على تحيين ملفاتها وخاصة ما تعلق بالمؤهلات وبالخبرة المهنية لناشريها في الآجال المحددة، يعوّل مراقبون على جدية أكبر من طرف الوزارة الوصية لضبط الكثير من الاختلالات التي لازمت الممارسة الإعلامية في السنوات الأخيرة وخاصة في مجال الصحافة الالكترونية.
وكما سبق للوزير لعقاب، التأكيد عليه في عدة مناسبات، فإن تطبيق هذا القانون جاء "ليعزز ويضبط أكثر المنظومة التشريعية للإعلام الوطني ويجعلها مواكبة وملائمة مع القوانين الدولية ذات الصلة"، وكذلك "ليتوافق ومقتضيات دستور 2020 تجسيدا لتعهدات رئيس الجمهورية التي أقر فيها بضمان حق المواطن في إعلام حر ونزيه في إطار نظرته الاستراتيجية الشاملة لكافة القطاعات والمجالات".
وبما أن الوزارة ستتولى مهمة التدقيق والمراجعة الشاملة للملفات قبل شهر جوان القادم، فهي حسب مراقبين تحدثوا لـ "لخبر"، مطالبة بغربلة حقيقية لمؤهلات الناشرين ومستخدميهم وصحيفتهم القضائية، كما أن العمل الذي ستشرف عليه الهيئة الوزارية سيمكّنها من ردع الطفيليين والهواة "منتحلي الصفة" الذين استغلوا منصات التواصل الاجتماعي للقيام بأنشطة هي من صميم مهنة الصحافة، كالتصوير والتقاط المعلومات وتحرير الأخبار وبثها للجمهور، وكذا القيام بكل الأعمال التي هي من اختصاص محترفي المهنة. ومن هذا المنظور، فإن عملية المراجعة والتكيّف تشكّل امتحانا لبعض مالكي المواقع والصحف الذين كانوا ينشطون خارج نطاق الشروط التي جاء بها القانون الجديد، خاصة ما تعلق بالشهادات والخبرة المهنية المثبتة بالانتساب إلى الضمان الاجتماعي.
وفي انتظار تنصيب التي من شأنها وقف التميع في المهمة، فإن العمل الذي تباشره الوزارة بداية من الغد، يعتبر فرصة حقيقية للتدقيق في نشاط الصحفي المحترف الرقمي وماهية طبيعة مهمته على مستوى استعمال المجال الافتراضي ومنصات التواصل كمصدر لأخباره.
فعلى الصعيدين المركزي والمحلي، تحولت منصات التواصل الاجتماعي إلى فضاء للسطو على مهنة الصحافة من خلال تفشي غير مسبوق لظاهرة إنشاء صفحات ومواقع يديرها هواة ومتسربون مدرسيا وحتى مغنون وفكاهيون هواة تحولوا إلى "إعلاميين" وصانعي محتويات إعلامية دون أي رقيب أو حسيب، ناهيك عن انتشار إنتاج هؤلاء لشتى أشكال المضامين السمعية البصرية والمواد الإخبارية، مع بثها للجمهور عبر منصات إلكترونية بواجهات وتسميات محمية قانونا، وما إلى ذلك من انفلات وصل إلى درجة قيامهم بمقابلة هيئات رسمية دون حيازة الصفة القانونية والمهنية ولا حتى المؤهل الجامعي والاعتماد، وهي الفوضى التي ضاعفت من عمليات السطو على أصلية وملكية المضامين فكريا وإبداعيا ورواج التداول غير المرخص لمواد إعلامية غير صحيحة ودعم مراعاة تقنيات التحري والتثبت.
وفي هذا السياق، أوضح منصور قدور بن عطية، الباحث المتخصص في تشريعات الإعلام وقوانين الصحافة المقارن، أن المهلة كافية للتدقيق والغربلة وللتكيّف مع الأحكام الجديدة، معتبرا أن "المهلة وجب أن تكون قصيرة ومضبوطة بشكل معقول لوضع النظام القانوني الجديد حيز التنفيذ، وهو ما لم يحدث تقريبا مع القانونين السابقين".
وأوضح "أن خارطة الطريق التي تروم تنظيم النشاطات وضبط القطاع وتطهيره من بعض الطفيليين وتمكين المهنيين، سواء ناشرين أو صحفيين، من لعب دورهم المهني أصبح أكثر من ضروري، ولا يخفى على الجميع ما تنتظره بلادنا في الأشهر القليلة المقبلة، سواء ما تعلق بالشأن السياسي الداخلي أو المخاطر على الصعيد الإقليمي والتدافع الجيوسياسي الدولي حول المنطقة".
وشدد على تجاوب المؤسسات الإعلامية مع "الإرادة الجادة للوزارة عبر التكيّف السريع والحقيقي للمهنيين مع المرحلة الجديدة، وتقديمهم للإضافة التي يحتاجها القطاع في الوقت الراهن، ليس فقط على مستوى التنظيم، ولكن أيضا فيما يتعلق بالمناخ السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي".
وأشار أن الوزارة "لم تخف رغبتها الجادة في تنظيم القطاع، لا سيما في مجالي الصحافة الإلكترونية والسمعية البصرية وسعيها الحثيث لوضع النظام القانوني الجديد المنظم للإعلام حيز التنفيذ بالشكل الذي يضمن مزيدا من ممارسة الحريات الصحفية ويؤسس لثقافة جديدة عمادها البيئة المهنية التي تحكمها القواعد القانونية من جهة والآداب والأخلاقيات الصحفية من جهة أخرى، مع فهم ووعي بالدور الحقيقي الذي يجب أن تلعبه الصحافة الوطنية ومسؤوليتها الاجتماعية، لاسيما في المرحلة الحالية والمقبلة".