38serv
تدعم النتائج الميدانية التي تحققها مصالح الأمن المختصة في تعقب خلايا التجسس المغربية داخل التراب الوطني، الرواية الرسمية بخصوص تنامي النشاط العدائي التجسسي الذي تقوده مخابرات المخزن المتحالفة مع الكيان الصهيوني، وتسند عمليات تلمسان شهر أوت الماضي وسيدي بلعباس قبل يومين تأكيدات الرئيس عبد المجيد تبون بشأن "رصد خلايا تجسس مغربية مرتبطة بإسرائيل"، وذلك في معرض حديثه عن لجوء الجزائر إلى فرض التأشيرة على حاملي جواز السفر المغربي بدافع تحصين الأمن القومي للبلاد.
بحسب الوقائع المعلن عنها من الجهات القضائية، لم يعد النشاط العدائي لنظام المخزن ضد أمن الجزائر يقتصر على الجانب التجسسي السيبراني ببرنامج بيغاسوس أو وتجنيد عملاء جزائريين وعرب وأجانب لتكثيف الحرب النفسية عبر المنصات الإلكترونية، وما إلى ذلك من أشكال التنسيق بين نظام المملكة والكيان الصهيوني، لاستهداف صورة الجزائر والإضرار بمصالحها داخليا وخارجيا.. بل تعداه إلى استهداف العمق الوطني بشبكات تجسس تحت غطاء الأعمال الحرفية والأنشطة البسيطة التي اشتهر بها المئات من المواطنين المغاربة، ودأبوا على مزاولتها بكل أريحية داخل التراب الوطني عبر عقود من الزمن.
بالرجوع إلى آخر مستجدات هذا الملف الخطير والمتمثلة في ضبط رعيتين أجنبيتين بولاية سيدي بلعباس قاما بأعمال عدائية ضد الجزائر لصالح دولة أجنبية، تتأكد التحذيرات السابقة التي لطالما نبهت إلى ضرورة تفعيل المجهر الأمني تجاه مجموعات مغربية منظمة قد تشمل ممتهني فنون وحرف الجبس والتزيين المنزلي المتغلغلة داخل النسيج الاجتماعي الجزائري، والتي يسهل على الأمن المخزني تسخيرها لتحقيق اختراقات أمنية لصالح نظام المخزن وحلفائه في تل أبيب، وبالأخص حينما يتعلق الأمر بإمكانية توظيف بعض العناصر "الحرفيين" لجمع المعلومات وبسط شبكات داخلية لرصد الوضع الداخلي "الآراء في الأوساط الشعبية والمواقف ودراسة الحالة النفسية للمواطن ومختلف القضايا التي تتعلق بمسائل الأمن القومي الداخلي وقياس توجهات الجماهير وغير ذلك من الأعمال التجسسية..".
وبحسب مراقبين، فإن تقييد دخول حاملي الجواز المغربي يساعد على فلترة وثائق وجمع المعلومات المسبقة عن كل شخص مهما كان الغرض المعلن لدخوله التراب الوطني، خاصة بعدما ثبت النشاط التجسسي لبعض المتورطين في استغلال صفة الحرفي من أجل التقرب أكثر من محيط تدوير المعلومات الهامة، وبالأخص حينما يفتك هؤلاء فرصة الاشتغال لدى إطارات الدولة وموظفي المصالح الرسمية والشخصيات الهامة ومسيري المؤسسات الكبرى والهيئات السيادية والمساجد، وغير ذلك من الفضاءات أو الدوائر المغلقة التي توفر كما هائلا من المعلومات الجوارية.
وتقوي الوقائع الأخيرة الموقف الرسمي بعدما تأكد أن الخلية التجسسية التي فككت قبل يومين في سيدي بلعباس يقودها الرعيتان المغربيان "الإدريسي عبد الرحمان والبوعيني رشيد"، اللذان كانا يقومان بالجوسسة لصالح جهة أجنبية، تحت غطاء العمل في مجال الجبس، قبل أن يتم تقديمهما أمام القضاء بتهم "ارتكاب جناية التجسس والتخابر مع دولة أجنبية قصد معاونتها في خطتها ضد الجزائر، وجنحة العمل بأي وسيلة كانت قصد المساس بوحدة الوطن وجناية المساس بأمن الدولة".
ولا يتوقف الأمر عند هاتين الرعيتين بل رصدت مصالح الأمن في وهران، في نفس الفترة، متهما آخر "ت. م. أ"، وهو طالب جامعي، وتم إيداعه الحبس المؤقت وسيحاكم بتهمة ارتكاب جنحة الترويج عمدا لأخبار كاذبة من شأنها المساس بالنظام العام والأمن العموميين وجناية استخدام تكنولوجيا الإعلام والاتصال، بتجنيد الأشخاص لصالح إرهابي بصورة مباشرة وغير مباشرة، بحسب ما نشرته المصالح المختصة.
وتحيل هذه التطورات إلى نتائج أخرى كانت قد حققتها مصالح الأمن في 24 أوت الماضي بمدينة تلمسان، حينما أوقفت شبكة تضم سبعة أشخاص من بينهم أربعة مغاربة رهن الحبس المؤقت، إثر تفكيك شبكة للتجسس والتخابر بغرض المساس بأمن الدولة، حسب ما أفاد به وكيل الجمهورية لدى محكمة تلمسان، مصطفى لوبا، في الفاتح سبتمبر الماضي.
وبشأن الجدل الذي أعقب القرارات التي اتخذتها الجزائر مؤخرا في اجتماعات للمجلس الأعلى للأمن بخصوص النشاط العدائي للمخزن، كان الرئيس تبون واضحا حينما كشف أن قرار فرض التأشيرة على حاملي الجواز المغربي جاء بسبب "علاقة المغرب مع إسرائيل".
وقال الرئيس الجزائري، في لقائه الإعلامي الدوري الأخير، الشهر الماضي، إن القرار جاء نتيجة "التعاون الأمني" بين المملكة المغربية وإسرائيل و"الكشف عن وجود خلايا تجسس".
وقررت الجزائر، قبل نحو شهر ونصف الشهر، "إعادة العمل الفوري" بفرض تأشيرات دخول على حاملي جوازات السفر المغربية، واتهمت السلطات الجزائرية حينها المغرب بكونه "أساء استغلال غياب التأشيرة بين البلدين" و"انخرط، وللأسف الشديد، في أفعال شتى تمس باستقرار الجزائر وبأمنها الوطني"، منها "نشر عناصر استخباراتية" إسرائيلية "من حملة الجوازات المغربية للدخول بكل حرية للتراب الوطني".
ويأتي القرار الجزائري في سياق استمرار الأعمال العدائية المستمرة منذ العام 1962 التي دفعت الجزائر إلى قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الرباط في أوت 2021.
وتعمق العمل الهجومي المخزني بشكل أكثر شراسة بعدما لجأ إلى تطبيع علاقاته الدبلوماسية مع الاحتلال الصهيوني وفتح الأراضي المغربية للقواعد العسكرية الإسرائيلية، وإتاحة الفرصة لقادة جيش الإبادة الصهيوني لإطلاق تهديدات مباشرة ضد الجزائر بالقرب من الحدود المشتركة.
.. غرفة عمليات صهيونية مغربية لتشويه صورة الجزائر
ومن أشكال التنسيق العدائي المتواصل بين المخزن وتل أبيب، ما نشرته منصة قبل نحو عام "إيكاد" الاستقصائية بخصوص تكثيف أجهزة الاستخبارات المغربية والصهيونية نشاطها الإلكتروني عبر منصات التواصل الاجتماعي الناطقة بالعربية ضد الفلسطينيين واللبنانيين ومقاومتهم وضد الجزائر في وقت واحد.
وكشف تحقيق إلكتروني دقيق أعده خبراء جزائريون وعرب، سبق لـ"الخبر" نشر بعض حيثياته، أن وحدة التنسيق الثنائي كثفت نشاطها على مدار ثلاث سنوات لمهاجمة الجزائر دولة وشعبا، وروجت للتطبيع والتقارب الإسرائيلي المغربي العربي، مؤججة فتنة ونافثة سمومها العنصرية بين الجزائريين والمغاربة والسعوديين، بما يؤكد أن التنسيق والاندماج بين القصر الملكي وتل أبيب ازداد تلاحما وبشكل علني مؤخرا، بعدما اتضح أن جزءا من التغريدات وحملات التشفي في استشهاد قادة المقاومة في لبنان وغزة مصدره المغرب، لتبرز أكثر صورة الانسجام بين الكيان والمخزن بعدما طرح هذا الأخير مقترحا تشريعيا يقضي بمنح الجنسية لأبناء وأحفاد المواطنين اليهود، رغم المخاوف التي أثارها ناشطون مغاربة بخصوص إمكانية تجنيس متورطين في جرائم إبادة للشعب الفلسطيني.