38serv
يتعرض لاعب ريال مدريد ونجم المنتخب الفرنسي، كيليان مبابي، ذي الأصول الجزائرية، إلى حملة تشويه غير مسبوقة من قبل حزب اليمين المتطرف، فقط لأنه دعا لقطع الطريق في الانتخابات عن وصول "هؤلاء الناس" إلى الحكم، ويواجه الدولي الجزائري يوسف عطال حملة مماثلة لمنع نادي أولمبيك مرسيليا من توقيع عقد معه، بحجة سوابقه في دعم القضية الفلسطينية، وهناك خيط يجمع بين الاثنين، الحملة يقودها تحالف بين اليمين المتطرف واللوبي اليهودي. مثلما حدث بالأمس، بفضل مرسوم كريميو المعتمد عام 1881، حيث حصل يهود الجزائر على حق الحصول على الجنسية الفرنسية وتبنوا تدريجيا ثقافة ولغة وعادات المجتمع الاستعماري، على الرغم من أنهم عاشوا في الجزائر لعدة قرون معززين مكرمين، لكن إذا كانت قلة قليلة منهم فقط قد رفضت النظام الاستعماري، فقد انضمت إليه شخصيات بارزة من هذه الطائفة دعّمت النظام الاستعماري في الجزائر وساعدت في قمع المناضلين والناشطين الجزائريين الرافضين للوجود الاستعماري، فهو أمر يتكرر اليوم بمناسبة الانتخابات الفرنسية، حيث تحول التقارب بين اليمين المتطرف الذي شارك في مسيرة 12 نوفمبر 2023 ضد ما سمي بـ "معاداة السامية"، إلى جانب تنظيم المجلس اليهودي "الكريف"، إلى نوع من التحالف المهيكل شعاره محاربة "الجالية المسلمة" تحت غطاء منع "المهاجرين" بالنسبة لليمين المتطرف ومحاربة "الإرهاب" بالنسبة للثاني.
محصلة هذا التحالف، أن اليمين المتطرف الذي كان مرفوضا انتمائه إلى الأحزاب الجمهورية، تحوّل بفضل المسيرة المساندة لإسرائيل غداة عملية "طوفان الأقصى"، إلى حزب أسقطت عنه تهم "العنصرية" و"الكراهية للأجانب" ومعاداته للسامية التي ألصقت، بعد عشية وضحايا، إلى تيار اليسار (حزب فرنسا الأبية)، في انقلاب مصلحي ظرفي يلتقي في "كراهية الإسلام"، فاليمين المتطرف استطاع مخادعة جزء من الشعب الفرنسي عن تغيير جلده، بفضل تمكينه من تحسين صورته عبر فتح وسائل الإعلام أمامه بشكل غير مسبوق التي يملكها اللوبي المالي بفرنسا، على غرار قنوات أوروبا 1 و"سي نيور" و"سي 8"، إلى درجة أن هيئة مراقبة السمعي البصري في فرنسا "أركوم"، اتهمت تلك القنوات بعدم احترام التعددية وحريات الرأي بسبب تحولها إلى بوق دعائي للترويج لأطروحات اليمين المتطرف.
وفي المقابل وجد اللوبي اليميني الإسرائيلي في معاداة حزب اليمين المتطرف للإسلام الذي يمرره تحت عباءة رفض "الهجرة"، بوابة يستعملها لضرب عصفورين بحجر واحد، استعمال حزب يوجد قاب قوسين من الوصول إلى السلطة، بعد تراجع حزب الأغلبية عند الفرنسيين، لتمرير أفكاره عبره والسعى من وراء ذلك إلى تلميع صورة إسرائيل التي توجد في الحضيض وقيادتها مطلوبة لدى محكمة العدل الدولية بسبب الإبادة في غزة.
ولا غرابة في ظل هذا المخطط، أن يتحول النجم العالمي كيليان مبابي إلى عدو بالنسبة لليمين المتطرف يقتضي تشويه صورته، من خلال الحملة التي شنتها عليه قناة "سي نيوز" اليمينية المتطرفة، وذلك حتى يسهل تمرير العقاب الجماعي ضد مزدوجي الجنسية وخصوصا العرب الذين هم محل شبهة بالنسبة لليمين المتطرف، ولذلك يمنع عليهم الولوج لبعض الوظائف الحكومية، وهم بالتالي مواطنون من الدرجة الثانية، لكن لاشىء يقال على مزدوجي الجنسية الذين يحاربون مع الجيش الإسرائيلي في الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين التي تحدّث عنها زعيم فرنسا الأبية، جون لوك ميلنشان، والتي جعلته يصنّف رفقة الدبلوماسي دوفيلبان ورولان دوما وروبير فدرين ضمن المعادين للسامية، ويفهم أيضا لماذا يريد تنظيم "الكريف" الرمي بضغطه لإجهاض صفقة انتقال اللاعب عطال إلى مدينة مارسيليا التي ظلت مستعصية على تدجينها، ويعتقد أنه الظرف المواتي لتجريب نفوذهم مجددا برفقة اليمين المتطرف.