كرونولوجيا فرض الانسداد في الوفاق

38serv

+ -

في الوقت الذي حرصت السلطة على تخليص كرة القدم الجزائرية من إرث التسيير الكارثي والعشوائي الذي قادها إلى حالة انسداد، تقريبا، مع الاتحادية الدولية لكرة القدم، بسبب تراكم ديون اللاعبين والمدربين على عاتق الأندية، تأتي الممارسات نفسها لتفرض نفسها، عنوة، مرة أخرى، على المشهد الكروي، بقرارات خارج القانون، وكأن ثمة قوى خفية، ترفض قبول إنهاء عهد الضرب تحت الحزام المبني أساسا، ليس على خدمة الجمعية، وإنما استخدامها لأغراض تثير المخاوف.

ما يحدث على مستوى النادي الهاوي لوفاق سطيف، اليوم، أقوى دليل على أن أمام السلطة مزيدا من الوقت والجهد لردع هواة الخروقات القانونية غير البريئة، بل إن مجريات وإجراءات تجديد إدارة النادي الهاوي لوفاق سطيف ارتقى وبامتياز ليكون النموذج السيء الواجب تفاديه بل ومحاربة حماته ورعاته.

وعلى خلاف كل الأندية الرياضية الهاوية، قد امتثلت لأحكام تعليمة وزير الشباب والرياضة تحمل رقم 002 والمؤرخة في 25 جوان 2024 وتتعلق بتجديد الهيئات المسيرة المحلية لهياكل التنظيم وتنشيط الرياضيين للعهدة الأولمبية 2024 / 2028، فإن النادي الهاوي لوفاق سطيف أريد به قسرا أن يشكل استثناء بائسا يكرس به ذلك التجاوز المرفوض، ليس على القانون فحسب، وإنما أيضا على حق الفرد في الترشح لتسيير الأندية، وعلى حق النادي نفسه في الابتعاد عن حالات الانسداد المنبوذة والمفروضة أحيانا عن قصد، حتى يؤدي هذا النادي دوره الحقيقي، وهو الرياضي والتربوي.

متاعب الوفاق بدأت قبل انعقاد الجمعية العامة العادية، الأخيرة في عهدة الرئيس السابق، كمال لافي، حين قرر، دون المرور على الجمعية العامة صاحبة السيادة، رفع قيمة اشتراكات الأعضاء السنوية إلى 10 ملايين سنتيم، في وقت جرت فيه العادة وعلى مستوى كل الأندية الرياضية الهاوية ألا تتعدى قيمة الاشتراكات السنوية قيمة 5 آلاف دينار جزائري.

وأمام هذا القرار الذي لا يمثل إطلاقا إرادة الجمعية العامة، فإن الرئيس المنتهية عهدته جرد "أصحاب السيادة" من حقهم في الإحتفاظ بالعضوية، وقد أدى ذلك إلى عدم قدرة 26 عضوا من أصل 39 عضوا من تسديد الاشتراكات، ما ترتب عن ذلك "قانونا" سقوط عضويتهم، لتتقلص قائمة أعضاء الجمعية العامة لنادي وفاق سطيف إلى حد أدنى غير مسبوق ولم يشهده أي ناد من قبل وهو 13 عضوا فقط.

قرار الرئيس المنتهية عهدته قاد النادي، منطقيا، إلى حالة انسداد، كون من حضر أشغال جمعيته العامة العادية الأخيرة بلغ عددهم 12 عضوا، وقد غاب عضو واحد بسبب العجز الجسدي الذي يعاني منه، وعليه، فقد أصبح، بموجب ذلك، أمرا مستحيلا التقيد بالجوانب القانونية المفروضة على الأندية لتحضير العملية الإنتخابية.

ومثلما جاء في مراسلة الوزير من تذكير بالأحكام القانونية التي تضبط إجراءات تجديد الهياكل، فإن تقلص عدد أعضاء الجمعية العامة للنادي الهاوي لوفاق سطيف إلى 9 أعضاء (على الأقل) بدلا من 12 عضوا، واقعا لا مفر منه، طالما أن الجمعية العامة العادية التي تم تحديد خلالها تاريخ 15 أوت لانعقاد الجمعية العامة الانتخابية، انبثق عنها ثلاث لجان، هي لجنة الترشيحات ولجنة الطعون ولجنة تسليم واستلام المهام، على أن تتكون كل لجنة، حسب تعليمة الوزارة، من 3 إلى 5 أعضاء بينهم الرئيس، غير مترشحين للانتخابات.

وعلى ضوء ما ورد في التعليمة، وحقيقة تركيبة الجمعية العامة لوفاق سطيف، طبعة كمال لافي، إن إضافة عضوين اثنين إلى كل لجنة من أعضاء الجمعية العامة (بجانب رئيس كل لجنة)، فإن تركيبة الجمعية العامة، ممن يحق لهم الترشح لمنصب الرئيس ومنصبه عضو المكتب التنفيذي ستتقلص إلى 3 أعضاء من أصل 9 أعضاء باقون، وحين نستثني المترشحين الثلاث للرئاسة، وهم هشام بوعود وزكرياء خَرَّة وسليم شَنشني، فإن تركيبة الجمعية العامة لن يبقى فيها أي عضو للترشح لعضوية المكتب.

والمضحك في القضية أن التقليص القسري لأعضاء الجمعية العامة المثير للشكوك جعل أصلا اللجان المنبثقة عن الجمعية العامة العادية الأخيرة لتحضير الانتخابات بطريقة قانونية تعذر عليها، أصلا، احترام القانون بخصوص تركيباتها، وقد اختصرت اللجان الثلاثة وجودها في شخص رئيسها دون الأعضاء ... والسبب قلة عدد الأعضاء في الجمعية العامة محل الجدل.

أما المبكي، فهو إرغام لجنة الترشيحات غير مكتملة الأعضاء، المترشحين الثلاث للرئاسة جلب أعضاء لعضوية المكتب ضمن قوائهم، رغم إدراكهم مسبقا أن النادي الهاوي لوفاق سطيف لم يبق أمامه سوى نشر إعلان في "فائدة الأعضاء" مفقودين عنوة.

بل إن الكارثة، ولجنة الترشيحات بتزكية من مديرية الشباب والرياضة لولاية سطيف تقرر تأجيل موعد الانتخابات في آخر لحظة وإعلان تمديد فترة الترشيحات، تكون قد داست على القانون لفرض اللاقانون، كون الشرط التعجيزي للمترشحين، والذي يهدف أساسا إلى غلق الطريق أمام أقوى المترشحين الثلاث، هشام بوعود، يتمثل في مطالبة كل مترشح لجلب أعضاء لمكتبه ضمن قائمته من أعضاء الجمعية العامة (أربعة أعضاء على الأقل)، وكأن الأمر يتعلق بانتخابات "القائمة"، في حين أن تعليمة الوزارة بهذا الخصوص واضحة ولا غبار عليها، وهي تنص صراحة على أنه "لا يحق لمرشح الرئاسة الترشح في نفس الوقت ضمن قائمة المكتب التنفيذي، وبالمقابل لا يحق للمرشح للمكتب التنفيذي الترشح للرئاسة"، وهو ما يقطع الشك باليقين على أن القانون يفرض إجراءات انتخابات منفصلة لرئاسة النادي الهاوي ولعضوية مكتبه.

واللافت للانتباه أن لجنة الترشيحات، وهي تراسل المترشحين الثلاث للرئاسة لإشعارهم بتأجيل انتخابات 15 أوت 2024 (ليلة انعقادها)، بررت ذلك "بعدم وجود مترشحين للمكتب التنفيذي"، مؤكدة بأن القرار تم اتخاذه بالتنسيق مع مديرية الشباب والرياضة، غير أنها، بالمقابل، أشعرت المترشحين، شفهيا، حسبهم، بأن عليهم ضم أعضاء بأنفسهم في مكاتبهم.

وبانتهاء الآجال "الإضافية غير المبررة وغير القانونية" للمترشحين لرئاسة النادي الهاوي لوفاق سطيف (انتهت أمس) دون أن تقديم قائمة اسمية بأعضاء مكاتبهم، وبعد إلغاء انتخابات 15 أوت الماضي تحت ذلك الغطاء، يتجه الوفاق إلى حالة "الانسداد المبرمج" الذي تم إرساء خطته بضرب تركيبة الجمعية العامة التي يمكن، حتى في حال برمجتها، ألا تجد من يشرف على الانتخابات من بين أعضائها غير المرشحين، قياسا بما ورد في التعليمة الوزارية التي تذكر بانتخاب مكتب تصويت لتسيير العملية الانتخابية يتكون من رئيس و 3 إلى 4 مساعدين غير مترشحين، طالما أنه اختير للجمعية العامة لوفاق سطيف التحول مع سبق الإصرار والترصد إلى "مجموعة خالية".

وحيال كل هذه التجاوزات الفظيعة والخروقات القانونية غير المقبولة، لم تحرك مديرية الشباب والرياضة لولاية سطيف ساكنا، بما يطرح عديد من التساؤلات المشروعة حول إن كان ما يجري من دوس على قوانين الجمهورية له "تزكية" غير معلنة.

وفي خضم السكوت المطبق لعين الوزارة في ولاية سطيف، أصبح ما أسر به هشام بوعود، أحد أبرز المرشحين لرئاسة النادي الهاوي لوفاق سطيف لمقربية قريبا من الحقيقة أو على الأقل أنه قول يحمل جانبا من الصدق، وهو أمر يتعلق بتلقيه "تعليمات" فيها رائحة التخويف والضغط، حسبه، لعدم الترشح، غير أنه رفض وأصر على موقفه طالما أن القانون لا يمنعه من ذلك.

وحين نضع في الحسبان امتلاك شركة سونلغاز لكل أسهم الشركة الرياضية والتجارية للنادي(بما يتعارض مع أحكام المرسوم التنفيذي للنادي الهاوي 15/74، الذي يفرض حيازة النادي الهاوي على نسبة من أسهم الشركة الرياضية التجارية)، وحين ندرك بأن هشام بوعود ليس على "وفاق" مع سونلغاز وقراره بالانسحاب من النادي المحترف، يصبح استخلاص أن كل تلك "المسرحية" الخارجة عن القانون، لا يمكن لها بأي حال من الأحوال أن تكون بريئة.

وبالاستدلال بأحكام المادة 217 من قانون الرياضات (13/05)، الذي ينص على إنشاء لجان مسيرة مؤقتة (ديريكتوار) في حال الانسداد، فإن القراءة الوحيدة لكرونولوجيا الأحداث تقدم خلاصة واحدة ووحيدة، وهي "تنظيم" قيادة ناد عريق من حجم وفاق سطيف إلى حالة انسداد والإقرار، بعد نهاية آخر أجل لتنظيم الانتخابات وهو 31 أوت 2024، بأن لا "حل قانوني" سوى "اختيار" أعضاء على المقاس لتشكيل "ديريكتوار" وترسيم "حكم الإعدام" في حق النادي الهاوي بأياد "محترفة".