38serv
شرعت الجزائر وتونس وليبيا، في التحضير العملي للقاء الثلاثي الذي سيجمع رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، ونظيريه التونسي قيس سعيد، ورئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد يونس المنفي، في العاصمة الليبية طرابلس قبل نهاية العام الجاري، لاستكمال خطوات التنسيق السياسي والاقتصادي التي انطلقت في أفريل الماضي.
هيمنت ترتيبات القمة المغاربية الثلاثية الثانية على محادثات وزيري الشؤون الخارجية، أحمد عطاف، ونظيره التونسي محمد علي النفطي، التي جرت بالعاصمة بداية الأسبوع الجاري، حيث أكد الطرفان التزامهما بتجسيد ما أفضت إليه قمة تونس من قرارات وتوصيات تهدف لإقامة مشاريع تعاون ثلاثية تتماهى مع ما تشترك فيه الدول الثلاث من اهتمامات وشواغل وأولويات.
واللقاء الثلاثي، هو قمة جزائرية- ليبية- تونسية، انطلقت فكرتها على هامش قمة الغاز التي احتضنتها الجزائر في مارس الماضي، حيث تدارس رئيس الجمهورية والرئيس قيس سعيد ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد يونس المنفي الأوضاع السائدة وقتها في المنطقة المغاربية، ليخلص اللقاء إلى ضرورة تكثيف الجهود وتوحيدها لمواجهة التحديات الاقتصادية والأمنية بما يعود على شعوب البلدان الثلاثة بالإيجاب.
كما تقرر عقد لقاء مغاربي ثلاثي، كل ثلاثة أشهر، يأخذ إطارا تشاوريا بين الدول الثلاث، ويبحث القضايا المشتركة وعلى رأسها الأمن والهجرة غير النظامية وتنمية المناطق الحدودية.
وعقد اللقاء للمرة الأولى في أفريل الماضي بتونس، وتضمنت مخرجاته تعاون وشراكة عدة على المستوى الأمني، مثل تكوين فرق عمل مشتركة لتنسيق الجهود لحماية أمن الحدود المتلاصقة بين البلدان الثلاثة من مخاطر الهجرة غير النظامية، خاصة من دول جنوب الصحراء وغيرها من مظاهر الجريمة المنظمة.
وشددت مخرجات اللقاء على الرفض التام للتدخلات الأجنبية في الشأن الليبي ودعم الجهود الساعية للتوصل إلى تنظيم انتخابات تحفظ سلامة وأمن ليبيا واستقرارها، وللتدخل الخارجي في الشؤون الداخلية للبلدان الثلاثة. كما أدانت الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني ودعت إلى وقف العدوان على غزة.
واتفق الرؤساء على تعجيل تنفيذ مشروع الربط الكهربائي بين الدول الثلاث وتطوير التعاون وتذليل الصعوبات المعيقة لانسياب تدفق السلع، مع تسريع إجراءات تنقل الأفراد وإقامة مناطق تجارية حرة بينها.
وفي ختام الاجتماع الأول، تقرّر تكوين نقاط اتصال لمتابعة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه من قبل القادة تمهيدا لعقد اللقاء القادم بعد التشاور فيما بينهم.
وكشف الاجتماع في طياته رغبة ملحة لدى الدول الثلاث لتكثيف التنسيق الأمني بين حدودها المترابطة، في ظل تصاعد تدفق المهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء، وبروز توترات أمنية خطيرة تنبئ بتجدّد الاشتباكات في ليبيا المنقسمة بالصراعات الداخلية.
ومن المتوقع أن يلتقي كل من القادة الثلاثة، تبون والمنفي وسعيد، في الجزائر، نهاية الشهر الجاري، على هامش الاحتفالات المخلدة لثورة الجزائر في الأول من نوفمبر، حيث وجّه الرئيس دعوات لحضور الاحتفالات والاستعراض العسكري الذي سيقام بهذه المناسبة في العاصمة، على أن تحتضن طرابلس اللقاء التشاوري القادم.
وكان الرئيس تبون، قد كشف خلال التصريح الصحفي المشترك مع رئيس المجلس الرئاسي الليبي، بمناسبة زيارته القصيرة للجزائر قبل أيام، أن اللقاء الثلاثي سيعقد قريبا في طرابلس، قائلا: "نحن على وشك الالتقاء بليبيا في إطار التشاور الثلاثي، ونحن في انتظار تحديد موعد من طرف الرئيس محمد المنفي".
وفي نفس السياق، قال الرئيس المنفي: "نريد لاجتماعاتنا الثلاثية أن تستكمل وأن تبقى منهاج عمل، سواء على مستوى القمة أو مستوى اللجان". وأشاد بدور الجزائر المهم الداعم لليبيا في المحافل الدولية".
تمسك بمسار قرطاج
وتبرز هذه التصريحات تمسك الدول الثلات بمسار قرطاج، واستكمال لقاءات القمة المغاربية كما كان مخططا لها، والتي قد تكون تعطلت في المرحلة الماضية، بسبب ظروف الانتخابات الرئاسية التي جرت في الجزائر في السابع من سبتمبر، ثم الانتخابات الرئاسية التونسية التي جرت في السادس من أكتوبر الجاري.
ويمثل الوضع في ليبيا أحد الملفات التي يسعى القادة الثلاث لتسريع وتيرة معالجتها أمميا، في ظل التدخل الغربي والإقليمي في الشأن الليبي، وهو ما يدعو إلى مزيد من التشاور والنقاش حول مستقبل ليبيا الأمني والاستراتيجي.
ويأمل متابعون أن تؤدي مخرجات القمة المقبلة إلى تنسيق الجهود الأمنية لمواجهة التحديات المشتركة وتحقيق تكامل اقتصادي بين الدول الثلاث لما تزخر به من إمكانات مهمة ستعود بالنفع على شعوب المنطقة، وذلك بعد تقييم ما تحقق من توصيات توّجت اللقاء الأول في تونس الربيع الماضي.