جولة خامسة من أجل الذاكرة المشتركة

38serv

+ -

تجتمع اللجنة المشتركة الجزائرية -الفرنسية للتاريخ والذاكرة اليوم بالجزائر العاصمة في خامس لقاء يجمع  مؤرخي البلدين،وسيتباحث أعضاء اللجنة مسائل وملفات تاريخية "مفتاحية"  لزيارة الرئيس عبد المجيد تبون إلى فرنسا الخريف المقبل.في مقدمتها ،مسألة الاعتراف بالمجازر التي حدثت خلال فترة الغزو الاستعماري للجزائر ومطلب استرجاع سيوف ومؤلفات معاهدات  ومتعلقات   الأمير عبد القادر و أيضا ما يتعلق بمطلب استرجاع وثائق أرشيفية أصلية تتعلق بحقبة الثورات الشعبية .

حل بالجزائر اليوم رئيس اللجنة الفرنسية المؤرخ بن جامين ستورا رفقة مدير الأرشيف الوطني الفرنسي و مدير المكتبة الوطنية الفرنسية للمشاركة في الاجتماع الثنائي الخامس الذي سيمتد الى غاية الرابع والعشرين من الشهر الجاري .حسبما علم من مصادر رسمية .

سيتباحث الوفد الفرنسي مع نظيره الجزائري،العمل التاريخي الخاص بفترة   الغزو العسكري  وآثاره على تركيبة المجتمع الجزائري  وما ارتبط بذلك من جرائم  نهب ومصادرة الأراضي لصالح الأوروبيين والتهجير القسري. وغير ذلك من الملفات التاريخية الشائكة.

ولفت رئيس اللجنة  المؤرخ الفرنسي في تصريح رسمي قبيل الزيارة  ، إلى ضرورة "العمل – خلال هذا الاجتماع - على دوافع وخلفيات الحملة الاستعمارية و مختلف مراحل التواجد الفرنسي في الجزائر ووضع محددات لمختلف المراحل و أبرز الشخصيات التاريخية  و تحديد المناطق التي تعرضت للمجازر بدقة وبحث علمي متجرد."

وبحسب ما جاء في مداخلة لبنجامين ستورا في لقاء رسمي قبيل الزيارة ، فإن الاجتماع سيتطرق الى مسألة جرد الأرشيف الموجود لدى بلاده  و الذي يخص الجزائريين ، كما سيتم العمل ،حسبه ،على تقييم ثنائي لما تم انجازه من الجانب الفرنسي و خاصة ما تعلق برقمنة 2 مليون ورقة أرشيفية عن تلك الحقبة "

ويتباحث الجانبان خلال اجتماع اليوم "مسألة استرجاع الوثائق ومطابقتها و خاصة ما تعلق بشخصية الأمير عبد القادر."

و بالنسبة للمؤرخ الرسمي للدولة الفرنسية  فإن  زيارة الرئيس تبون الى فرنسا تمثل  "فرصة للاعتراف بالماضي الاستعماري الفرنسي للجزائر والتدقيق بمنهجية علمية و بحثية للمجازر التي قام بها جيش الاحتلال ضد الشعب الجزائر في بدايات الغزو "

ويرى ستورا أن زيارة تبون تكتسي اهمية بالغة للجانبين، معبرا عن أمله في أن  تعزز التصالح مع الذاكرة بين البلدين داعيا الى  "الاهتمام  بالبعد المستقبلي للعلاقات "  

وبالرغم من التعقيدات التي تلف  فملف الذاكرة  بين الجزائر و فرنسا و تناقض المواقف بين الباحثين و السياسيين إلا ان ستورا الذي يتواجد بالجزائر، يرى  ضرورة  " التطلع نحو المستقبل ضمن نطاف تالشراكة بين فرنسا و افريقيا عموما "

واشار ستورا في هذا الشأن بان برنامج العمل  " طموح و ثري " موضحا  بأنه  يندرج ضمن مقاربة الجانب الفرنسي من أجل مصالحة الذاكرة.. "

 كما عرج على  سعي الجانب الجزائري لاسترجاع الأرشيف الخاص بالحقبة الاستعمارية ،  معتبرا بان "  العملية كبيرة  جدا بالنظر لضخامة الوثائق الموجودة لدى الجانب الفرنسي من جهة  و صعوبة تحقق ذلك دفعة واحدة  " وفي هذا المقام  جدد دعوته   الى نظرائه الجزائريين  "  للتركيز في البداية على حقبة القرن التاسع عشر و معرفة الكثير من الأحداث  بالنسبة للشعبين الجزائري و الفرنسي وخاصة الاحتلال التي يجهلها الكثيرون لدى الجانبين .. "

و لا يمانع ستورا من استرجاع الوثائق الاشريفية ، لكنه أرجع ذلك إلى  ضرورة المصادقة على قانون يجري إعداد  في المؤسسة التشريعية الفرنسية لتقنين تسليم بعض الوثائق و بعض الموجودات و المنقولات والتي لا تخص الجزائريين حسب. بل مستعمرات أخرى خاصة التحف الفنية والاثرية التاريخية و الأملاك التي نهبها الجيش الفرنسي في القرن 19 وهذا يتطلب إطار قانوني واضح." كما جاء على لسانه.

 وفي انتظار المصادقة على القانون، يؤكد ستورا أنه اقترح القيام بمبادرات و خطوات في إطار التحضير للزيارة التي يقوم بها الرئيس تبون الى فرنسا –متمنيا حدوثها – ومنها ما تعلق بشخصية الأمير عبد القادر التي تعتبر حسبه ،"شخصية جد مهمة "و لهذا أعرب عن تمنياته بأن تكون الزيارة  متوجة بتسليم سيوف الأمير و ملابسه و برنوسه و مؤلفاته الدينية و دواوين شعره و مصحفه الخاص.. وهي موجودات برأيه تستحق أن تسترجع أثناء زيارة تبون، مؤكدا في هذا الشان ، بأن هذا "موقف شخصي "  عبر عنه المؤرخ "من منطلق  أكاديمي ومثقف ."  أما  ما تعلق بموقف الدولة الفرنسية في هذا الجانب فقال ستورا بأنه  "يتوقف على قرار الرئيس ماكرون حول هذه المسائل ".

و بحديثه عن الزيارة ومصالحة الذاكرة  ذكر الأكاديمي الفرنسي، بأنه  طلب استرجاع عدد من الوثائق الأصلية الخاصة بفترة القرن التاسع عشر و منها المعاهدات التي وقعها الأمير عبد القادر و السلطات الفرنسية  منها معاهدة تافنة و معاهدة ميشيل ومعاهدات أخرى ووثائق تتضمن محادثات و مفاوضات بين الامير  و بين سلطات الاحتلال. اضافة الى " وثائق رسمية يمكن ان يسترجعها الجزائريون وكتب الأمير عبد القادر التي تصل إلى 3000 مجلد ومخطوط وهي مسالة محل دراسة من اجل تنفيذها وهو عمل طويل لقد بدأ فعلا .معربا عن تمنياته بأن يصل إلى نهايته ."

وبالنسبة للأرشيف الخاص بفترة الثورة التحريرية وما تعلق بها من وثائق تخص جبهة التحرير الوطني ،قال ستورا بأن فرنسا لا تملك  كل الوثائق الخاصة بالافلان ،لكنه دعا الجانب الجزائري، إلى تقديم  أسئلة محددة تتعلق بأحداث عاشتها الجزائر خلال  تلك الفترة بالضبط ، كعدد المفقودين الجزائريين  وظروف اغتيال بعض الشخصيات  ورموز الثورة  مثل مصطفى بن بوالعيد و العربي بن مهيدي وقال في هذا السياق " في تقريري قبل أربع سنوات كنت قد أشرت الى ضرورة الاعتراف باغتيال علي بومنجل و موريس أودان و طلبت  أشياء عملية وليس عموميات." وتابع :"نحن نفضل العمل على بحث تاريخي حول  إحداث ملموسة والخروج من العموميات والعمل على ملفات محددة مثل 17 أكتوبر .."

ما يجب العمل عليه،يضيف الباحث الفرنسي، "هو العمل على احداث و شخصيات ووثائق محددة و العمل على استرجاعها دفعة بدفعة ..وهو موقف معروف عني " يختم المؤرخ.