38serv
لا يُظهر أمين عام جبهة التحرير الوطني، عمار سعداني، عند تعاطيه مع “التعديل الحكومي الوشيك” أنّه قريب من “مصدر الوحي”، فكل مرة تتلاشى تنبؤاته بهذا الخصوص فلا يأخذ منها “لا حق ولا باطل”، وتتحوّل إلى مجرد فقاعات في الهواء. ويُلاحظ طيلة فترة حكم عبد العزيز بوتفليقة، منذ 1999، أن التعديل الحكومي أضحى لصيقا بالإشاعات والتأويلات، أكثر منه معلومة عامة تدخل في إطار النشاط العادي لرئيس الجمهورية.التعديل الحكومي عند الرئيس هو أقرب إلى “هواية” مارسها منذ وصوله إلى السلطة، وليس مجرد حق يضمنه له الدستور في مادته 79 ضمن الفقرة الأولى، التي تنص على أن “رئيس الجمهورية يعيّن أعضاء الحكومة بعد استشارة الوزير الأول”.ويُلازم بوتفليقة “طبع” يحرص على تكريسه في قرار يتخذه أو أمر يصدره، فلو تسرّب جزء من القرار أو الأمر يتراجع عنه مهما كانت تداعياته، فالمهم بالنسبة إليه الحفاظ على “السبق” لنفسه حتى وإن مارس فيه حقا أو واجبا دستوريا. ولبوتفليقة سوابق في مثل هذه المسائل مع وزرائه، خصوصا في ملف التعديلات أو التغييرات الحكومية.والشائع أن بوتفليقة غضب كثيرا وألغى تعديلا حكوميا في السنوات الأولى من حكمه، كان جاهزا في تلك الفترة، لأنه تسرّب آنذاك لجريدة وطنية نشرت قائمة الوزراء الجدد والمُقالين والمُحوّلين إلى قطاعات وزارية أخرى. ونقل بوتفليقة انطباع الغضب الذي انتابه إلى مجلس وزراء ترأسه، وقال فيما معناه إن هناك وزراء يشتغلون لفائدة تلك الصحيفة.وفي حادثة أخرى، تسرّب أيضا للصحافة، في السنوات الماضية، حركة تعديل حكومي في الساعات الأخيرة من إعلانها عبر بيان رئاسي، فاستشاط بوتفليقة غضبا وقرر إلغاء القائمة وجهّز أخرى، لكنه احتفظ بها لنفسه دون إبلاغ أحد بها، وطلب في يوم جمعة من أعضاء الحكومة الالتحاق بقصر الرئاسة دون عرضه أسباب الاجتماع، وبعد اكتمال العدد تسلّم كل وزير ظرفا يحتوي اسمه ومنصبه الوزاري الجديد، وطلب (الرئيس) منهم الجلوس في القاعة، حسب الترتيب البروتوكولي.وعلى ضوء هذا “السلوك” الذي كرّسه بوتفليقة في التعامل مع ملف حركة التعديل الحكومي لا يكف أمين عام جبهة التحرير الوطني، عمار سعداني، عن الحديث عن التغييرات الحكومية، انطلاقا من دفاعه عن منح حزبه حقيبة رئاسة الحكومة بحكم حيازة الأفالان على الأغلبية في البرلمان، مرورا بانتقاد عمل وزراء وفتح النار عليهم لحرق أوراقهم، وصولا إلى التنبؤ بتغيير حكومي باستعمال الآنية أي “خلال أيام”.ويحاول دائما سعداني إظهار نفسه قريبا من مصدر الوحي أثناء تطرقه لأخبار التعديل الحكومي، لكنّها نبوءات تسقط في الماء، فبتاريخ 8 جانفي نشرت “الخبر” تصريحا لسعداني يقول فيه، على هامش استقباله السفيرة الأمريكية جوان بولاشيك بمقر حزبه في العاصمة، إن “التعديل الحكومي سيكون هذه الأيام”، ثم في غضون الأيام نفسها التي يُفترض، حسب سعداني، إعلان حكومة جديدة تحاشى الخوض في الموضوع نهاية الأسبوع الماضي، مكتفيا بعبارة “سيكون”، لأن الرئيس مشغول بورشة تعديل الدستور.ويفسّر وزير الإعلام سابقا عبد العزيز رحابي هذا الغموض، في اتصال مع “الخبر”، بأن “مؤسسة الرئاسة في أزمة، وعندما يصبح قائد الجوق (يقصد رئيس الجمهورية) غائبا وصلاحياته تتلاشى بين مؤسسة الجيش ورجال الأعمال ينتج عن كل هذا شغور حقيقي لمنصب الرئيس وضعف الرئاسة، والدليل ظاهر في مسألة التعديل الحكومي”.ويقول رحابي: “ضعف مؤسسة الرئاسة نسجله أيضا عندما لا تجد الوزير الأول يتحدث عن التعديل الحكومي، فيما يفعله رئيس حزب (يقصد عمار سعداني) ويخوض فيه، لأن هذه الظاهرة من تداعيات عدم وجود خطاب موحد، وهذا الأخير يظهر موزعا بالاختلاف بين الوزير الأول ورجال الأعمال، والتعديل الحكومي في أصله ورقة لربح الوقت ومتنفس للسلطة من ضغط المعارضة وأحداث الخارج، وافتعال الملفات دليل أزمة”.ويذكر رئيس حزب “جيل جديد”، جيلالي سفيان، أن موضوع التعديل الحكومي لا يستحق التعليق عليه، وقال لـ”الخبر”: “كل الاحتمالات عن طرح الملف للنقاش واردة، إما بالون اختبار أو ربح الوقت أو غيرها من الحجج، لكن الأكيد أن أي تعديل لن يأت بجديد، فالغرض منه إلهاء المواطنين، لتناسي القضية الأساسية، وهي أن الجزائر تسير خطوة بخطوة نحو مرحلة خطيرة. وغليان سكان الجنوب لا يبشر بخير”.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات