38serv

+ -

منذ 30 أفريل 1789، تاريخ اعتلاء جورج واشنطن رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية ليصبح أول رئيس لأمريكا، إلى غاية عهدة الرئيس جو بايدن، تم تسجيل 46 رئيسا، منهم من ترك "بصمته" ومنهم من مرّت عهدته أو عهدتاه بهزات، ومنهم من ترأس البلد وخرج من الرئاسة دون تسجيل "أحداث كبيرة".

ومن بين كل الرؤساء الذين مرّوا على الولايات المتحدة الأمريكية، يحتفظ التاريخ بخمسة منهم، صنعوا الحدث بـ"السلب" أو "الإيجاب"، وظل التاريخ يذكرهم كلما تعلق الأمر بالحديث عن رؤساء أمريكا أو عن قراراتهم أو تصرّفاتهم.

 

جورج واشنطن.. من مؤسسي الولايات المتحدة الأمريكية

 

يحتفظ التاريخ باسم جورج واشنطن (1732/1799) كأحد أكبر الشخصيات على الإطلاق في الولايات المتحدة الأمريكية، فهو أول رئيس للبلد (مترشح حر) لعهدتين متتاليتين (30 أفريل 1789/4 مارس 1797)، وينتمي إلى قائمة مؤسسيها، حيث كان على رأس الجيش القاري (الاسم الذي تم إطلاقه على قوات الـ13 مستعمرة أمريكية في ذلك الوقت تحت القيادة الوحيدة لجورج واشنطن). وساهم جورج واشنطن في صياغة الدستور الأمريكي (1787) بعد انتهاء الحرب على بريطانيا، قبل أن يصبح أول رئيس للولايات المتحدة الأمريكية، وتحوّل إلى أسطورة. وتخلّد أمريكا جورج واشنطن بجعل صورته على أوراق وقطع نقدية (1 دولار أمريكي)، وبحمل عديد من المدن والولايات والجامعات اسمه.

 

أبراهام لينكولن.. مناهض الاستعباد

 

حياة أبراهام لينكولن (1809/1865) كانت مأساوية، فقد خلالها العديد من أبنائه، ومن بين أربعة أبناء (من زوجته ماري تود 13 ديسمبر 1818/16 جويلية 1882)، لم يعش منهم سوى واحد إلى غاية سن الرشد، وهو روبر تود لينكولن، فيما توفيت شقيقته الكبرى سارة وهي تضع مولودها، وتوفي شقيقه الأصغر توماس في سن مبكرة، وفقد أبراهام لينكولن، أيضا، والدته نانسي، وهو في سن الـ9 فقط، وقد اعتنت به، بعد رحيل والدته، زوجة والده (توماس)، وهي سارة بوش.

وشهدت مسيرته السياسية عدّة كبوات، غير أن الرجل الذي ينحدر من وسط متواضع ومارس مهنة المحاماة وأكسبته شعبية كبيرة، لم يستسلم وظل يدافع عن أفكاره، إلى أن صار رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية.

ويعتبر لينكولن (أول رئيس جمهوري وسبق له الترشح في بداياته مع حزب وايغ (Whig) لمنصب برلمان الولاية) أحد أساطير أمريكا، فاسمه اقترن بالوقوف ضد الاستعباد (الرق)، ما كلّفه "عداوة" غير مسبوقة، وقد ألغى الاستعباد في 1 جانفي 1863، ثم تم اقتراح تعديل الدستور خلال عهدته، لإلغائه بقوة القانون، حدث ذلك في 31 جانفي 1865، باقتراح التعديل الـ13 للدستور الأمريكي، غير أنه تم إصداره رسميا بعد وفاة لينكولن، وتحديدا في 6 ديسمبر 1865.

وقد شهدت عهدة لينكولن الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب ما بين 12 أفريل 1861 إلى 9 أفريل 1865، وهي تقريبا كل فترة ولاية لينكولن، كونه تولى رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية في 4 مارس 1861، ودشن عهدته الثانية في 4 مارس 1865، قبل اغتياله يوم 15 أفريل 1865 بواشنطن، أي بعد ستة أيام على انتهاء الحرب الأهلية باستسلام الانفصاليين من منطقة الجنوب. وإلى جانب نجاحه في تحرير العبيد سنة 1863، فإن أبراهم لينكولن، وهو أول رئيس أمريكي من الجمهوريين، حقق عدة إنجازات وعد بها في مشروعه، منها إرساء نظام بنكي وطني.

وبعد نهاية الحرب الأهلية، اغتيل لينكولن في أفريل 1865 في مسرح بواشنطن من طرف محسوب على منطقة الجنوب، اسمه جون وليكز بوث.

 

فرانكلين ديلانو روزفلت.. الوحيد بأربع عهدات

 

يقترن اسم الرئيس الأمريكي، فرانكلين ديلانو روزفلت (1882/1945) باسم رئيس سابق للولايات المتحدة الأمريكية، هو ثيودور روزفلت الذي تولى منصب الرئاسة لعهدتين متتاليتين (1901/1909)، وهو أحد أقرباء فرانكلين، غير أن ثيودور كان "جمهوريا" وفرانكلين "ديمقراطيا".

وإذا كان ثيودور روزفلت قد انتهت ولايته الثانية قبل الحرب العالمية الأولى (1914/1918)، فإن ولاية فرانكلين روزفلت الثانية تزامنت مع الحرب العالمية الثانية، ما جعله يبقى على رأس أمريكا لعهدتين إضافيتين.

وأصبح فرانكلين روزفلت، بسبب الحرب العالمية الثانية (1939/1945)، الرئيس الأمريكي الوحيد الذي تم انتخابه أربع مرات، حيث بدأت ولايته الأولى عام 1933، وبدأ عهدته الرابعة عام 1945، بعد انتخابات 7 نوفمبر 1944، غير أنه توفي بعدها بأشهر، وتحديدا في 12 أفريل 1945، قبل أيام قليلة على انتهاء الحرب العالمية الثانية.

ورغم أنه أصيب بشلل سنة 1921 وهو في الـ39 من العمر، إلا أن روزفلت ظل قويا سياسيا، وفاز لأول مرة بالانتخابات الرئاسية عام 1932 وأصبح الرئيس الأمريكي الـ32، وبدأت عهدته سنة 1933 في قلب أزمة اقتصادية عالمية قوية، ونجح في إعادة توازن أمريكا اقتصاديا واجتماعيا بفضل "الاتفاق الجديد" (New Deal) الذي ارتكز عليه في مشروعه للأمريكيين.

 

جون كينيدي.. ضحية محاربة التمييز

 

لم يعمّر جون فيتزجيرالد كينيدي (1917/1963) في رئاسة أمريكا سوى سنتين (1961/1963)، وتم اغتياله في 22 نوفمبر 1963 بساحة "ديلا يبلاتزا" (Dealey Plaza) بدالاس من طرف قناص، وقد لقي كينيدي نفس مصير لينكولن الذي تم اغتياله بسبب محاربته الاستعباد، فيما كان كينيدي ضد التمييز العنصري.

ورغم الفترة القصيرة لحكم كينيدي الذي تولى الرئاسة وعمره 43 عاما، وأصبح بذلك ثاني أصغر رئيس لأمريكا بعد ثيودور روزفلت (1901/1909)، إلا أن التاريخ الأمريكي خلّد اسمه، ولايزال هناك نقاط ظل حول خلفية اغتياله، رغم أن "لجنة وارن"، وهي لجنة رئاسية أنشأها خليفته لايندون جونسون للتحقيق في قضية اغتياله (اغتيال كينيدي)، خلُصت بأن الفاعل هو مختل عقليا، حيث قدّمت تقريرها للرئيس جونسون، من 888 صفحة بتاريخ 24 سبتمبر 1964.

ويحمل مطار نيويورك اسم جون فيتزجيرالد كينيدي، وخلدت اسمه أيضا أفلام تناولت ملابسات اغتياله، أشهرها فيلم يحمل اسمه (JFK) للمخرج (Oliver Stone).

 

ريشار نيكسون.. فضيحة "الواترغايت"

 

يعتبر ريشار نيكسون (1913/1994) الرئيس الأمريكي الوحيد الذي استقال من منصبه، وحدث ذلك تحت ضغط ما يطلق عليه اليوم بـ"فضيحة الواترغايت"، وهي حادثة تنصّت على الحزب الديمقراطي.

وبعد ولايته الأولى التي بدأت عام 1969، فإن نيكسون الذي صنع لنفسه اسما منذ 1952 وتولى منصب نائب الرئيس في عهد دوايت إيزنهاور، نجح نيكسون "الجمهوري" في انتخابات 1972 في الفوز بولاية ثانية من 1973 إلى 1977، غير أن العهدة الثانية توقفت بعد عام واحد فقط، حيث أطاح به صحفيان من (Washington Post)، وهما كارل برنشتاين (Carl Bernstein) وبوب وودوارد (Bob Woodward)، بعد تحقيق حول خلفية تعرض الحزب الديمقراطي عام 1972 لعملية تنصت في مكاتبه، والذي أفضى إلى تورط محيط الرئيس نيكسون نفسه، ما جعله يستقيل من منصبه في 9 أوت 1974 ليخلفه جيرالد فورد.

ورغم الفضيحة، إلا أن نيكسون خطف الأضواء خلال عهدته، باعترافه بجمهورية الصين الشعبية سنة 1972، وإنهائه حرب فيتنام عام 1973.