وهران: هجيرة بالي فنانة شهيدة في غياهب النسيان

38serv

+ -

أوصى مراد ديدوش أحد مفجري ثورة نوفمبر بالدفاع عن أرواح الشهداء بعد سقوطهم في ميدان الشرف، تنطبق الوصية على روج المناضلة و الفنانة هجيرة بالي زوجة عبد الحليم رايس المتوفاة إثر حادث سيارة بتونس سنة 1960 و هي مدفونة بمقبرة" الجلاز" بتونس بالقرب من الفنان العربي حسان المدعو" حسيسان".

رحلت الفنانة هجيرة بالي ( كلتوم جبالي اسمها الحقيقي) سنة 1960 دون أن يكون لها الحظ في الاستمتاع بالاستقلال الذي ناضلت من أجله و التحقت بالفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني سنة 1958 برئاسة المناضل مصطفى كاتب بأمر من فيدرالية جبهة التحرير الوطني بفرنسا. التحقت رفقة زوجها الفنان عبد الحليم رايس ( بوعلام رايس اسمه الحقيقي) مباشرة من باريس نحو تونس لتنضم لأعضاء الفرقة الـ 35  الأوائل لتتحول فيما بعد إلى 52 عضوا، استجابة لأوامر قيادة الثورة الالتحاق بصفوف الجبهة في إطار استراتيجية الدعاية و " القوة الناعمة" دفاعا عن عدالة القضية الجزائرية.

 كانت الممثلة الوحيدة لمدينة وهران رفقة زميلها أحمد وهبي في الفرقة الفنية و هي المدينة التي ولدت فيها سنة 1928 بحي المدينة الجديدة من عائلة متوسطة الحال تتكون من 13 فردا تنحدر أصولها من منطقة القبائل و قرية " بوثواب" عرش آث عيذال ببجاية، قبل أن تستقر في مغنية ثم وهران في آخر المطاف، كان والدها تاجرا للألبسة و تلقت تعليمها في المدرسة الفرنسية و تعودت على مشاهدة عروض المسرح و الأفلام السينمائية، مما جعلها ترتمي في أحضان الفن و الطرب و المسرح . تزوجت بالفنان عبد الحليم رايس سنة 1947 و استقرت في الجزائر العاصمة ثم  انتقلت إلى فرنسا باسمها الفني الجديد " هجيرة بالي " و شاركت في الحصة الإذاعية" من كل فن شوية"  للفنان لحبيب حشلاف، الذي تحول إلى كاتب كلماتها و كان لها أول تسجيل عند أستوديو " باتي" سنة 1956 من بين عناوينه " الصلاة على النبي لحبيب" ثم تسجيل أخر " 45 تور" سنة 1958 من تلحين حداد الجيلالي بعناوين " توحشت بلادي – دير مزية - و بيا داق المور و ماك مالح يا وهران- علاش خبرك طوال- مال القدر قاسي". و هي من بين أوائل المطربات المؤديات للفن الوهراني " و الراي" في طبعته الأصيلة على غرار أحمد وهبي و بلاوي الهواري. تميزت بأدائها الرائع للطابع الوهراني الأصيل بقصائد خالدة مثل " بيا ذاق المور" للشيخ بن سمير و قصائد أخرى من الشعر الملحون. أدت عدة أدوار في المسرحيات الأولى للفرقة الفنية التي كتبها زوجها عبد الحليم رايس من بينها " أبناء القصبة- الخالدون- دم الأحرار- العهد" أثناء دورة فنية في مختلف البلدان العربية و الأسيوية و أوروبا الشرقية المساندة للقضية الجزائرية من بينها يوغوسلافيا أين أنجزت الفرقة الفنية التسجيل الوحيد.   

 التحقت بها شقيقتها الصغرى صافية المعروفة بوهيبة جبالي المولودة في أكتوبر 1933 بوهران  و انضمت لفرقة مسرح محي الدين بشطارزي في الجزائر العاصمة و شاركت في العديد من الأعمال المسرحية و تزوجت بالفنان الكوميدي محمد توري. ساهمت رفقة زوجها توري بصفته أول ملحن للطبعة الأولى للنشيد قسما في المجموعة الصوتية لأداء النشيد في قبو بناية بحي القبة في الجزائر العاصمة، قبل قرار جبهة التحرير إنجاز تلحين أخر بتونس من طرف محمد تريكي و أداء فرقة من الطلبة الميزابيين بتونس، لغاية التلحين الأخير من طرف المصري محمد فوزي. التحقت وهيبة بدورها بالفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني بتونس و بعد وفاة زوجه محمد توري عقدت قرانها مع الفنان العربي زكال ابن العائلة الثورية في القصبة العتيقة.

 و على الرغم  من كل النضالات المقدمة من طرف الفنانة هجيرة بالي و شقيقتها " وهيبة" من أجل استقلال الجزائر، من المؤسف تسجيل جحود تام و غياب أدنى اعتراف رسمي للفنانة سواء بإطلاق اسمها على مؤسسة ثقافية في مسقط رأسها بوهران أو إجراء بحوث أو إلقاء محاضرة حول مسارها خلال مختلف طبعات مهرجان الأغنية الوهرانية أو أغنية "الراي" بالنظر لمساهمتها في هذا النوع الغنائي من بين أوائل الأصوات النسائية على غرار أقرانها بلاوي الهواري و أحمد وهبي و بن زرقة و أحمد صابر، و الفنانة الوحيدة التي التحقت بالفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني بتونس.