38serv
تسجّل الجزائر خلال هذه الصائفة، نقاط امتياز في مجال مكافحة حرائق الغابات، على عكس سنوات سابقة عاشت إبانها البلاد أسوأ الكوابيس، في ظل استفحال الظاهرة التي تعتبر فيها يد الإنسان المسؤول الأول والمباشر.
من جهتها، كشفت مصالح الحماية المدنية، أمس الأحد، عن انخفاض في المساحات الغابية المحروقة بـ 83 % مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية.
ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية، على لسان المفتش لدى المديرية العامة للحماية المدنية، العقيد فاروق عاشور، أنّ "المخطط الاستراتيجي للوقاية من الحرائق ومكافحتها المعتمد هذه الصائفة أتى ثماره، حيث تمّ إخماد كل الحرائق المندلعة في وقت وجيز، كما جرى تقليص المساحات المتضررة من الحرائق، بفضل تحقيق التكامل بين الإنذار المبكر، والتدخل الاستباقي عبر والوسائل الجوية والتدخل ميدانياً براً وجواً".
وأبرز العقيد عاشور، أنّ المخطط حرص على تدارك النقائص المسجلة في السنوات السابقة، وارتكز على 3 محاور، بدءاً من الجانب الوقائي الذي يركّز على عمليات التحسيس والتوعية، سيما بالنسبة للمواطنين المتواجدين في مناطق الخطر، والاعتماد على التنسيق بين مختلف القطاعات للاستخدام الأمثل للإمكانيات، إلى جانب دراسة وتحليل المخططات الماضية لتحضير مخطط أكثر نجاعة، يمكن من الاستغلال الأمثل للإمكانيات البشرية والمادية المخصصة ورفع درجة التأهب".
تسخير 12 طائرة إطفاء للتحكم في الحرائق
وأشار العقيد عاشور، في معرض حديثه، إلى "تسخير 505 وحدات تدخل، على مستوى الولايات المعنية بالخطر، 65 رتلا متنقلا، وحدات متخصصة في حالة الحرائق، و5 مفارز جهوية جاهزة لتدعيم الوحدات الولائية، يؤطرها أزيد من 20 ألف عون من مختلف الرتب ذات التخصص".
كما تمّ "تدعيم الإمكانيات الجوية لمكافحة الحرائق، باستئجار 12 طائرة، فضلاً عن الوسائل المعتبرة للجيش الوطني الشعبي"، فضلاً عن "مرافقة الفلاحين منذ بداية موسم الحصاد إلى نهايته، بغية ضمان سلامة المحاصيل والمساهمة في الأمن الغذائي بوضع جهاز تدخلي على مستوى المساحات الزراعية الكبرى ورفع درجة وعي الفلاحين وتكوينهم لتقليل الخسائر".
من جهة أخرى، تطرّق العقيد عاشور، إلى "تعزيز مجال استعمال الرقمنة والذكاء الاصطناعي في وضع خطط التدخل، لتحديد مؤشرات الخطورة وتحديد المناطق الأكثر تعرضاً للخطر، لاتخاذ القرار الصحيح في مواجهة الكوارث".
خسائر فادحة في الغطاء الغابي خلال السنوات الثلاث الأخيرة
تحصي الجزائر خلال السنوات الأخيرة، خسائر بشرية ومادية وحيوية مهولة ناجمة عن حرائق الغابات، ففي سنة 2021 سجلت وزارة الداخلية والجماعات المحلية، 103 حالة وفاة في عدد من ولايات الوطن، وخسائر بقيمة 15.65 مليار دينار في الثروة الزراعية والحيوانية، والسكنات، ومساحة غابية محروقة بلغت 100 ألف هكتار في 1631 بؤرة، في 16 ولاية، ولعلّه الأمر الذي دفع الحكومة آنذاك إلى الإعلان عن خطة لرفع الغطاء الغابي إلى 4.7 ملايين هكتار بحلول عام 2035، وإعادة تأهيل النظم البيئية المتضرّرة.
ومع مباشرة مخططات الطوارئ، وتفعيل الإجراءات الاستباقية التي من شأنها أن تساهم في التحكم في الحرائق، على غرار كراء طائرات متخصصة في إطفاء الحرائق، وتكثيف الحملات التحسيسية، ودوريات الرقابة والتفتيش، سجلت ذات هيئة التنفيذية في العام 2022، 47 حالة وفاة، وخسائر بقيمة 1.5 مليار دينار في الثروة الزراعية والحيوانية، السكنات، ومساحة غابية محروقة قدّرت بـ 28 ألف هكتار في 1604 بؤرة.
أما خلال العام الماضي، الذي شهد تمركز مرتفع للضغط الجوي فوق المنطقة المغاربية، والجزائر بشكل أخص، وهو ما يطلق عليه بـ "قبة الحر العظمى"، فقد تسببت الحرائق المسجلة إلى غاية 31 أكتوبر 2023، في إتلاف أكثر من 41 ألف هكتار من المساحات الغابية، موزعة على37 ولاية متضررة، فيما أتلفت أكثر من 24 ألف هكتار من هذه المساحات خلال شهر جويلية فقط، خاصة في ولايات بومرداس، وتيزي وزو، وبجاية، وسكيكدة.
وخلال العشر سنوات الأخيرة، وحسب البيانات الرسمية التي قدّمها الحكومة خلال المؤتمر الدولي للبيئة في مدينة ستوكهولم بالسويد العام الماضي، فإن الجزائر فقدت أكثر من 30% من غطائها النباتي بسبب الحرائق التي التهمت آلاف الهكتارات من الأراضي الغابية والزراعية، أي ما يراوح ما بين 30 و40 ألف هكتار سنوياً، بالإضافة إلى أسباب أخرى تتعلّق بالتصحّر.