38serv
من جديد، يثير حلفاء المغرب الجدل بسبب عدم التزامها بالاتفاقات مع المخزن بخصوص الموقف من النزاع في الصحراء الغربية. وفي فصل جديد من هذا الجدل، استخدم رئيس دولة الاحتلال خلال لقاء تلفزي مع قنوات فرنسية؛ خريطة تظهر فيها حدود الصحراء الغربية منفصلة عن المغرب وبلون مغاير، ما أثار حفيظة المغاربة وشكل مادة دسمة للتندر على المخزن الذي أصبح محل ابتزاز بسبب الحدود الوهمية التي يريد أن يعترف له بها العالم.
ظهر رئيس حكومة الكيان الصهيوني في مقابلة بثت، مساء الخميس، على شاشة قناتي "أل سي إي" و"TF1" الفرنسيتين وهو يحمل خريطة للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يظهر فيها المغرب بالخريطة المعترف بها من طرف الأمم المتحدة، وتظهر حدود الصحراء الغربية منفصلة عن المغرب وبلون مغاير للون خريطة المغرب.
وخلفت الخريطة جدلا واسعا خاصة لدى النشطاء السياسيين في المغرب، وكتب الناشط السياسي بدر العيدودي في منشور له عبر موقع "إكس" في "لقاء مع قناة LCI، قام نتنياهو بالإشارة إلى خريطة المغرب، التي تكشف عن موقف إسرائيل من النزاع حول الصحراء الغربية.. وعلى الرغم مما قدمه المخزن من أصحاب (خاوة خاوة مع إسرائيل)، من تنازلات والمشاركة في حربهم ضد الفلسطينيين، فلا تزال إسرائيل غير داعمة لأطروحة مغربية الصحراء!".
وكتب الصحفي المغربي علي لمرابط على منصة أكس قائلا: "إسرائيل والصحراء.. نتنياهو يصفع المغرب ويسخر منه"، وأضاف في تدوينة أخرى قائلا: "صديقنا" رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الحليف الرئيسي والمتواطئ مع النظام المغربي، يعرض خريطة للعالم العربي بالمغرب منفصل عن الصحراء".
وذكر موقع "هسبريس" المغربي المقرب من مخابرات المخزن التي يديرها الياسين المنصوري، الذراع الأيمن للملك محمد السادس وزميل دراسته، أنها ليست المرة الأولى التي "يستفز فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي مشاعر المغاربة، إذ سبق أن برزت خريطة المغرب منقوصة من الصحراء، خلال استقباله رئيسةَ وزراء إيطاليا جورجا ميلوني"، وأوضح الموقع الالكتروني المغربي أن الواقعة الأخيرة جددت سخط وتذمر رواد مواقع التواصل الاجتماعي الذين انبروا إلى شجب هذه الممارسات الإسرائيلية.
وكان المغرب قد أعلن، شهر جويلية الماضي، أن محمد السادس تلقى رسالة من رئيس حكومة دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو يعلن فيها اعترف نظامهم الاستعماري باحتلال المغرب للصحراء الغربية، ومن المفارقات أن ينتظر المغاربة اعترافهم باستعمارهم لدولة أخرى من طرف نظام استعماري، وأكثر من ذلك في عز حرب إبادة يقودها من أصبحوا يصفونه بالمجرم بعد أن كانوا يصفونهم بالصديق، على قطاع غزة.
وبعد أن خلفت الخريطة جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، ووجهت انتقادات لاذعة من طرف رواد مواقع التواصل بالمغرب، وتحولت الخريطة إلى مادة للتندر على المغرب الذي لم يفز من تطبيعه مع الاحتلال في الصفقة الثلاثية في عهد ترامب بأي منجز، سواء من جانب الكيان الصهيوني أو من جانب الولايات المتحدة التي لم تعلن إدارة بايدن إلى اليوم عن موقفها من قضية الصحراء الغربية وتغريدة ترامب، أصدرت وزارة الخارجية لدولة الاحتلال بيانا قصيرا اعتذرت ككل مرة أن ما جرى مجرد خطأ "إسرائيل والمغرب خاوه خاوه ولن نتراجع عن اعترافنا التاريخي بمغربية الصحراء".
لكن التبرير الذي قدمته خارجية الكيان غير مقنع لعدة اعتبارات، أنه من المفروض أن لا يتم التعامل مع حليف بهذه الطريقة، خاصة في مسألة الخريطة، التي تعتبر المعركة الأم بالنسبة للمخزن وهم يعرفون مدى حساسية المسألة بالنسبة للمغاربة، حيث أنه يركز كل سياسياته الداخلية والخارجية على معركة الخرائط، وهي المعركة التي لم يفز بها إلى حد الآن، ويواجه انتكاسات حتى لدى الدول الحليفة له، وبالخصوص من طرف الكيان الصهيوني الذي أصبح يبتز المغرب بكل الوسائل.
ولا يستبعد أن تكون الخريطة وراءها هدف يريد الصهاينة تحقيقه، أو تنازل جديد يرمون لتحقيقه، مع العلم بأن اللوبي الصهيوني أصبح متحكما في مفاصل الحكم في المغرب، وحول نظام المخزن خادما مطيعا له، ولا يرد له طلبات، وإلا كيف يمكن أن نفسر مشاركة أكثر من 4 آلاف مغربي في الحرب الصهيونية على غزة، وفق ما أعلن عنه المؤرخ المغربي محمد البطيوي؟ كما أن المغرب فتح أجواءه لاختبار المسيرات الإسرائيلية التي يتم استخدامها في الحرب على غزة وتقتيل الشعب الفلسطيني.
وأكثر من ذلك؛ فإن مواقف النظام المغربي مداهنة للكيان الصهيوني، ولم يكن لمحمد السادس أي تحرك حقيقي بوصفه رئيس لجنة القدس خلال العدوان على غزة، كما أنه لم يتحرك على مستوى مجلس حقوق الإنسان الأممي الذي يترأسه حاليا، في ظل الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان والإبادة التي ينفذها جيش الاحتلال في غزة.
مرة أخرى، يصفع حلفاء المغرب المخزن في قضية الصحراء الغربية، ويظهرون للعالم بأن المغرب مجرد دولة وظيفية تسهر على تنفيذ الخطط والأجندات لهذه الدول، ولا يتعاملون معه كشريك جدي يكنون له كل الاحترام الذي يستوجب مراعاة مشاعره ومصالحه، بل ينتهزون كل سانحة لإظهاره في ثوب الخادم الذي لا اعتبار له، وما خريطة نتنياهو وعدم إعلان إدارة بايدن عن موقفهم من قضية الصحراء الغربية وسيادة المغرب المزعومة على الصحراء الغربية، إلا أكبر دليل على ذلك.