38serv
ماذا لو لجأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المادة 16 من الدستور؟ سؤال يثار حاليا، على نطاق محدود، يسبق احتمال وقوع اضطرابات خطيرة في فرنسا إذا حصل اليمين المتطرف على الأغلبية في الانتخابات المسبقة المقررة يومي 30 جوان و07 جويلية 2024.
وتنص المادة، التي تناولتها مجلة "لوبوان" في موضوع نشرته اليوم الثلاثاء، على أنه "عندما تتعرض مؤسسات الجمهورية، أو استقلال الأمة أو سلامة أراضيها، أو تنفيذ التزاماتها الدولية لتهديد خطير وفوري، ويتوقف عمل السلطات العامة الدستورية بانتظام، يتخذ رئيس الجمهورية التدابير التي تفرضها تلك الظروف".
ونقلت المجلة عن "زملائنا في إذاعة أوروبا 1"، الذين بدورهم تحدثوا عن "شائعات من أروقة الإليزيه"، أن نقاشا دار بين إيمانويل ماكرون ومقربين منه، حول احتمال تفعيل المادة 16 في حالة "الفوضى البرلمانية أو عدم وجود أغلبية بعد الانتخابات التشريعية".
ولفتت "لوبوان" إلى فرضية شبيهة طرحت في وقت سابق، سرعان ما فندها خبراء دستوريون في وقتها، تعلقت بإمكانية ترشح ماكرون لعهدة ثالثة، علما أن الدستور يمنعها.
وقد عقدت المجلة هذه المقارنة، لتأكيد استبعاد الاحتكام إلى المادة 16الدستورية.
وتوضح المجلة السياسية العريقة، أن هناك سابقة واحدة استخدم فيها ما وصفته بـ"السلاح النووي"، منذ عام 1958 وبداية الجمهورية الخامسة، وذلك عندما وظف الجنرال ديغول المادة 16 في فترة 23 أفريل و 29 سبتمبر 1961، بعد محاولة الانقلاب في الجزائر، التي قادها مجموعة من الضباط المتقاعدين، تعبيرا عن رفضهم ما اعتبروه "منح الجزائر الاستقلال".
وعرفت الواقعة التاريخية بـ"انقلاب الجنرالات".
فقد سمحت تسعة أشهر من السلطات الاستثنائية للجنرال بإعادة النظام، واتخذت خلالها سلسلة من التدابير بشكل سري ليس لها علاقة واضحة بأحداث الجزائر، وفق ما كتبته المجلة، في إشارة إلى أن المادة 16 استعملت غطاء لممارسات استبدادية.
مؤكدة أن "الأوامر التي أعطيت للعسكريين والمدنيين للبقاء في طاعة السلطة القانونية، في رسالة إذاعية وتلفزيونية ألقاها (دوغول) بالزي العسكري وبنبرة صارمة، في 23 أفريل1961، تركت أثرا في اللاوعي الجماعي". متسائلة:"هل سيكون إيمانويل ماكرون الرئيس الثاني للجمهورية الخامسة الذي يفعّل المادة 16، التي لم يجرؤ أي رئيس آخر على استخدامها منذ ديغول؟ هل يمكنه أن يفكر بجدية، في سن 46، ببدء مسار ديكتاتوري؟".
ويشرح المقال أن فرض "السلطة الكاملة"، سيشكل انتهاكا لمبدأ فصل السلطات التنفيذية والتشريعية .
وتستبعد المجلة هذا الاحتمال، لأن ماكرون سيكون مقيَدا بشرطين: الأول يجب أن تكون المؤسسات واستقلال الأمة و سلامة الأراضي، أو تنفيذ الدولة التزاماتها الدولية "مهددة بشكل خطير وفوري " وليس "أو".
و الثاني: يجب أن "يتوقف عمل السلطات العامة الدستورية بانتظام".
وهذا يعني أن مجرد حدوث تعطل برلماني لا يكفي للسماح لرئيس الدولة بتفعيل هذه المادة، حسب "لوبوان".
كما يوجد حاجز آخر أمام هذا الاحتمال، تضمنه التعديل الذي أدخل على الدستور في 23 جويلية 2008.
فقد نصت فقرة جديدة على أنه "بعد ثلاثين يوماً من ممارسة السلطات الاستثنائية، يمكن لرئيس الجمعية الوطنية، ورئيس مجلس الشيوخ، أو 60 نائبا أو سناتورا أن يطلبوا من المجلس الدستوري فحص ما إذا كانت الشروط المنصوص عليها في الفقرة الأولى (لفرض السلطات الاستثنائية) مستوفاة".
ما يعني أن إحدى غرفتي البرلمان، يمكن أن تقف عائقا أمام رغبة محتملة لدى الرئيس اللجوء إلى المادة 16.