"العلاقة بين الجزائر وباريس لن تكون كالسابق"

38serv

+ -

يرى البروفيسور حسني عبيدي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة جنيف، بأن العلاقة بين الجزائر وفرنسا، ستكون مختلفة في الشكل والمضمون عما كانت عليه في الفترات السابقة في حال وصول اليمين المتطرف إلى السلطة من عدمه.

قال عبيدي في مقابلة مع "الخبر"، إن الجزائر أكبر دولة معنية بتغيير الأغلبية في فرنسا والأكثر تأثيرا بوصول التجمع الوطني بزعامة مارين لوبان إلى السلطة، وذلك لعدة عوامل، أهمها العلاقة بين زعيمة الحزب ووالدها جون ماري لوبان مؤسس الحزب الذي اعترف بقيامه بعمليات تعذيب في الجزائر إبان ثورة التحرير.

كما أن جزء معتبر من الوعاء الانتخابي الذي ضمن تصدّر اليمين المتطرف لنتائج الانتخابات البرلمانية، لديه علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالجزائر، حسب حسني عبيدي.

وتابع بأن "العامل الثاني يتمثل في المعارضة المستمرة للحزب المتطرف للمشاريع التي تقدمت بها الأغلبية الرئاسية أو الأحزاب الأخرى في صالح التقارب بين الجزائر وفرنسا أو في ملف الذاكرة، حيث كان يرفض حزب لوبان أي تقدّم في العلاقة بين البلدين، إضافة إلى التواجد الكبير لعدد كبير من الفرنسيين ذوي الأصول الجزائرية في فرنسا والذين يساهمون في الحياة الاقتصادية والسياسية والثقافية الفرنسية".

ولفت المتحدث الانتباه إلى وجوب التفريق بين السلوك الانتخابي لحزب خارج السلطة يريد ضمان جميع الأصوات وبين الأداء الحكومي لحزب سياسي يصل إلى السلطة ويكون مجبرا على سلوك أكثر واقعية.

كما أن السياسة الخارجية، حسب الدستور، تبقى من صلاحيات رئيس الجمهورية"، وبالتالي من الصعب جدا – حسبه- جدا أن يتم إحداث تغيير كبير في السياسة الخارجية في ظل السنوات المتبقية من عهدة إيمانويل ماكرون.

وأضاف عبيدي أن رئيس الحكومة إذا كان من اليمين المتطرف لديه أولويات تختلف عن أولويات ماكرون، وسيبدأ اليمين المتطرف قبل كل شيء بالداخل الفرنسي ولديه تحفظات عديدة وكبيرة على سياسة فرنسا الخارجية تجاه روسيا وفي الملف الأوكراني وفي علاقاتها مع دول الاتحاد الأوروبي".

وخارج الدائرة الأوروبية، يؤكد المتحدث أن الجزائر ستكون الدولة الأكثر حضورا في الملفات التي يتم إعدادها من قبل اليمين المتطرف حال وصوله إلى السلطة في ملفات الذاكرة والعلاقات بين فرنسا والجزائر ومستقبل اتفاقيات إيفيان التي هدد جزء من اليمين بفسخها، وقضية الصحراء الغربية التي يهتم بها شريك التجمع الوطني أريك سيوتي والذي يطالب بالاعتراف بمغربية الصحراء الغربية.

بالمقابل تحتفظ الجزائر، حسب عبيدي، بأوراق ضغط مهمة جدا تتمثل في حجم التواجد الجزائري في فرنسا والذي يمكن أن يشكّل صوتا انتخابيا مؤثرا أثبت فعاليته في العديد من الانتخابات.

أما الورقة الثانية، فهي طبيعة العلاقات بين الجزائر وفرنسا الاستثنائية والتي يغلب عليها الطابع التاريخي والعنصر الإنساني وكذلك المصالح الاقتصادية المهمة، خاصة منذ الحرب على أوكرانيا والأزمة الطاقوية.

ويري المصدر ذاته، أن تعثر سياسة فرنسا في الساحل يدفعها للاحتفاظ بعلاقة مستمرة مع الجزائر، وهذه العناصر حاضرة في حسابات اليمين المتطرف، سواء وصل إلى السلطة بأغلبية مطلقة أو الأغلبية النسبية.

وختم مؤكدا أن العلاقة بين الجزائر وباريس في حال وصول اليمين المتطرف إلى السلطة من عدمه، ستكون مختلفة في الشكل والمضمون عما كانت عليه في الأزمنة السابقة. هنا يكمن دور صانع القرار في الجزائر الذي فشل، حسبه، في قراءة موضوعية واستشرافية تمكّنه من استباق الحدث وذلك بالاستعانة بمراكز البحث والخبراء لقراءة المشهد الفرنسي والأوروبي وتداعياته على الجزائر.