38serv
موازاة مع صدور نتائج التحقيق الأممي حول المزاعم الصهيونية بوجود علاقة بين موظفين في وكالة "الأونروا" وهجمات السابع أكتوبر، التي أكدت أن الكيان لم يقدم أي أدلة إلى حد الآن على مزاعمه، دعا الاتحاد الأوروبي أمس الدول المانحة إلى استئناف تمويل الوكالة. وكانت ألمانيا من بين أول الدول التي أكدت أنها ستستأنف التمويل بعيد الإعلان عن النتائج، وهذا ما "يبشر" بانفراج في الوضع.
وقد وجه تحقيق أممي مستقل صفعة قوية في وجه الكيان الصهيوني ودحض كل "أكاذيبه" الهادفة إلى تشويه صورة وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" وزعمه علاقتها بعملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر الماضي ضد مستوطنات في غلاف غزة المحتل، إذ خلص التحقيق إلى أن الكيان لم يقدم أي دليل على مزاعمه التي أدت إلى تعليق تمويل بقيمة 450 مليون دولار كانت تقدمها 16 جهة مانحة رئيسية، ما ساهم في تعميق آثار حرب الإبادة الجماعية ضد قطاع غزة والتسبب في توسيع نطاق المجاعة وسط السكان المحاصرين.
وكانت الولايات المتحدة و15 جهة تمويلية أخرى أعلنت في جانفي الماضي تعليق مساعداتها لوكالة "أونروا" في ضوء اتهامات صهيونية لاثني عشر موظفا في الوكالة بالمشاركة في عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر.
ورغم أن سلطات الاحتلال الصهيوني لم تقدم أي أدلة على هذه المزاعم، إلا أن ذلك أدى إلى تعليق تمويل بقيمة 450 مليون دولار من قبل 16 جهة مانحة رئيسية، وهو ما تسبب في تعميق الأزمة الإنسانية في قطاع غزة في خضم الحصار والحرب الصهيونية الوحشية على السكان.
وخلص تحقيق دولي مستقل، أول أمس، أشرفت عليه وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة، كاترين كولونا، إلى أن الكيان لم يقدم بعد أدلة داعمة لمزاعمه حول علاقة موظفين في الوكالة بعملية طوفان الأقصى أو انتمائهم إلى منظمات يقول الكيان إنها "إرهابية"، في إشارة إلى فصائل المقاومة الفلسطينية على رأسها حماس. وأحرج هذا التحقيق كل البلدان التي علقت تمويلها للوكالة وأثبت ضمنيا أنها "هرولت" لإرضاء الكيان رغم غياب أي دليل على مزاعمه، وهو ما يتناقض مع قيم الحيادية والموضوعية التي ترفعها هذه الدول وتدعي الاعتماد عليها في اتخاذ قراراتها.
وفي هذا السياق، دعا مفوض الاتحاد الأوروبي المسؤول عن إدارة الأزمات، يانيز لينارسيتش، أول أمس، المانحين الدوليين إلى دعم وكالة "أونروا" في أعقاب صدور التقرير الأممي.
ووفقا للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، فإن تجميد تمويل الهيئة الإغاثية في غزة أثناء العمليات العسكرية الصهيونية قد حوّل القطاع إلى "جحيم" إنساني، حيث يواجه سكانه البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة احتياجات ماسة للغذاء والماء والمأوى والأدوية.
بالمقابل، قال المفوض العام لوكالة "أونروا"، فيليب لازاريني، إن 160 من مقار الوكالة في قطاع غزة دمرت بشكل كامل.
وسبق للازاريني أن أكد أن "أونروا" تواجه حملة لإبعادها عن الأرض الفلسطينية المحتلة من طرف الحكومة الصهيونية التي تسعى في غزة إلى إنهاء أنشطة الوكالة، مشيرا إلى أن طلبات توصيل الإغاثة إلى الشمال يتم رفضها بشكل متكرر.
وأكد لانزيني أن منشآت "الأونروا" وموظفيها استهدفوا منذ بدء الحرب، ما أدى إلى مقتل 178 موظفا لديها في غزة منذ 7 أكتوبر الماضي.
وأضاف أن المنشآت التي أخلتها "الأونروا" في غزة استخدمت لأغراض عسكرية، بينما "تحدث موظفو الوكالة الذين احتجزتهم قوات الأمن الصهيونية عن شهادات مروعة لسوء المعاملة والتعذيب في الاحتجاز".
وبعيد إعلان نتائج التحقيق الأممي قالت وزارتا الخارجية والتنمية الألمانيتان في بيان مشترك، أمس الأربعاء، إن الحكومة تعتزم استئناف التعاون مع "الأونروا" في غزة.
وحثّت الوزارتان "الأونروا" على تنفيذ سريع لتوصيات تقرير المراجعة، بما يشمل تعزيز الرقابة الداخلية وتعزيز الإشراف الخارجي على إدارة المشروعات. وكانت بعض الدول الغربية استأنفت تمويل "الأونروا"، حيث كانت كندا السباقة في ذلك في التاسع من مارس الماضي، لتلتحق بها تواليا كل من السويد وأستراليا. وبعدها، استأنفت كل من فنلندا واليابان تمويل الوكالة بعد مشاورات مع مسؤولي الأونروا، علما أن اليابان تعد سادس أكبر جهة مانحة لـ"الأونروا".
تجدر الإشارة إلى أن النرويج من بين الدول الغربية القليلة، وربما الوحيدة التي لم توقف تمويلها رغم الضغوط التي مورست عليها من واشنطن والكيان، حيث جددت أول أمس دعوتها المانحين الدوليين إلى استئناف تمويل "الأونروا"، حيث أشار وزير الخارجية النرويجي إسبن بارت أيده في بيان "أكدت النرويج على أنه من غير المقبول معاقبة منظمة بأكملها، تضم 30 ألف موظف، وجميع اللاجئين الفلسطينيين بسبب أفعال سيئة مزعومة لعدد صغير من موظفي المنظمة".
وواصلت النرويج وهي من كبار المانحين لـ"الأونروا" تمويلها وحولت 275 مليون كرونة (26 مليون دولار) في فيفري الماضي، وهو ما يمثل حجم مساهمتها السنوية المعتادة دون توقف.
والتحقت فرنسا بالركب الشهر الماضي، قائلة إنها ستقدم أكثر من 30 مليون يورو للوكالة هذا العام لدعم عملياتها، بينما تعد ألمانيا أحدث الدول التي استأنفت تعاونها مع الوكالة.
وترفض واشنطن استئناف تمويلها رغم صدور التقرير الأممي المستقل، إذ أكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي: "فيما يتعلق بتمويلنا للأونروا، فإن هذا التمويل لا يزال معلقا"، مضيفا: "سيتعين علينا أن نرى تقدما حقيقيا هنا قبل أن يتغير ذلك".
كما لا يزال عدد من الدول لم تحدد موقفها بشأن استئناف تمويل وكالة "الأونروا"، وهي إلى جانب الولايات المتحدة، هولندا وإيطاليا وبريطانيا والنمسا وليتوانيا وسويسرا.
وتأسست "الأونروا" عام 1950، وتقدم خدماتها لحوالي 6 ملايين فلسطيني في الأردن ولبنان وسوريا وقطاع غزة والضفة الغربية المحتلة بما في ذلك القدس الشرقية.
ويسعى الكيان الصهيوني إلى تفكيك وكالة "أونروا" من أجل قطع أحد أهم القنوات الإغاثية التي يعتمد عليها سكان قطاع غزة في التزود بالغذاء والأدواء في ظل الحصار الصهيوني المفروض على القطاع منذ 2006. وعليه. فإن الهدف وراء السعي لتفكيك "أونروا" هو الحكم بالإعدام على قطاع غزة والقضاء على كل أسباب الحياة فيه لدفع سكانه إلى الهجرة قسرا، من أجل احتلاله وضمه إلى مشروع "إسرائيل الكبرى".