38serv
احتج ناشطون فرنسيون ورعايا جزائريون يقيمون بمدينة نانسي شمال شرق فرنسا، على مسعى سلطات المدينة إقامة تمثال للعقيد المظلي مارسيل بيجار، السفاح الذي قتل على يديه الآلاف من الجزائريين ومن سكان الهند الصينية، في خمسينيات القرن الماضي.
ونشر رافضو وضع التمثال نداء، نقلته وسائل إعلام محلية، يعلنون فيه تنظيم تجمع يوم 25 ماي الجاري للاحتجاج على القرار الذي اتخذته سلطات المدينة تمجيدا لبيجار وتاريخه. مؤكدين في ندائهم، بأن فرنسا "اعتمدت خلال حروبها الاستعمارية في الجزائر والهند الصينية، التعذيب كنظام للترويع وإخضاع السكان، مثلما يظهره مؤرخون في أعمالهم".
وأكد أصحاب النداء أن فرنسا "لازالت تصارع من أجل إخفاء ماضيها الاستعماري ونظامها العنصري، الذي هو مصدر جميع الانتهاكات العنصرية التي يعاني منها مجتمعنا حاليا"، معتبرين أن مساعي إقامة تمثال للسفاح بيجار في مدينتهم، بمثابة استحضار لهذا الماضي الاستعماري بما يحمله من مآس.
وانتقدوا بشدة المتحمسين للنصب المخلَد للمظلي، الذين وصفوهم بـ "أشد المعارضين لاعتراف فرنسا بالأخطاء التي ارتكبتها خلال ماضيها الاستعماري".
وأشرف على مشروع التمثال مؤسسة سميت باسم بيجار وتكفلت بتمويله.
وقد أنشأتها أرملته برعاية "مؤسسة فرنسا" بعد وفاته عام 2010. وفي منتصف مارس الماضي، احتج باحثون فرنسيون مختصون في التاريخ، بشدة، على قرار بلدية تول شرق فرنسا إقامة تمثال للعقيد بيجار.
وتساءل المؤرخان الفرنسيان المعروفان فابريس ريسيبوتي وآلان روسي في مقال طويل، نشره موقع "تاريخ الاستعمار"، حمل نبرة تنديد "كيف يمكننا التخطيط لإقامة تمثال للمظلي مارسيل بيجار، كما هو الحال في بلدية تول؟ وهل يعقل تمجيد ممارسة التعذيب الاستعماري الذي هو أحد رموزه".
وأعلن الباحثان عن ضغوط مارستها جمعية محلية على بلدية تول، التي ينحدر منها بيجار، لثنيها عن تنصيب التمثال بساحة المدينة.
وأكدا في مقالهما أنه "بينما ستقدم بلدية تول على هذا الفعل، أزالت فيه بلديتا باريس ومرسيليا اللوحات التي تكرم الماريشال بوجو، جلاد الشعب الجزائري أثناء الغزو الاستعماري".
ودعم الباحثان موقفهما بأحداث موثقة في الأرشيف الفرنسي، عن أعمال التعذيب التي ارتكبها المجرم بيجار، خلال "معركة الجزائر العاصمة" عام 1957، التي طالت مئات المناضلين الجزائريين الذين اعتقلهم البوليس الاستعماري. وعُرفت ممارسات التعذيب في تلك الفترة بـ "ملف الاعتقالات"، بقيادة أفواج الفرقة العاشرة للمظليين، تحت أوامر مباشرة من مارسيل بيجار.
وكان الشهيد الرمز العربي بن مهيدي من بين ضحايا هذه السياسة، وقال عنه بيجار معجبا بصموده ضد الانتهاكات التي تعرض لها قبل إعدامه شنقا: "لو أن لي ثلة من أمثال العربي بن مهيدي لغزوت العالم".