38serv

+ -

بلغ عدد الأحواض المائية بمنطقة شير ببلدية إينوغيسن، شرق ولاية باتنة، التي لجأ إلى إنشائها الفلاحون والمستثمرون في إنتاج فاكهة التفاح، ثلاثون حوضا، وهذا بغرض تغطية العجز والنقص المسجل في مياه السقي.

وقال محفوظ لحمادي، وهو فلاح بالمنطقة ومالك لأحد بساتين التفاح، لـ"الخبر" خلال زيارة ميدانية له، بأن هناك مشاكل عديدة يعاني منها الفلاح بإينوغيسن التي تنتج تفاحا ذهبيا، أحمر وأصفر، هو من أجود أنواع التفاح وطنيا وعالميا، لكن هذه النوعية، برأيه، قد تختفي إذا بقي وضع الفلاحين وانشغالاتهم على حالها، مذكّرا بالسبب الرئيسي الذي جعل الفلاحين يلجؤون إلى تشييد تلك الأحواض التي يتم تزويدها بالماء من واد تاجريت، بعد ربطها بأنابيب على مسافة 4 كلم، ومضخات تكون التكلفة فيها لا تقل عن 250 مليون سنتيم، وهو أمر مرهق ماديا وجسديا لجلّ الفلاحين ولكلّ المشتغلين في تلك البساتين.

 

تأخر الدفاتر العقارية.. من يتدخل لحلّ المشكل؟

 

ما لمسناه في زيارتنا للفلاحين بمنطقة إينوغيسن هو ارتباط كل مشاكلهم الإدارية ببعضها البعض، ولعلّ أبرز ما يلح عليه هؤلاء هو الحصول على الدفتر العقاري لكل قطعة فلاحية، حتى يتسنى لهم الحصول على رخص حفر الآبار، وجعل تلك الأحواض المائية كحلول بديلة يتم الاعتماد عليها في أوقات وحالات استثنائية. لكن التذمر الذي لاحظناه على وجوه هؤلاء هو عدم قدرتهم على سحب تلك الدفاتر، بعد أن ربطت مصالح الأملاك الوطنية تأخر منحهم تلك الدفاتر بمشكلة تقنية، وهي أن كاشف "قوقل" التكنولوجي لا يظهر تلك الأراضي، ما يجعلها أراضٍ مجهولة، وهو تعقيد إداري وقع فيه الفلاحون الذين رفعوا هذه القضية أمام الجهات الإدارية وغيرها المسؤولة عن منح تلك الوثيقة لإيجاد الحلّ الفعلي والقانوني لهذا الأمر، مقترحين نزول لجان مختصة والقيام بالعمل المطلوب، دون الاستناد على التصوير الرقمي البعدي الذي وضع غالبيتهم في قاعة الانتظار لسنوات طويلة، وحرمهم وحرم الدولة من توسيع دائرة وحيّز الاستثمار الفلاحي في هذه المنطقة التي يستغل فيها الفلاحون مساحة لا تتعدى 30 بالمائة من المساحة الإجمالية، حسب محفوظ لحمادي، الذي أكد لنا ذلك قائلا بأن هذه التأخرات ليست في مصلحة الفلاح، لأن رفع تلك العراقيل قد يجعل تفاح إينوغيسن يغزو السوق الجزائرية وبأسعار في متناول المواطن الجزائري على مستوى 58 ولاية.

 

تكلفة الشبكة البلاستيكية عائق آخر على المنتوج الجيّد

 

من العوائق التي تقف في وجه الفلاحين للاستمرار في توفير منتوج التفاح من النوعية الجيدة، تكلفة الشبكة البلاستيكية التي يتم تغطية أشجار التفاح بها، والتي تصل في حالة بستان بها 1500 شجرة إلى مليار ومائتان سنتيم، وهذا باحتساب الأعمدة التي تستند عليها الشبكة، حيث يبلغ سعر العمود الواحد 3000دج، دون احتساب تكاليف اليد العاملة التي يتم تشغيلها لتركيب تلك الشبكة، وهي التكاليف التي قال عنها الفلاحون ومنتجو التفاح ببلدية إينوغيسن بأنها بحاجة إلى اهتمام أكبر من السلطات العمومية، من خلال تسهيل عملية حصولهم على قروض لخمس أو عشر سنوات، تساعدهم على اقتناء تلك الشبكة التي كان لها الفضل في حماية أكثر من 50 ألف شجرة تفاح بمنطقة شير لوحدها من حبات البرد، وتقديم منتوج نوعي في كل مناسبة فلاحية بشهادة المهتمين بالشأن الفلاحي.

 

المنطقة بحاجة لمشاريع الربط بالكهرباء الفلاحية والريفية

 

وخلال حديثه مع "الخبر"، ذكّر محفوظ لحمادي، ممثل عن الفلاحين ببلدية إينوغيسن، بنقص مشاريع الكهرباء الفلاحية والريفية على حدّ سواء التي تحتاجها المنطقة لتطوير شعبة إنتاج التفاح والرفع من المنتوج الذي سجل خلال السنوات الماضية تراجعا، وهو منتوج يتأثر في حالة غياب أو نقص في العوامل والظروف التي يبحث عنها الفلاح أو المستثمر للحفاظ على السلم التصاعدي في الإنتاج. ومن تلك العوامل توفر الكهرباء التي تسمح بتشغيل المضخات الكهربائية، وتوفير الإنارة للعمل في فترات ليلية، وتسهيل المهمة للفلاح للاستقرار قريبا من بستانه، وهي المشاريع التي تبقى غير مفعّلة ميدانيا بسبب نقص الأغلفة المالية الكافية من السلطات المركزية التي تساهم، في نظر ممثل الفلاحين، في الرفع من كميات الإنتاج وتوفير مناصب شغل بعدد أكبر مما هي عليه في العشر سنوات الأخيرة، موضحا في كلمته الأخيرة أن ما تنتجه بساتين إينوغيسن هي من اجتهادات شخصية للفلاحين والمستثمرين في شجرة التفاح منذ سنة 2012، بسبب اقتناعهم أن العراقيل والصعوبات الإدارية لا تزال عالقة في أدراج ومكاتب المسؤولين.

 

تفاح باتنة يغزو الأسواق الوطنية والعالمية

 

على الرغم من المشاكل التي يتخبّط فيها المنتجون لفاكهة التفاح بباتنة، إلا أنه من المتوقع أن يصل الإنتاج الإجمالي عبر بلديات الجهة الشرقية إينوغيسن، إشمول، وادي الطاقة وحيدوسة بالجهة الغربية للولاية، إلى حوالي مليون ونصف مليون قنطار وبمتوسط مردود في الهكتار الواحد يصل إلى 300 قنطار من مساحة مخصصة لشجرة التفاح تقدر بـ530 هكتارا.

وكما هو معلوم، تزخر ولاية باتنة بأحسن أنواع الفاكهة والمنتجات الفلاحية التي جعلتها تكون في صدارة الولايات، خاصة المشمش والزيتون والبيض، وأخيرا التفاح، لكن ذلك لم يشفع لها لكي تتخلص نهائيا من العراقيل الإدارية التي تفتعلها بعض الجهات.

وفي هذا الشأن، قال بن بلاط بولخراص، أحد المستثمرين في التفاح ببلدية إشمول، بأن المشكل الحقيقي للتحسين والرفع من المنتوج هو ضرورة إنهاء معضلة الملكية بالشيوع للأراضي الفلاحية، لأن عملية المسح، حسبه، يجب أن تتدخل فيها فرق جهوية مختصة إداريا، مهمتها ودورها عدم جمع مجموعة من الأراضي لعدّة ملاك في حصة واحدة، وهو ما يغلق الباب على المستثمرين ويؤخر عملية الحصول على الدفتر العقاري، ويجعل فكرة الاستثمار لدى هؤلاء هي فكرة محاطة بالشك والخوف في أراضٍ مجهولة الهوية.