38serv
يواجه السفير الفرنسي الأسبق لدى الجزائر، كزافييه دريانكور بين 2008 و2012 و2017 و2020 شبهات فساد تتعلق ببيع ممتلكات تابعة للدولة الفرنسية لرجل الأعمال رضا كونيناف، بأقل من سعرها الحقيقي مقابل رشوة مالية، وذلك أثناء فترة تواجده الأولى بالجزائر.
وكشفت كل من صحيفتي "الوطن" و "لوسوار دالجيري"، أن السفير الأسبق دريانكور، قام عام 2011 ببيع قطعة أرضية مساحتها 10,517 متر مربع، تقع في 10 شارع سفينجة بالأبيار في الجزائر العاصمة، وتتكون من فيلا من النمط المعماري الأندلسي تسمى "الزبّوج"، وهي ملك للدولة الفرنسية منذ عام 1936، مقابل مبلغ قدره 500 مليون دينار (أي 50 مليار سنتيم)، ما يعادل 47,545 دينار للمتر المربع، في حين أن تقدير مصالح العقار لمنطقة الأبيار قدَّر قيمة المتر المربع بـ 230,000 دينار.
وقائع القضية تعود إلى عام 2011 عندما قررت السفارة الفرنسية، خلال إقامة دريانكور الأولى في الجزائر، عرض عقارات تمتلكها للبيع، ومن بينها فيلا "الزبّوج" بالأبيار، التي وضعها رجل الأعمال رضا كونيناف (المدان بتهم "استغلال النفوذ" و"غسل الأموال" و"الحصول بمزايا غير مستحقة" و"التمويل الخفي للحملة الانتخابية")، نصب عينيه.
وبتاريخ 24 فيفري 2011 أبرمت السفارة الفرنسية أمام الموثّق سليم بشة (الهارب حاليا في إسبانيا) والمتابع في قضايا تتعلق بعمليات بيع أصول كبرى اتفاق أولى، أو ما يسمى بـ"وعد بالبيع" (العقد تم تجديده في 29 نوفمبر من العام ذاته)، ثم قام الموثّق بشة بطلب وساطة الوزير الأول السابق عبد المالك سلال، المدان بدوره في قضايا فساد، لتسهيل الصفقة، فأعطى الأخير تعليماته برفع حق الشفعة بموجب مذكرة شفهية رقم 287 موجهة من مصالح ولاية الجزائر إلى السفارة الفرنسية بتاريخ 23 فبراير 2012.
وبناء عليه تم بيع العقار لرضا كونيناف بمبلغ 50 مليار سنتيم، أي 47.454 دج لكل متر مربع، وهو سعر أقل بكثير من القيمة التي حدّدتها الخدمات العقارية في الأبيار بـ 230.000 دج للمتر المربع. ووفقا للمعلومات المنشورة على موقع مجلس الشيوخ الفرنسي، كان السعر المعلن للفيلا التي تبلغ مساحتها 250 مترًا مربعا هو 10 ملايين يورو، بينما تم إتمام الصفقة بما يعادل 4.87 مليون أورو فقط.
ويقدّر خبراء في مجال العقار أن سعر بيع فيلا "الزبوج" أقلّ بكثير من قيمتها الحقيقية. على سبيل المقارنة، قام السفير الفرنسي أندريه بارانت، الذي خلف كزافييه دريانكور في عام 2014، ببيع قطعة أرض مجاورة مملوكة هي الأخرى للدولة الفرنسية، تقدّر مساحتها بـ5051 متر مربع وتقع في 12 شارع دزيزي خوجة فتيح، في الأبيار، بسعر السوق، أي 1.21 مليار دينار.
وأفادت جريدة "لوسوار دالجيري" أن رجل الأعمال رضا كونيناف كان دفع عمولة قدرها 2 مليون أورو للسفير الفرنسي دريانكور لإتمام الصفقة.
ويضع هذا السفير دريانكور في حكم المتورط في صفقة احتيالية تجمع بين التصريحات الكاذبة، وإساءة استخدام المنصب والاحتيال الضريبي الذي أدى إلى خسائر مزدوجة للخزينتين العمومية الجزائرية والفرنسية.
توضيح السفارة الفرنسية
وجاء في رد السفارة الفرنسية بالجزائر على سؤال لصحيفة "الوطن" حول القضية أنه "في عام 2009 قامت البعثة الاقتصادية الفرنسية بتقدير القيمة المالية لفيلا "الزبوّج" الواقعة في 10 شارع سفيجة، وقدرت قيمتها في ذلك الوقت، حسبها، بناء على سعر أساسي قدره 4.5 مليون أورو.
وتم الإعلان عن هذه الصفقة في صيف 2010. وفي مارس 2011، تم تلقي عرض بقيمة 500 مليون دينار أي 4.99 مليون أورو وفقا لسعر الصرف في ذلك الوقت. أصدرت اللجنة الوزارية المشتركة المعنية بإبداء الرأي بشأن العمليات العقارية في الخارج، والتي يترأسها قاض من مجلس المحاسبة الفرنسي، رأيًا إيجابيا بشأن بيع الموقع بهذا السعر.
وتمت المصادقة على هذه الصفقة في الجريدة الرسمية للجمهورية الفرنسية. وبالتالي، تم بيع فيلا "الزبوّج" بسعر يتوافق مع التقدير الذي أجرته البعثة الاقتصادية. أما بالنسبة لفيلا "جوردان" التي بيعت في عام 2014، فقد قدّرت بمبلغ 1.133 مليار دينار، وهذا العقار الذي يبدو أكثر جاذبية بالنظر إلى موقعه ومساحته، أثار اهتمامًا أكبر من الصفقة الأخرى وتم بيعه بالقيمة المُقدرة".