38serv
ما تزال بلدية " القديد " غرب ولاية الجلفة تعيش على وقع أكبر حدث عرفته الجزائر والمتمثل في حالة اختطاف أو احتجاز أمدها طويل بنحو 26 سنة وهو رقم قياسي عالمي في حالات الاختطاف والاحتجاز، حتى أن هذا الاختطاف كان داخل البلدية وغير بعيد من منزل الضحية، فقد عاد الشاب الذي غادر أهله كهلا، وأوقفت مصالح الأمن المختطف الذي قام باحتجازه وهو في قوة الشباب وأصبح على أبواب الشيخوخة.
الحادثة التي استرعت اهتمام كل القنوات ووسائل دفعتنا للبحث عن قصة الشاب وأكبر تفاصيل ممكنة عنه. تقول مصادرنا أن عمر كان مولده سنة 1979 وسط عائلة من العائلات العريقة الأصيلة في البلدية معروفة بسيرتها المشرفة وفيها المجاهدون ومنها شهيد المنطقة المعروف " الملازم بن عمران ثامر " الذي سميت باسمه مؤسسات عديدة وحتى من ناحية الوالدة والأصهار فأغلبهم كانوا مجاهدين وفي نفس الوقت حفظة لكتاب الله معروفون في المنطقة الغربية بالولاية."
وعمر الطفل اكتفى بمراحل التعليم الأولى وكان خلوقا هادئا وهو سابع أفراد أسرته المكونة من تسعة أولاد ذكورا وإناثا واقتحم ميدان التكوين المهني بحي " بربيح " بعاصمة الولاية الجلفة خلال سنة 1998 حيث كان يتنقل إلى المركز للتكوين لأن بلديته لا يوجد فيها مركز للتكوين.
وفي هذه الفترة اختفى فجأة وبدأت رحلة بحث طويلة عنه بدأت بالتبليغات ناحية الشرطة والدرك الوطني والتنقل عبر عدة ولايات ووصلت حتى حصة " وكل شيئ ممكن " وجهت فيها أسرته النداء من أجل البحث عنه ولم يعثر له على خبر فاستسلمت الأسرة وسلمت أمرها لله وكان تفسيرهم الوحيد أن الجزائر تعيش فترة العشرية السوداء وقد يكون ضحية من ضحاياها ، إلا والدته المتوفية بحسرتها سنة 2013 كانت تؤكد للجميع بأن ابنها على قيد الحياة وانه قريب منها خاصة أن كلبه الذي يمشي معه دائما يجلس بالقرب من باب محتجزه ويصدر صوت الأنين وهو ما وصفته لنا عدة أطراف بالبلدية.
ولعل هذا السلوك من كلبه أثار حفيظة الجاني فدس له السم في الطعام ورمى به ميتا أمام باب بيت الضحية ذات ليلة ، معتبرا ان هذا آخر خيط قد يقود الباحثين لهدفهم قد قضى عليه قضاء مبرما ، لكن الأيام والسنوات كفيلة بأن تكشف أمورا وأسرارا فالكثير من السكان ومن أقاربه اطلعوا على منشور على صفحات التواصل الاجتماعي يؤكد بان ابنهم على قيد الحياة ويعيش عند " ب ع " بمسكنه فثارت الثائرة وبدأ الكل يبحث ويسأل وتم التبليغ لفرقة الدرك الوطني بالمنشور ، الذي قيل بأنه صادر عن اسم إمرأة " هي قريبة جدا من الجاني، ثم سرعان ما صدر منها منشور آخر بأنها مجرد مزحة لا أكثر كما قالت بعض المصادر، لكن أفراد عائلته بقوا في إصرارهم وبدأ بعضهم يربط أحداثا وتصرفات من الجاني منها حادثة مقتل الكلب ، ومنها أنه يرفض دخول أي أحد عنده البيت، ومنها شراؤه للأكل بعدد اثنين دائما وهو معروف أنه يعيش بمفرده لتبدأ الشكوك حوله ما بين مصدق ومكذب باعتباره يظهر شخصا عاديا في المجتمع يعمل حارسا وفي نفس الوقت له أغنام وماشية ، لتكون ليلة دخول أفراد العائلة وأقارب الضحية وبدأ التفتيش لكل غرف الدار وكان الجاني في حالة هدوء وبرودة أعصاب لكن بمجرد أن اقترب احد الباحثين كومة التبن بدأت ملامح التوتر عليه وحين كشف الغطاء ووجد " عمر " جالسا هادئا حينها حاول الفرار ، غير أن أفراد العائلة انتشروا في كل مكان وكانت فرقة الدرك الوطني قد أجهزت عليه وتم توقيفه ونقل الضحية معه إلى مقر فرقة الدرك الوطني وهناك تحولت كل البلدية إلى مقر الفرقة لتتأكد من صحة الواقعة والعثور على شخص بحثووا عنه في كل مكان إلا داخل بلديتهم .
وأما "عمر" الذي بدأ أقاربه وإخوته يحتضنونه ويبكون من شدة الفرح بدا عليه تلعثما في النطق ثم سرعان ما فكت عقدته وبدأ يسلم على من يعرفهم من الجيل المعاصر له ويناديهم بأسمائهم وقال لهم بأنني كنت أراكم من وراء النافذة داخل المنزل لكنني لا اٌقدر على أن افتح الباب واخرج إلي الخارج وكأن قوة قاهرة بداخلي تمنعني وتمنع حتى مناداتكم، وأنه كان يرى والده من وراء النافذة متجها إلى المسجد ويعرف الكثير من الأخبار بما فيها وفاة والدته، لكنه مرصود من طرف الجاني، فكأنه آلة يتحكم فيها كما يشاء ، وقال بأنني طلبت منه أن يأتيني بمصحف كي أقرأ فيه ورفض الجاني ذلك لأن بالبيت لا يوجد فيها أي مصحف، هذه أقوال قالها الضحية وهو في حالة نفسية صعبة لأنه لا يصدق أين هو وتم تحويله غلى الطبيب للكشف عنه والاطمئان على صحته ، وفي نفس الوقت تم نقله إلى مستشفى عاصمة الولاية في جناح خاص تحت الرعاية النفسية والصحية ولا يسمح بزيارته إلا لعائلته المقربة جدا.
وفي ذات الوقت كانت فرقة الشرطة العلمية قد وصلت أول أمس إلى بيت الجاني للتفتيش لمدة خمس ساعات او اكثر وتم نقل بعض الماشية من مسكن الجاني ، على ان التحقيقات بدأت تأخذ مجراها لتعرف تفاصيل أكثر وهل هناك بعض المتواطئين أو المتسترين عن جريمة احتجاز شنعاء غريبة لم تعرفها البلاد من قبل بهذه المدة وبهذه المعايير والظروف ، وقد تدخل هذه القصة العالمية .