38serv

+ -

لا يزال موقف إدارة جو بايدن يصنع الجدل بسبب موقفها من الحرب الصهيونية على غزة، على كل المستويات بما فيها داخل الإدارة نفسها، فبعد استقالة مسؤولين من مناصبهم اعتراضا على التماهي مع الموقف الإسرائيلي يسعى هؤلاء اليوم للتأثير على موقف الأمريكي، في حين تتواصل التحركات الشعبية، وآخرها محاولة تطويق البيت الأبيض الأمريكي رفضا لدعمه الكيان الصهيوني.

وذكرت شبكة "سي أن أن" الأمريكية، أمس، أن مجموعة من المسؤولين الأمريكيين الذين استقالوا علناً بسبب سياسة إدارة بايدن في غزة، تتعاون للضغط على الإدارة لتغيير مسارها. وقدّم أكثر من 6 مسؤولين في إدارة بايدن استقالاتهم أخيراً، قائلين إنه لم يعد بإمكانهم العمل في الإدارة، في وقت غادر آخرون مناصبهم بهدوء، وفق الشبكة، وقالت الشبكة إن العديد من الأشخاص الذين استقالوا، قالوا علناً إنهم سيسعون للتأثير من خارج الإدارة.

وذكرت الشبكة أن المسؤولين السابقين في إدارة بايدن الذين استقالوا علناً، وهم جوش بول، هاريسون مان، طارق حبش، أنيل شيلين، هالا هاريت، ليلي غرينبيرغ كول، أليكس سميث، وسيتي غيلبرت، قالوا إنهم شعروا بأنه لم يتم الالتفات إلى وجهات نظرهم وخبراتهم ومخاوفهم، وبأن إدارة بايدن كانت تتجاهل عن قصد الخسائر الإنسانية الناجمة عن الحرب الإسرائيلية على غزة. وتحدث المسؤولون عن الضرر الذي شعروا به بسبب سياسة الولايات المتحدة بشأن الحرب على مصداقية البلاد، وأن الإدارة لم تدرك هذا التأثير.

وأكد جميع المسؤولين الذين استقالوا علناً وتحدثوا للشبكة، أن لديهم العديد من الزملاء الذين ما زالوا داخل الإدارة، لكنهم يوافقون على قرارهم بالمغادرة. وفي السياق، قال جوش بول الذي كان أول مسؤول أمريكي يستقيل علناً في أكتوبر، الذي كان مسؤولاً في وزارة الخارجية: "إننا نفكر كيف بإمكاننا استخدام اهتماماتنا المشتركة ومواصلة الضغط معاً من أجل التغيير". بدوره، قال هاريسون مان في حديثه مع "سي أن أن": "عندما يكون لديك العديد من المهنيين والمعينين الرئاسيين... الذين استقالوا بسبب هذه السياسة، فهذا مؤشر على أن هناك خطأ ما يحدث".

أما سيتي غيلبرت، الدبلوماسية المحترفة التي تتمتّع بخبرة تزيد عن عقدين من الزمن، فقالت للشبكة إنها كانت تعمل على التقرير الذي طال انتظاره بشأن استخدام إسرائيل للأسلحة الأمريكية، وما إذا كانت عرقلت وصول المساعدات الإنسانية، لكن في مرحلة ما، تمّ إبعاد الخبراء الذين كانوا يعملون على هذا التقرير، وتمّ نقله إلى مستوى أعلى، بحسب قولها. وأكدت غيلبرت أنها لم تطلع على التقرير حتى نشره في 10 ماي الماضي، الذي خلص إلى أنه "من المعقول تقييم" أن الأسلحة الأمريكية استخدمت من قبل القوات الإسرائيلية في غزة بطرق "تتعارض" مع القانون الإنساني الدولي، لكنه لم يصل إلى حدّ القول رسمياً إن إسرائيل انتهكت القانون.. وخلص التقرير أيضاً إلى أن إسرائيل لم تمنع تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة بطريقة تنتهك القانون.

وقالت غيلبرت تعليقاً على خلاصة التقرير إن الاستنتاج الأول كان "أكثر صدقاً مما كنا عليه"، لكن الاستنتاج الثاني "كان غير صحيح على الإطلاق". وأوضحت أن هذه الخلاصات ليست آراء الخبراء في الحكومة الأمريكية، ولا الخبراء في قضايا المساعدة الإنسانية، ولا آراء المنظمات الموجودة على الأرض في غزة، معتبرة أن استنتاج أن دولة الاحتلال لا تمنع المساعدات الإنسانية أمر مروع، مشيرة إلى أنها قررت عندها الاستقالة، ووصفت نتائج التقرير بأنها سياسية.

وأكدت أن المسؤولين المستقيلين على اتصال بعضهم ببعض، ويأملون في استخدام قوتهم الجماعية للتحدث في بيانات صحافية لإسماع أصواتهم بشكل جيد، والتحدث نيابة عن العديد من الموظفين الذين ما زالوا في الإدارة ولا يمكنهم التحدث لأنهم يرغبون بالاحتفاظ بوظائفهم. وقالت: "إذا استطعنا أن نكون مصدراً لمساعدة الآخرين في العثور على صوتهم، وإيجاد طريقة لمحاولة التأثير لإحداث بعض التغييرات في السياسة، فسيكون ذلك مفيداً"، مشيرة إلى أنه قد تكون هناك طرق جديدة يمكن للأشخاص داخل الإدارة من خلالها إسماع آرائهم المناهضة لسياستها.

إلى ذلك، قال هاريسون مان، وهو ضابط في الجيش، عمل في وكالة استخبارات الدفاع، وهو أول عضو في مجتمع الاستخبارات يقدّم استقالته علناً في نوفمبر الماضي، إنه نصح الأشخاص الذين ما زالوا في الإدارة، ولديهم مخاوف معينة، بكتابتها ومطالبة المشرفين عليهم بإعطائهم تأكيداً مكتوباً باسمهم أن ما يفعلونه يتوافق مع القانون الدولي والقانون الأميركي، ومع المعايير الأخلاقية للمنظمة التي يعملون بها.

وأوضح مان أن استقالته جاءت نتيجة اليأس بشأن مسار الحرب في غزة، لافتاً في حديثه إلى "سي أن أن"، إلى أنه كان واضحاً له في وقت مبكر أن الإسرائيليين سيقتلون أعداداً كبيرة من المدنيين بشكل عشوائي.

أمّا أليكس سميث، الذي عمل لمدة 4 سنوات في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، واستقال في ماي الماضي، فأشار إلى أنه كان يجد دائماً أن السياسات تجاه غزة "ناقصة"، وأن إحباطه بشأن السياسات الأميركية إزاء الحرب كان يتزايد.

 

كلمات دلالية: