38serv
فتح لنا بيته وقلبه وذاكرته رغم كبر سنه، مسعود قشوط، وهو أحد إن لم يكن الوحيد الذي لا يزال على قيد الحياة من الذين شاركوا في معركة "القهاليز" الواقعة ببلدية الجبابرة، أقصى شرق ولاية البليدة، فكان لنا معه لقاء شيق بحضور نجله علي وحرمه المجاهدة.
بداية، نريد أن نعرف كيف حضّرتم لهذه المعركة ومن كان قائدها؟
في الحقيقة المعركة وقعت صدفة ولَم تكن في خططنا، حيث بعد المعركة التي قمنا بها في منطقة سوق الأحد بنواحي الاخضرية بالبويرة، انسحبنا متجهين إلى منطقة المتيجة بعد أن انضمت إلينا مجموعات أخرى لنصبح أربعين مجاهدا تقريبا. كان يوم رمضان ونحن صائمون وقصدنا قرية القهاليز للإفطار عند عدة عائلات ولَم ندر كيف علم الجيش الفرنسي بوجودنا هناك وأغلب الظن أنها من وشاية لأحد الخونة.
من الذي قاد المعركة وكم دامت وما هي نوعية الأسلحة التي استعملتموها؟
البطل الشهيد علي خوجة هو الذي قاد المعركة، وبعدما علمنا باقتراب العساكر الفرنسيين فنصبنا لهم كمينا محكما في منعرج خطير لم يتمكنوا من الإفلات منه، إذ فاجأناهم وتمكنا من إلحاق الجيش الفرنسي خسائر كبيرة والقضاء على عدد كبير منهم، وتمكنا من الاستيلاء على كمية كبيرة من الأسلحة والمعدات، المعركة دامت لأكثر من ساعة استعملنا خلالها أسلحة عسكرية.
للتذكير، المعركة انطلقت قبيل أذان المغرب والإفطار بدقائق بعد ذلك انسحبنا إلى مناطق آمنة غير بعيدة عن قرية القهاليز.
كيف كانت نتائج المعركة وما هو عدد الشهداء الذين استشهدوا فيها؟
استشهد في معركة القهاليز شهيدان وجرح اثنان، وتمكنا من الانسحاب كما سبق وقلت بعد القضاء على عدد كبير من العساكر الفرنسيين وبعدما غنمنا كمية هامة من الأسلحة.
كيف كان رد فعل الاحتلال الفرنسي، وكيف كانت تداعيات المعركة لدى الأوساط الشعبية؟
قام الجيش الفرنسي ومعه المعمرون يوم 10 ماي 1956 بحملة هستيرية لإبادة الموطنين العزل داخل مدينة مفتاح وقتل عددا كبيرا من المواطنين الأبرياء الذين كانوا متواجدين في المدينة.
للإشارة لقد تم تسليح المعمرين بعدما أنذرت الثورة أصحاب المزارع من المعمرين لترك المزارع والأراضي التي كانوا يستغلونها بمنطقة الاخضرية في البويرة، وأمهلتهم شهرا واحدا مذكرة إياهم أنها ليست أرضهم وبعد انقضاء المهلة لم يغادر المعمرون المزارع، فقام المجاهدون بالهجوم عليهم ومن يومها بدأت السلطات الاستعمارية في تسليح المعمرين. أما على المستوى الشعبي فقد كان لهذه المعركة وقعا كبيرا لدى المواطنين إذ رفعت من معنويات الشعب الذي أدرك أن الثورة قادرة على ضرب المستعمر أينما تريد ومتى تريد.
كلمة أخيرة؟
لقد آخت الثورة بين المجاهدين وتمكنت من توطيد العلاقة مع الشعب ولَم يكن المجاهد يسأل -بضم الياء- عن منطقته أو مدينته، حيث المجاهد يتنقل من منطقة إلى منطقة بعيدة عن منطقته، فأنا على سبيل الذكر من الاخضرية بالبويرة، فقد أصبت بجروح خلال معركة خضناها بدشرة تدعى "اولاد علي" تقع بين سطيف وميلة، كما شاركت في معارك أخرى مختلفة بالمدية، ولي أخ شهيد استشهد بمنطقة بشار مع العقيد سي الحواس.. الثورة التحريرية كانت عظيمة.