38serv
تعيش جزيرة "كاليدونيا الجديدة" على وقع أحداث شغب أسفرت إلى وقوع أربعة ضحايا وتوقيف 200 شخص من بين المتظاهرين وأعمال حرق للمنشآت والمحلات التجارية، حسب بيان للمحافظة السامية للجمهورية الفرنسية، بعد إعلان حالة الطوارئ وحظر التجوال في أعقاب اندلاع المظاهرات، منذ ليلة الثلاثاء 14 ماي، على خلفية مصادقة الجمعية الوطنية على فتح القوائم الانتخابية والمشاركة في الانتخابات الجهوية للمواليد بعد اتفاق 1998 والمقيمين منذ عشر سنوات في كاليدونيا الجديدة.
قرر الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بعد اجتماع مجلس الدفاع والأمن الوطني إعلان حالة الطوارئ نهاية الأسبوع المنصرم، مع الدعوة لفتح حوار مع القوى السياسية من موالين للدولة الفرنسية والأحزاب المناضلة من أجل استقلال الجزيرة. كما التزم بعدم استدعاء مؤتمر الغرفتين في فرساي قبل شهر جوان القادم من أجل المصادقة على القانون الانتخابي الجديد بنسبة 60 بالمائة، شريطة إيجاد حل توافقي قبل الفاتح من شهر جويلية تاريخ الانتخابات الجهوية في الجزيرة.
أشار بيان المحافظة السامية للجمهورية الفرنسية لجزيرة كاليدونيا الجديدة، الصادر اليوم 17 ماي، إلى "سمح إعلان حالة الطوارئ بعودة الهدوء والسكينة في مدينة نوميا، رغم تعرض مدرسة وشركتين للتخريب، كما وصل الدعم الأمني من باريس. ونأسف لوفاة دركي وثلاثة مواطنين، وتسجيل 64 جريح في صفوف قوات الأمن والقبض على 200 متظاهر. بالتنسيق مع حكومة كاليدونيا باشرنا تنظيم عملية تنظيم تزويد السكان بالمواد الضرورية. تقرر تمديد حالة حظر التجوال في مقاطعة نوميا وضواحيها من الساعة السادسة مساء لغاية السادسة صباحا، ومنع التجمعات ونقل الأسلحة وبيع الكحول. وقف الرحلات التجارية في مطار تانوطوفا".
الجبهة الوطنية لتحرير الكاناك تطالب بسحب القانون
طالبت أحزاب اليسار الفرنسي وأحزاب مناضلة من أجل استقلال الجزيرة على غرار جبهة التحرير الوطني الكاناكي الاشتراكي" أفلان.ك.أس" بسحب "القانون وإنشاء لجنة حوار برئاسة شخصية تضمن عدالة الدولة". وصف جون لوك ميلونشون زعيم "فرنسا الأبية" خطوة الحكومة المصادقة على القانون الانتخابي "استعمار جديد". كما نظمت العديد من النقابات العمالية تحت رئاسة "الكونفيدرالية العامة للعمال" وقوى اليسار وأحزاب "كاليدونية" من بينها جبهة تحرير الكاناك والاشتراكية ونقابة عمال الكاناك والاتحاد الكاناكي تجمع، أمس الخميس، بساحة الجمهورية في باريس لمساندة الشعب الكاناكي والمطالبة بحل شامل.
اعتبر المناضلين من أجل إنهاء الاستعمار بأن فتح الهيئة الناخبة بمثابة تهميش للشعب الأصلي "الكاناك" وإعادة النظر في "مسار استقلال وتحرير" الجزيرة خلال فترة 20 سنة، المنصوص عليه في اتفاق نوميا 1998 والمتضمن تنظيم ثلاثة استفتاءات تقرير المصير من 2018 لغاية 2021. يسمح القانون الجديد في حالة تطبيقه بتمكين حوالي 25 ألف ناخب جديد من المشاركة في الاقتراعات الجهوية. عرف آخر استفتاء سنة 2021 فوز أصوات الجناح الموالي لبقاء الجزيرة تحت حكم الدولة الفرنسية، لكن هذه النتائج لم تعترف بها القوى السياسية المطالبة بالاستقلال بحكم مقاطعتها لهذه الانتخابات بسبب تنظيمها خلال فترة الحجر الصحي وجائحة "كوفيد 19". أفضت الاستفتاءات السابقة لنفس النتيجة لكن مع تصاعد ملحوظ للتيار المطالب بالاستقلال.
يرى تيار اليسار بأن محاولة ماكرون ووزير الداخلية جيرار دارمانان "المرور بقوة" ينم عن قصر النظر وإجهاض لاتفاق نوميا لوضع حد لحرب أهلية في جزيرة كاليدونيا الجديدة، التي تتمتع بحكم ذاتي تدريجي بناء على هذا الاتفاق. للتذكير فإن كاليدونيا الجديدة مستعمرة فرنسية منذ 1853 في عهد نابليون الثالث وهي أحد أقاليم ما وراء البحار تقع جنوب غربي المحيط الهادي بالقرب من استراليا على بعد 1500 كلم من باريس.
رسالة عزير ابن الشيخ الحداد تعيد للأذهان ملف المنفيين الجزائريين نحو كاليدونيا
أعادت رسالة نادرة لأحد المنفيين وهو عزيز ابن الشيخ الحداد التي اكتشفها مؤخرا الباحث احمد بن الصغير من الأغواط إلى الأذهان الجرائم الاستعمارية المقترفة ضد الجزائريين وخاصة أبطال مقاومة المقراني والحداد شيخ الطريقة الرحمانية سنة 1871 بحيث تحتوي الرسالة الموجهة للسلطان العثماني عبد الحميد الثاني تفاصيل عن معاناة المنفيين على متن سفينة لمدة خمسة أشهر نحو سجن جزيرة " كاليدونيا" وووفاة العديد من المنفيين في الطريق. ومحاولات هروب بعض المساجين من بينهم صاحب الرسالة عزيز الحداد نحو البقاع المقدسة قبل أن يلتحق به شقيقه. تفيد المعطيات المتوفرة بأن الاحتلال الفرنسي ما بين 1864 و1897 قام بنفي حوالي 2100 مقاوم جزائري نحو سجن كاليدونيا ويتواجد اليوم من بين سكان الجزيرة العديد من أحفاد المنفيين الذين اندمجوا مع سكان "الكاناك" الأصليين وشكلوا جمعيات للدفاع عن تاريخهم المشترك وباشرت حكومة كاليدونيا مؤخرا مشروع تسجيل وتصنيف سجن "كاليدونيا" ضمن التراث الإنساني لمنظمة اليونيسكو حفاظا على ذاكرة المساجين والمنفيين الذين عانوا من هذا السجن.