38serv
كشفت أول دراسة أكاديمية في ألمانيا حول خطاب الأحزاب الألمانية إزاء الإسلام، أعدّها باحث علم الاجتماع عماد مصطفى، بعنوان “الإسلام (ليس/و) من ألمانيا - الإسلام والعنصرية المعادية للمسلمين في النظام الحزبي والبوندستاغ”، وبتكليف من خبراء مستقلين بألمانيا مختصين بمعاداة المسلمين/ واستعرض الدراسة الباحث الألماني جوزيف كرواتورو في موقع “قنطرة” الألماني.
وبناء على ذلك، فقد دعت مجموعة الخبراء المستقلين المختصة بمعاداة المسلمين في ألمانيا (UEM)؛ والتي تشكَّلت في عام 2020 بتكليف من وزير الداخلية الألماني الاتحادي السابق هورست زيهوفر، إلى إعداد دراسة كهذه. وقد نشر في شهر جوان 2023 على الإنترنت المؤلف المُكلَّف بذلك، وهو الباحث في علم الاجتماع والدراسات الإسلامية، عماد مصطفى، نتائج بحثه للفترة بين 2015 و2021.
وعلى الرغم من أن مجموعة الخبراء المستقلين المختصة بمعاداة المسلمين قد ناقشت هذه النتائج بالتفصيل في تقريرها الصادر في شهر جوان 2023، فإنها لم تثِر سوى القليل من الاهتمام العام، ولم تحظَ باهتمام عام حتى عندما نُشرت دراسة عماد مصطفى قبل فترة غير بعيدة بصيغة معدّلة قليلا ككتاب عنوانه: “الإسلام (ليس/و) من ألمانيا - الإسلام والعنصرية المعادية للمسلمين في النظام الحزبي والبوندستاغ”.
وعلى خلفية خروج احتجاجات في جميع أنحاء ألمانيا لأسابيع ضد التطرف اليميني وحزب “البديل من أجل ألمانيا”، ورغم ذلك، فإن هذه الاحتجاجات لم تركز على التحريض ضد المسلمين وعواقبه على المشهد الحزبي في ألمانيا؛ ولذلك، فمن الجدير الاطلاع وعن كثب على نتائج دراسة عماد مصطفى. وأشار التقرير إلى أن المسلمين في ألمانيا عادوا من جديد إلى دائرة الاشتباه العام بعد “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر 2023، وقد تحدثوا في الأسابيع والأشهر الأخيرة عن تعرضهم لإهانات واعتداءات على نساء محجبات.
وحزب البديل من أجل ألمانيا لا يربط دائما وبشكل مباشر بين قضايا الإسلام والهجرة والاندماج واللاجئين واللجوء، والتي يصنفها على أنها تهديد للثقافة الألمانية التي يعتبرها ثقافة مسيحية غربية ومتجانسة. وحيثما لا يثيرون الخوف من “الأسلمة” وحتى من فرض الشريعة الإسلامية في “المجتمعات الموازية”، يستخدم الشعبويون اليمينيون مصطلحات غامضة ومرتبطة بنظريات المؤامرة. وتعمل مثلا مصطلحات مثل “جرائم الأجانب والعشائر” أو “المجال الشرقي” كرموز معادية للإسلام، ويصوَّر الإسلام بشكل عام على أنه تهديد من خلال استخدام مصطلح “إسلامي” بدلا من “إسلاموي”.
وكذلك يحذر الحزب المسيحي الديمقراطي وشقيقه حزب المسيحي الاجتماعي من المجتمعات الموازية والعشائر الإجرامية، وحتى في خطابهما يُنظر إلى المسلمين بوضوح على أنهم “الآخرون”، ويسود لديهما أيضا اتجاه واضح نحو التعميم. وبالإضافة إلى ذلك، يرى الحزب المسيحي الديمقراطي نفسه حاميا لثقافة ألمانية رائدة شكَّلها الغرب المسيحي اليهودي، ويجب على المسلمين تبني قيمها.
ووفقا لهذا الخطاب، فإن المسلمين لا يمكنهم أن يصبحوا جزءا متكاملا من المجتمع الألماني إلا بهذه الطريقة وبالاجتهاد في العمل. لا يوجد أي إقرار بانتماء الإسلام إلى ألمانيا في برامج الحزبين الانتخابية، وحتى أن هورست زيهوفر، وقد كان وزيرا من الحزب المسيحي الاجتماعي في حكومة ميركل، قد صرّح في عام 2018 بمعارضته مثل هذا الإقرار، كما أن صورة الإسلام في الفضاء العام الألماني مطبوعة بالكليشيهات وأنصاف الحقائق والأحكام المسبقة. ففي كتابهما “الإسلام - عدو أم صديق؟”، يقدم الباحثان في شؤون الأديان، مونيكا وأُودو توروشكا، 38 أطروحة في وجه الهستيريا وحججا قوية في خضم نقاش عام غربي متّسم بهيجانات مطردة.
ويرد الإسلام والمسلمون أقل بكثير في البرامج الانتخابية الخاصة بالحزب الليبرالي الديمقراطي، غير أن الليبراليين يتجنبون الحديث عموما، بعكس حزبي البديل من أجل ألمانيا والاتحاد الديمقراطي المسيحي، عن المجتمع الثقافي الألماني، ويركزون بدلا عن ذلك على الالتزام بالقانون الأساسي (الدستور الألماني).
بيد أن الحزب الليبرالي الديمقراطي يعتمد وبشكل خفي، مثلا في برنامجه للانتخابات الاتحادية لعام 2021، على سرديات معادية للمسلمين، وذلك في فقرة طالب فيها بأن تتضمن دورات الاندماج في ألمانيا قيما مثل المساواة بين الجنسين وتقبل التوجهات الجنسية المختلفة والتسامح تجاه جميع أشكال الإيمان وعدم الإيمان.
أما الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر/تحالف 90، فهما يستخدمان لغة أكثر اشتمالا بشكل ملحوظ وتظهر لديهما الإشارات إلى الإسلام بشكل أضعف بكثير. ولكن مع ذلك، فإنّ لديهما أيضا موقفا في تشكيل الهوية نادرا ما يكون موجها بشكل صريح ضد معاداة المسلمين على الرغم من تبنيهما موقفا ينتقد العنصرية.
ويكشف عماد مصطفى أحيانا في موضوع الاندماج، على وجه الخصوص، عن افتراضات ضمنية لدى الحزبين فيما يتعلق بالمهاجرين المسلمين، وهي افتراضات مشحونة بالاستياء وتعكس الكليشيهات المعروفة من الطيف المعادي للمسلمين، مثل: رهاب المثلية الجنسية (الهوموفوبيا)، والسلطة الذكورية الأبوية، والتمييز الجنسي ومعاداة السامية.
ولفت الباحث عماد مصطفى أن إعلان “الخضر”؛ كما فعلوا في عام 2017؛ أن الإسلام جزء من ألمانيا فإنهم يربطون هذا الانتماء بقائمة طويلة من الشروط، مشيرا إلى أن “الخضر يبدو أنهم يُقيمون روابط وثيقة بين الإسلام كدين والاختلاف والخطر والتهديد”.
وأوضح أن الحزب الوحيد الذي يستطيع التعامل مع الموضوع من دون سرديات وسيناريوهات التهديد المعادية للمسلمين هو الحزب اليساري الذي تبنى الموقف الأكثر وضوحا وحسما ضد معاداة المسلمين، خاصةً الصادرة عن حزب البديل من أجل ألمانيا.