38serv
يرفض الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين، اعمر تاقجوت، تقديم تقييم لقانون العمل النقابي الأخير، من دون تجريبه في الممارسة الفعلية، لكشف نقائصه ومزاياه. كما يكشف في لقاء مع "الخبر" عن أولويات وورشات التنظيم الجديدة، متطرقا إلى المطالب التقليدية المتعلقة بالأجور والمعاشات والأسعار والقدرة الشرائية والسلم الاجتماعي.
كما تطرق المسؤول النقابي في الحوار إلى تقاطع العمل النقابي مع الشأن السياسي والآثار المسجلة لذلك على الصعيد المجتمعي.
طرحت الأمانة العامة للمركزية النقابية في اجتماع لها، الخميس الماضي، عدة ملفات هامة، كالدخول الاجتماعي والأجور والمعاشات وتأثير المناخ على العمال، وأحكام وقرارات القضاء والحوار الوطني الذي أعلن عنه رئيس الجمهورية، كيف ستتعاطى المركزية مع هذه الشؤون؟
حددنا مع الدخول الاجتماعي أربعة مواضيع، لمعالجتها من منظور أكاديمي، في مقدمتها الصحة في العمل، والضغط والتحرش اللذان يؤثران سلبا على العامل. وهي مواضيع الساعة، بالإضافة إلى مسألة الأوبئة والأمراض البيولوجية والاستجابة لها وإدارتها وهو موضوع يشغل، أيضا، مكتب الشغل الدولي والاتحاد الدولي للنقابات وتنجز بخصوصه دراسات. كما تحدثنا على الأحكام والقرارات القضائية لفائدة التي لا تنفذ، وهو موضوع سنخصص له ندوة لفهم أسباب وإشكاليات تطبيق قرارات القضاء.
هل لديهم أدوات ومنهجية لحلحلة الإشكال؟
ليس بالضرورة، وإنما نبحث على فهم وتمعن في ظاهرة عدم تنفيذ بعض الأحكام ونحدد الأسباب، بالاستعانة بمشرعين وقانونيين.
طرحتم موضوع تأثير التغيرات المناخية على العامل، من أي زاوية؟
نعم هذا موضوع ثالث، يخص تأثير التغيرات المناخية، كالفيضانات وموجات الحرارة وغيرها على العمال، وهو موضوع تهتم به هيئات دولية، ويتعين علينا الإلمام به من كل الزوايا للتعامل معه والحد من أخطاره.
وثمة موضوع رابع يتعلق بالتكوين النقابي، وهو شأن يؤثر سلبا على أداء النقابيين مع الإدارة، حيث لم نتمكن من إجراء قراءة مسؤولة للقوانين، كي نخلق ظروفا ملائمة لممارسة العمل النقابي، وكي نعرف أن النقابة نضال وقناعات والتزام وانتماء للمنظمة العريقة.
تحدثتم عن ضرورة التكيف والالتزام بقانون العمل النقابي الأخير، بأي خلفية؟
كلما يصدر أي قانون، من الطبيعي تسجيل إيجابيات ونقائص، ولا يمكن تحديد ذلك، إلا من خلال تطبيق هذه النصوص في الميدان، وبعدها يمكن الحكم.
هناك تحفظات عديدة تجاه القانون الجديد من قبل نقابات أخرى، كيف تراها؟
قد يكون ذلك، وهو أمر عادي، لكن في التطبيق والممارسة اليومية يمكن معرفة وتحديد الأشياء التي يتعين تعديلها أو تغييرها. إذن لا يمكن معرفة مزايا ومساوئ ونقائص القانون دون تجريبه او تطبيقه.
ولا يجب التعامل مع هذه النصوص من منطلقات وأنانيات ضيقة أو على حسب المبتغيات التي يريدها فلان أو علان .. فشخص لا يريد ترك منصبه ويرى أن عهدتين غير كافية، وآخر يراها من خلال التكوين وآخر ينظر إليها على أساس تدخلات، بينما نحن نرى القانون بشكل عام وشامل، الأمر الذي يسمح بتحديد نقائصه بموضوعية.
وصفتم الدخول الاجتماعي بالهادئ والسلس، على ماذا استندتم في تقييمكم؟
نعم، خلال العهدة الرئاسية المنقضية، سجلنا قرارات كبيرة، في مقدمتها زيادة بـ47 بالمائة في الوظيف العمومي، و37 بالمائة زيادة في معاشات المتقاعدين، قرابة مليوني جزائري يتقاضون منحة البطالة، ومليوني مواطن استفادوا من السكن.. بالتالي كل هذه الإجراءات لعبت دورا في الأريحية في المجتمع.
صحيح، لم تحل كل المشاكل لكن هناك أريحية مسجلة، فالسوق يشهد وفرة واستقرار، بالرغم من أن هناك من يشتكي من الغلاء، وآخر يقول في المتناول. وحتى على الصعيد السياسي لا توجد مشاكل واضطرابات سياسية واجتماعية، لا توجد احتجاجات عامة، لأن ثمة استجابة لعبت دور في تهدئة المناخ، بالإضافة إلى أهداف ووعود في برنامج الرئيس، تتحدث عن زيادات وتحسين الأوضاع الاجتماعية والتحكم في التضخم والأسعار وكل هذه الأشياء لا يمكنها إلا أن تأتي إلى بالهدوء.
خطابات الرئيس ارتكزت على الأوضاع الاجتماعية، ما هي قراءتك؟
نعم، لأنه من خلال السلم الاجتماعي يمكننا الحديث عن المسائل السياسية والجيوسياسية وغيرها من الملفات الإستراتيجية. كما يساعد ذلك المسؤولين والسياسيين والاجتماعيين للتطرق إلى الملفات الهامة.
فهي بالنسبة لي إستراتيجية جيدة، تنطلق من خلال التهدئة الاجتماعية، بالموازاة مع إطلاق مواضيع أخرى وطنية وجهوية، خاصة بالنظر إلى المشاكل الإقليمية والدولية التي تجري حولنا وفي محيطنا.
لم نسجل احتجاجات نقابية مطلبية منذ فترة، لماذا؟
هناك احتجاجات فرعية وظرفية لفروع نقابية أو مجموعة، وتندرج ضمن مواضيع محدودة وخاصة بمسائل أو أفراد أو مجموعات، لكن ليس شاملة وعامة. وكل هذا في نظري يتعلق بالإجراءات المتخذة.
الأجور شغلت حيزا كبيرا في اهتمامات الناس، هل من جديد؟
تحدثنا على الحد الأدنى للأجور وعلى معاشات التقاعد والتقاعد وعلى الضريبة على الدخل، وسنفتح نقاشا على هذه المواضيع وطرح نظرتنا مقابل طرح رؤية الإدارة وتبادل المبررات وهذا هو العمل النقابي والمفاوضات.
في اعتقادك، هل الراتب الشهري للمواطن البسيط في الجزائر يكفي لتلبية متطلبات أربعة أسابيع كاملة؟
أنا أشبه الأجرة بالكأس نصف المملوء، يمكن أن يشعر صاحبه بالرضا في فترة معينة وفي فترة أخرى يشعر بأن الأجرة لا تستجيب لمتطلبات الفرد. فالأجرة هي التي تحدد القيمة، فالأجرة التي تمكنك من استئجار بيت والسفر خلال العطلة والخروج مع العائلة وغيرها فهي مستجيبة لتطلعات الأجير، بينما التي لا توفر هذه المتطلبات فلا تستجيب.
من هنا يجب التوصل إلى أجور لا تؤثر على المستوى المعيشي، وتحافظ على علاقتها بالتحكم في أسعار النقل والاستئجار والمواد الاستهلاكية، حتى تبقى الأجرة مرجعية.
فمثلا أن تذهب إلى بنك لتقترض مبلغا لشراء سيارة، فيرفض بحجة عدم خصم من الراتب أزيد من ثلاثة الأرباع، في وقت يتعين عليك العمل شهر ونصف للتمكن من استئجار بيت.
كل هذه الشؤون يتعين وضعها على الطاولة، وسيأتي يوم يجب التطرق فيه إلى حقيقة الأسعار وحقيقة الأجور.. كالقول هذا هو سعر الخبز من دون دعم وهذا ما يقابله من أجور، وذلك بمساهمة كل الفاعلين، النقابات، الاختصاصيين والحكومة.
رئيس الجمهورية أعلن عن استعداده لإجراء مشاورات مع القوى الحية، في إطار ما سماه "مبادرة الحوار الوطني"، كيف ترون هذه الخطوة في الاتحاد؟
الحوار الوطني الاجتماعي ليس يوما أو مناسبة، وإنما كل يوم، ويتعين أن يتكرس كثقافة ونخوض خلاله في كل الملفات والمشاكل من دون عنف، لأننا متمسكون بالحد الأدنى للجمهورية التي هي عبارة على مؤسسات كالرئاسة والجيش الوطني والبرلمان والحكومة والمحكمة الدستورية والانتخابات وغيرها من المؤسسات التي يتعين تعزيزها والمحافظة عليها. كما أنها حوار ونقاش يجعل الجميع يشعر بأنه يشارك في تسيير الشأن العام .. ولا يمكن أن تكون الأمور مبنية على شخص واحد.
مر نحو عام على تزكيتكم في المنصب، ما تقييمكم؟
يمكن اعتبار هذا العام بعهدة كاملة، 50 بالمائة من الهياكل أجرت مؤتمرات، قمنا بتصحيح، أجرينا لقاءات وأشياء لم يتم القيام بها منذ سنوات، اتخذنا قرارات بعصرنة المدرسة الخاصة بالاتحاد في العاشور بالعاصمة، وترميم قاعة المؤتمرات التاريخية التي زارها العديد من الرؤساء.