38serv
ساهمت التجارة الإلكترونية في السنوات الأخيرة في تذليل رغبة الكثير من المواطنين في اقتناء المشتريات وتفادي التنقل لمسافات بعيدة، بالحصول عليها في مقرات سكنهم، غير أنها استفحلت بتفشي التجارة الإلكترونية جرائم النصب والاحتيال في هذه التجارة الافتراضية، وتسجيل آلاف الضحايا لتجار وهميين استغلوا نقص الوعي لدى المستهلك وارتباطهم بومضاتهم الاحتيالية للإيقاع بهم.
تحصي المصالح الأمنية في الأشهر الأخيرة العديد من قضايا النصب والاحتيال في التجارة الإلكترونية، مما يستدعي تكثيف حملات التوعية والتحسيس، وتطبيق القوانين، سيما الباب الثالث من القانون الخاص بالتجارة الإلكترونية، من خلال مراقبة الموردين والسهر على تطبيق قانون التجارة الإلكترونية بترسيخ العقد الإلكتروني وتمكين المستهلك من حقوقه لتفادي تجاوزات تفشت في الفترة الأخيرة، خصوصا وأن قانون التجارة الإلكترونية يتضمن 12 مادة لمعاقبة المخالفين.
وحددت المادة السادسة من القانون أن التجارة الإلكترونية هي نشاط يقوم بموجبه مورد إلكتروني باقتراح أو ضمان توفير سلع وخدمات عن بعد لمستهلك إلكتروني، عن طريق الاتصالات الإلكترونية، مع إبرام عقد إلكتروني عن بعد دون الحضور الفعلي، والمتزامن لأطرافه باللجوء حصريا لتقنية الاتصال الإلكتروني، ووجود نطاق يتضمن سلسلة أحرف أو أرقام مسجلة لدى السجل الوطني لأسماء النطاق تسمح بالتعرف والولوج إلى الموقع الإلكتروني.
وتؤكد المادة التاسعة من القانون إنشاء بطاقية وطنية للموردين الإلكترونيين لدى المركز الوطني للسجل التجاري، تضم الموردين الإلكترونيين المسجلين في السجل التجاري أو في سجل الصناعات التقليدية والحرفية، مع استحالة ممارسة النشاط إلا بعد إيداع اسم النطاق لدى السجل التجاري، وضرورة نشر البطاقية الوطنية لتكون في متناول المستهلك الإلكتروني.
وأبرزت المادة 11 متطلبات المعاملات التجارية الإلكترونية، كالتوثيق بعقد إلكتروني وتقديم رقم التعريف الجبائي والعنوان المادي والإلكتروني ورقم الهاتف ورقم السجل التجاري وشروط الضمان وخدمة ما بعد البيع، وكذلك إجراءات الدفع وآجال العدول وتحديد 3 مراحل إلزامية لطلبية المنتوج، وإلزامية الدفع الإلكتروني من خلال منصات دفع معتمدة.
والغريب أن التجارة الإلكترونية أصبحت في الكثير من الحالات مجالا واسعا للنصب والاحتيال، باقتراح سلع وهمية وأسعار مغرية وادعاء البيع بالتقسيط أو تطبيق تخفيضات من أجل جلب الزبائن، سيما النساء اللواتي تجدن حرجا في تقديم شكاوي وولوج مراكز الأمن والعدالة.
ولعل آخر القضايا التي تمكنت فصيلة الأبحاث للدرك الوطني ببئر مراد رايس من تفكيكها، شبكة مكونة من 4 أشخاص من بينهم امرأة تقوم بإيهام الضحايا بوجود شركة مختصة في الاستثمارات المالية والعقارية، بترويج نشاطها عبر منشورات إعلانية في مختلف منصات التواصل الإجتماعي، مقابل فوائد معتبرة، وهو ما سمح بتسجيل 600 ضحية قاموا بإيداع أموالهم، واسترجاع 13 مركبة فاخرة و5 ملايير سنتيم ويخت نزهة.
كما وضع، مؤخرا، عناصر فرقة مكافحة الجرائم السيبرانية بالمصلحة الولائية للشرطة القضائية، بأمن ولاية الأغواط، حداً لشبكة إجرامية وطنية متكونة من 10 أفراد، تتراوح أعمارهم بين 20 و30 سنة. الشبكة مختصة في النصب على الجمهور عبر شبكة الأنترنت، بعد عرض الضحايا لبعض مقتنياتهم "هواتف نقالة وألعاب فيديو" للبيع عبر مواقع التواصل الإجتماعي "فايسبوك"، ليتواصل معهم مجموعة من الأشخاص بحسابات وهمية لغرض شراء هذه المبيعات.
ويتم بعد الاتفاق على ثمن البيع موافاتهم بصور وصولات بريدية وصور بطاقات تعريف وطنية مزورة. وهو ما جعل الضحايا يكتشفون بعد إرسال مبيعاتهم إلى أفراد هذه الشبكة أنهم وقعوا ضحية نصب واحتيال لعدم تلقيهم مبالغهم المالية، مع حذف أفراد الشبكة لحساباتهم الإلكترونية وغلق هواتفهم النقالة.
وقد استدعى الأمر متابعة المتهمين بتكوين جمعية أشرار "شبكة وطنية" لغرض النصب على الجمهور باستعمال وسائل الاتصال، والتزوير في محررات مصرفية والمشاركة.
ورغم الحملات التحسيسية والتوعوية للمصالح الأمنية لتفادي الوقوع في شباك عصابات النصب والاحتيال باستخدام الوسائل التكنولوجية، فإن الضحايا من الجنسين ومن مختلف الأعمار وحتى المستويات التعليمية والاجتماعية، يتم استدراجهم بسبب الوسائل الاحتيالية المستعملة من طرف المحتالين للإيقاع بضحاياهم في ظرف وجيز.