الجزائر رسميا في منطقة التجارة الحرة الإفريقية

38serv

+ -

منذ الفاتح نوفمبر الجاري أصبحت الجزائر عضوا كامل العضوية في منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية المعروفة باسم ZLECAF، والتي تعتبر الأكبر في العالم، وكانت الجزائر قد صادقت على الاتفاق المتعلق بإنشاء هذه المنطقة التجارية الحرة في عام 2021.

وقد تعاونت الجزائر مع اللجنة الاقتصادية لإفريقيا من أجل إرساء إستراتيجية تسمح لها باستغلال إمكانات هذه المنطقة الحرة على أفضل وجه. في الوقت نفسه، عززت السلطات الجزائرية، علاقاتها مع مؤسسات الاتحاد الإفريقي ودوله الأعضاء، خاصة جنوب إفريقيا، أكبر اقتصاد في القارة.

وتمثل منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية التي تضم 54 دولة موقعة، سوقًا يضم أكثر من 1.3 مليار شخص وناتج محلي إجمالي مجمع يقدر بنحو 3.4 تريليون دولار، ما يوفر فرصًا اقتصادية كبيرة لأعضائها، وهدفها هو إنشاء منطقة تجارة حرة واسعة من خلال التخفيض التدريجي للرسوم الجمركية على أكثر من 90% من البضائع.

في الوقت الذي دخلت منطقة التبادل الحر الإفريقية حيز التنفيذ مطلع 2021 والتي انخرطت فيها الجزائر بعد المصادقة عليها في أوت 2020، على الاتفاقية المؤسسة للمنطقة الإفريقية للتبادل التجاري الحر، المصادقة على القانون المؤسس لمنطقة التجارة الحرة، الموقع بالعاصمة الرواندية كيغالي في 21 مارس 2018، يعاد إلى السطح مدى المزايا والمكاسب التي يمكن أن تجنيها الجزائر والقدرات المتاحة، خاصة في ظل النقائص التي سجلتها الجزائر مع تجارب اتفاقيات مناطق التبادل الحر واتفاقيات الشراكة مع الاتحاد الأوروبي والمنطقة العربية الكبرى للتبادل الحر التي واجهت فيها الجزائر عجزا واختلالا في أطراف التبادل، ناهيك عن المشاكل القائمة بخصوص قواعد منشأ المنتجات، وقد باشرت الجزائر خطوات لتوسيع دائرة انخراطها اقتصاديا وتجاريا في القارة السمراء.

الجزائر تشدد على التأكد من المنشأ الأصلي للسلع

عمدت الجزائر مبدئيا على التأكد من المنشأ الأصلي للسلع والبضائع المتداولة في المنطقة الإفريقية للتبادل الحر، وعلى وجوب ألا تقل نسبة إدماجها عن 50 بالمائة، حتى لا تتسرب إلى السوق المحلية مواد مصنوعة خارج القارة، فضلا عن توسيع دائرة المبادلات، إلا أن الملاحظ أن حجم المبادلات الكلية التجارية بين الجزائر والبلدان الإفريقية دون حساب دول شمال إفريقيا، بدأت خلال السنتين الماضيتين تشهد نموا، لا سيما من حيث الصادرات الجزائرية إلى غرب إفريقيا، بعد أن كانت المبادلات متواضعة بعدم تجاوزها سنة 2020 مستوى 0.5 بالمائة استيرادا و0.8 بالمائة تصديرا.

وتسعى الجزائر إلى رفع التبادل التجاري مع بقية الدول الإفريقية، وخاصة بلدان الساحل، عبر طرق برية صحراوية تربطها بمالي والنيجر وموريتانيا، وإرساء مناطق حرة، ومشاريع مثل فتح المعابر الحدودية على غرار معبري مصطفى بن بولعيد 2022، وتكثيف النشاط التجاري مع دول غرب إفريقيا لاسيما بالنسبة لعدد من المنتجات مثل الإسمنت والحديد، فضلا عن توسيع دائرة النشاط مع دول مثل موريتانيا والسنغال، مع فتح فروع بنكية في كل من موريتانيا والسنغال ولاحقا في كوت ديفوار.

وكانت القيمة الإجمالية ونسبة التبادل التجاري السنوي بين الجزائر والبلدان الإفريقية مجتمعة سنة 2020 حدود 3.3 بالمائة استيرادا و8.5 بالمائة تصديرا، وشهدت سنتي 2022 و2023 توسعا، حيث فاقت قيمة المبادلات التجارية سنة 2022 مستوى 3 مليار دولار، وتجاوزت سنة 2023 عتبة 4.5 مليار دولار.

وبادرت الجزائر في سياق تفعيل وتنشيط الحركية الاقتصادية في تجسيد مشاريع هيكلية، حيث يتم التركيز على ضمان تفعيل الطريق العابر للصحراء كأداة لتنشيط الحركية التجارية، ويمتد الطريق العابر للصحراء الذي تم الشروع في إنجازه في سنوات 1960، على مسافة تقارب 10.000 كلم ويربط محوره الرئيسي الجزائر العاصمة بلاغوس بنيجيريا على امتداد نحو 4100 كلم، مع عدة تفرعات تمتد إلى النيجر ومالي والتشاد وتونس.

كما أن هناك إطار البلدان الأعضاء في لجنة الاتصال لوصلة الألياف البصرية المحورية العابرة للصحراء، تقوم أيضا بتجسيد مشروع، وتضم اللجنة (الجزائر وتشاد وموريتانيا والنيجر ونيجيريا ومالي)، علما أن الجزائر استكملت أشغال إنجاز شطرها من الألياف البصرية على مسافة 2548 كلم والأمر يتعلق بكابل الألياف البصرية الرابط بين الجزائر العاصمة وإن قزام (الحدود مع النيجر) وشطر آخر يصل إلى تندوف (الحدود الموريتانية).

وتسمح وصلة الألياف البصرية المحورية العابرة للصحراء بربط وسط إفريقيا بغربها عبر المتوسط من خلال الجزائر، أما المشروع الثالث، فإنه يتعلق بأنبوب الغاز النيجيري الجزائري المار عبر النيجر "نيغال"، يبدأ خط الأنابيب من إقليم واري في نيجريا ويمر عبر النيجر إلى حاسي الرمل في الجزائر.

وفي حاسي الرمل يتم توصيل خط الأنابيب بمنظومة التصدير الجزائري لإمدادات أوروبا ويتم من خلالها نقل الغاز إلى المحاور في القالة وبني صاف على شاطئ البحر المتوسط عبر خطوط عبر المتوسط، ويقدر طول خط الأنابيب إلى 4،128 كلم والقطاع النيجيري طوله 1،037 كلم وفي النيجر 841 كلم، بينما أكبر وأطول جزء في الجزائر يقدر بـ2،310 كلم.

على صعيد آخر، تشير التقديرات الإحصائية المتوفرة إلى أن حجم المبادلات التجارية مع الدول الإفريقية لا يزال بعيدا عن المأمول خاصة مع إفريقيا جنوب الصحراء، رغم تسجيل سنة 2021 و2022 نوع من الحركية في مجال التصدير لعدد من البلدان الإفريقية.

ففي سنة 2020 مثلا بلغ حجم المبادلات التجارية بين الجزائر ومجمل دول إفريقيا 3.052 مليار دولار منها 1.998 مليار دولار صادرات و1.124 مليار دولار واردات جزائرية، بالمقابل، بلغت سنة 2019 مجموع المبادلات نحو 3.509 مليار دولار، إلا أن الملاحظ أن النسبة الغالبة من المبادلات تركزت مع دول شمال إفريقيا.

وتوضح التقديرات الإحصائية تواضع المبادلات التجارية البينية التي بلغت 3.50 مليار دولار في سنة 2019 مقابل 3.46 مليار دولار في 2018 مع كل الدول الإفريقية، أي مع حساب دول شمال إفريقيا التي تمثل النصيب الأكبر وهي قيمة متواضعة جدا، إذا ما قورنت مع مبادلات دولة واحدة مثل الصين وفرنسا بل وحتى تركيا.

وقد بلغ حجم الواردات الجزائرية من إفريقيا ما قيمته 1.273.86 مليار دولار في سنة 2018 بحصة قدرت بـ2.79 في المائة من إجمالي الواردات الجزائرية، كما قدرت سنة 2019 بـ1.339.57 مليار دولار وحصة بـ3.19 في المائة.

بالمقابل، بلغت الصادرات الجزائرية نحو إفريقيا بـ2.181.85 مليار دولار بحصة تقدر بـ5.22 بالمائة في سنة 2018 وبلغت سنة 2019 ما قيمته 2.169.65 مليار دولار وحصة بـ6.06 بالمائة وسعت الجزائر إلى دعم صادراتها باتجاه منطقة غرب إفريقيا بالنسبة لمنتجات مثل الحديد والإسمنت خلال سنوات 2019 و2020 و2021، كما سعت إلى دعم التجارة البينية بما في ذلك المقايضة مع دول الساحل.

وتمثل حصة الصادرات باتجاه إفريقيا جنوب الصحراء في 2020 نسبة 0.80 بالمائة مقابل 7.30 في المائة بالنسبة لشمال إفريقيا، بينما تمثل بالنسبة للواردات 0.47 بالمائة لإفريقيا جنوب الصحراء مقابل 2.79 بالمائة لإفريقيا الشمالية.

وبمقتضى الاتفاقية الإفريقية للتبادل الحر سيتم الإلغاء التدريجي للرسوم الجمركية للتجارة بين البلدان الإفريقية بنسبة 90% من بنود التعريفات الجمركية، على فترة تمتد إلى 5 سنوات للدول النامية، و10% للدول الأقل نموا وبدأ المسار من مطلع 2021.

وفي وقت تعلّق السلطات العمومية آمالا للاستفادة من حجم السوق الإفريقية المقدر بـ1.2 مليار نسمة ومبادلات تجارية بحدود 3 تريليونات دولار، مع ناتج داخلي قاري إجمالي لـ54 دولة إفريقية يقدر بـ2.7 تريليون دولار.