38serv
في الوقت الذي تمنع فيه وزارة التربية استعمال الهاتف النقال في المؤسسات التربوية، يطلب بعض الأساتذة خاصة في الطور الثانوي من التلاميذ أخذ صور للدروس بالهاتف الخلوي عوض كتابتها على السبورة. وهي طريقة تعليمية فرضها، حسب الأساتذة، الجو العام داخل الأقسام، سيما مشكل الاكتظاظ، إضافة إلى التوقيت الساعي والبرنامج المفروض، ونقص الإمكانيات، ما يحول دون طبع الدروس والنصوص.
يؤكد أستاذ رياضيات بإحدى ثانويات الجزائر العاصمة رفض ذكر اسمه، أنه من الصعب تطبيق قرار وزارة التربية بشكل عملي، في ظل صعوبة الظروف والعوامل التي أصبحت تتحكم في طريقة التدريس داخل القسم كالاكتظاظ، حيث يزيد عدد التلاميذ عن الـ 40 تلميذا، وهو عدد يفوق الطاقة الاستيعابية الكفيلة باحتضانهم في ظروف وشروط تربوية مثلى تمكن المدرسة والمعلم من تحقيق الأهداف التعليمية والتعلمية.
قضية تصوير الدروس غير قانونية
في نفس المنحنى، يرى أستاذ اللغة العربية في الطور الثانوي بقسنطينة أن قضية استعمال الهاتف النقال داخل القسم من أجل تصوير الدروس قضية غير قانونية، وفقا لقرار وزارة التربية الصادر في 2018، وقد تكون لها آثار سلبية كفتح المجال للتلميذ أن ينتهك حجاب الاحترام بينه وبين أستاذه، "خاصة وأننا نرى أن استعمال الهاتف داخل القسم تخطّى حدود تصوير الدرس إلى البث المباشر عبر مختلف منصات التواصل الاجتماعي".
ويضيف محدثنا أن على وزارة التربية الرؤية التطبيقية لا التنظيرية إلى سير الدرس خلال التوقيت الساعي المفروض وكم البرنامج المفروض، ناهيك عن النظر إلى وعي التلميذ وانجذابه إلى الدراسة في وقتنا اليوم.
وبتالي حسب الأستاذ، "إن كان واجبا على الأستاذ أن يُتم درسا أو وحدة تعليمية في توقيت معين ـ توقيت نظري لا يتوافق مع وعي التلميذ المعاصر وقدرته على الفهم ـ فعلى الأستاذ أن يبتكر طرقا تمكنه من سير الدرس موفقا بين الفهم والكتابة وإتمام البرنامج".
كما أنه "في ظل الأجر الزهيد الذي لا يتناسب مع قيمة الأستاذ ولا القدرة الشرائية في مجتمعنا، لا يمكن للأستاذ أن يطبع الدروس من ماله الخاص، خاصة أن معظم الإدارات تستعمل الطّباعة زمن الفروض والامتحانات لا غير، وهم غير ملومين على ذلك لأن آلات الطباعة الموجودة لا تتحمل أكثر من ذلك".
ويشير الأستاذ إلى "أن الهاتف الذكي صار موضة الأغلبية، ويسهل نقل الدروس، كذلك من لا يملكه يمكنه النقل من زميله، فلا نكاد نجد صديقين لا يملك أحدهما هاتفا، لذلك، من أجل سير البرنامج البيداغوجي المقرر من قبل الوزارة، يمنح الأستاذ الإذن للتلميذ من أجل استعمال هاتفه وتصوير دروسه".
ويظن الأستاذ أن أنسب حل لهذه المشكل، هو تقليص البرنامج وجعله يتماشى مع التوقيت الساعي للحصص، توفير ألواح رقمية مجانية لجميع التلاميذ تتوفّر على الذكاء الاصطناعي، من أجل تبسيط فهم الدروس وجعل صلة أو رابطة بين الأستاذ والتلميذ والمادة التعليمية عبر التكنولوجيا، إضافة إلى تكوين الأساتذة على صعيد التعليم عبر وسائل التكنولوجيا، وعلى صعيد التعامل النفسي مع التلميذ في ظل هذه الزلازل النفسية التي يعاني منها التلميذ المعاصر جراء استعماله للتكنولوجيا.
ضعف التكوين
في الموضوع نفسه، يقول مستشار التربية كمال نواري لـ "الخبر"، أنه ليس من حق الأساتذة أن يطلبوا من التلاميذ أخذ صور الدروس عوض كتابتها على السبورة، مشيرا إلى أن هذه الطريقة تدخل في عدم التحكم في توقيت الدرس، مع العلم أن استعمال الهاتف داخل القسم ممنوع.
وأردف نواري قائلا: "بهذه الطريقة يُجبر الأولياء على شراء الهواتف النقالة لأبنائهم، وأغلبهم غير قادرين على شرائها، وما المنحة الخاصة التي تقدر بـ 5 آلاف دج التي تمنح للمعوزين لشراء اللوازم المدرسية إلا دليل على وجود عائلات معوزة غير قادرة على مصاريف تمدرس أولادهم".
وبخصوص قيام بعض الأساتذة بإملاء الدروس لتلاميذ الأولى ثانوي، فذلك وفق المستشار التربوي يعود إلى ضعف تكوين الأساتذة في تقديم الدروس وعدم التحكم في التوقيت، وهي ظاهرة نجدها في فئة المبتدئين والمتعاقدين وخريجي الجامعات الذين لم يدرسوا في المدارس العليا للأساتذة التي تلقنهم مبادئ عامة لمهنة المدرس، وهؤلاء بحاجة إلى التكوين التحضيري البيداغوجي.
أما عن الحل، فهو منع هذه التصرفات عن طريق النظام الداخلي للمؤسسة التربوية، زيارات فجائية للمدير للمعاينة، ثم زيارة المفتشين التربويين في الحجرات الدراسية والتحسيس بمخاطر هذه التصرفات اللاتربوية مع إقامة ندوات تربوية مخصصة لها لتحسيس الأساتذة وتمرينهم بكيفيات التدريس والتحكم في التوقيت.
بوديبة: "هذا أمر شاذ"
في السياق نفسه، يرى الناطق الرسمي للمجلس الوطني المستقل لمستخدمي التدريس للقطاع ثلاثي الأطوار للتربية، مسعود بوديبة، أن العملية التعليمية التعلمية تضبطها قواعد بيداغوجية وعلمية مدروسة، خصوصا لما يتعلق الأمر بالمراحل الثلاث الابتدائي والمتوسط والثانوي.
وسواء ما تعلق منها بالعمليات التفاعيلة أو التلقينية، ومختلف الطرائق المعمول بها ترتكز على أن التلميذ يجب أن يمتلك كراسا، وهو مرآة التلميذ من خلال تسجيله لمختلف الدروس والملاحظات المقدمة داخل القسم، حسب تعليمات الأستاذ طبعا.
وبالتالي فمسألة تصوير الدرس غير مطروحة، مع العلم أن الهاتف النقال ممنوع استعماله داخل القسم، وإن حدث هذا الأمر، حسب بوديبة، فهذا أمر شاذ، "لأن الشيء المعمول به على العموم هو أن التلميذ هو الذي يكتب دروسه وكل ما يقدم له الأستاذ سواء عن طريق الملاحظة أو الكتابة أو عن طريق الوثائق المسلمة له".
من جهة ثانية، يواصل بوديبة، أن المؤسسات التربوية اليوم تعاني من نقص الإمكانيات والميزانية ضعيفة، وأحيانا هناك شح كبير في الأوراق ما يدفع الأساتذة إلى طبع أوراق النصوص والفروض والامتحانات بأموالهم الخاصة، إضافة إلى الاكتظاظ، وقد يكون هذا وراء طلب تصوير الدروس، لكن يبقى ليس مبررا بالنسبة للأستاذ.
وعن مسألة إملاء الدروس دون الكتابة في السبورة، فيقول بوديبة أن الأستاذ هو سيد القسم وأدرى بالعمليات التي يقوم بها، وفق طرائق التدريس المطلوبة والمفروضة عليه، ولو أن المفتشين ينصحون بغير ذلك وهم يسهرون على تقديم جميع التعليمات والتوجيهات خاصة للأساتذة الجدد.
القرار واضح
تحدد وزارة التربية الوطنية في القرار 65 المؤرخ في 28 شوال 1439 الموافق لـ 12 جويلية 2018 كيفيات تنظيم الجماعة التربوية وسيرها، حيث يُمنع، حسب ما تنص عليه المادة 55 ، منعا باتا استعمال تكنولوجيا الإعلام والاتصال داخل المؤسسة التربوية والتعليم لأهداف غير تربوية، سيما الهاتف النقال واللوحة الإلكترونية، وكل وسيلة تمس بحرمة الحياة الخاصة لأحد أعضاء الجماعة التربوية.
كما يخضع استعمال تكنولوجيا الإعلام والاتصال، وفقا للمادة 56، إلى رخصة مسبقة تسلمها إدارة مؤسسة التربية والتعليم، سيما تحميل الأنشطة التربوية، أو تحويلها أو تقاسمها أو نشرها.