38serv
أحدثت مشاهد تدافع شباب بشكل هستيري للظفر بتوقيع الكاتب السعودي، أسامة المسلم، خلال عملية بيع بالإهداء، خلال فعاليات الصالون الدولي للكتاب "سيلا 2024"، أمس السبت، حالة من الذهول والصدمة لدى المتابعين من عموم الجزائريين، كما من الفاعلين في الشأن الثقافي. فقد تفاعل كتاب ونقاد مع المشاهد بتفسيرات وقراءات أولية للظاهرة، وحاولوا فهمها وتحليل خصائص الجمهور المتدافع، لدرجة تسجيل إغماءات وسقوط وتدخلات للقوة العمومية لحفظ النظام العام.
وتباينت تفاعلات رواد مواقع التواصل الاجتماعي، بين من أدانها واعتبرها مبالغا فيها وسحابة صيف عابرة، تخص مراهقين، أو لا تعكس أصول فعل القراءة والمعرفة الحقيقية، وبين من اعتبرها ظاهرة تستدعي التحليل والفهم والتعايش معها بشكل عادي في المشهد الأدبي العام.
ورغم تأرجح المواقف بين الذهول والصدمة والتذمر من مشاهد التدافع على مضامين وصفت بالسطحية وبأدب المراهقين، بدل الاهتمام بأمهات القضايا والشؤون المصيرية للأمة، مثلما حدث مع الفئة التي "خطفت" رواية الشهيد البطل يحيى السنوار "الشوك والقرنفل"، التي نفدت تقريبا في اليومين الأولين، إلا أن فئة من الكتاب حاولت تقديم قراءة نقدية أولية وليست عميقة، داعين النقاد إلى التعاطي مع هذه الظواهر القرائية بوصفها جزءا لا يتجزأ من المشهد الأدبي.
وفي هذا السياق، تساءل الروائي الشهير، واسيني الأعرج، على حسابه في منصة "فايسبوك"، عن كيفية قراءة هذه الظاهرة القرائية؟ هل هي مجرد موجة طارئة، أم هي صورة للنموذج القرائي القادم، مشيرا إلى أنها ظاهرة "يتهرب منها "النقد" بدل دراستها، وتستحق التأمل بدل السخرية"، يضيف صاحب مؤلف "حيزية" المثير للجدل.
بدوره، لم يترك الناشط الثقافي والكاتب، عبد الرزاق بوكبة، الحدث يمر أمامه من دون أن يقدم قراءاته باستحضار موقف قديم، وإسقاطه على الحاضر، بالقول: "قلت قبل عشر سنوات، في ندوة أدارها الكاتب والإعلامي الإماراتي المرحوم، حبيب الصايغ، في مقر جريدة "الخليج"، وشاركت فيها نخبة عربية وازنة، إن قبولنا بالانخراط في مواقع التواصل الاجتماعي، بصفتها بِنية جديدة في التواصل، بالموازاة مع رفضنا للظواهر الناتجة عنها، يشبه أن نأكل الحلويات، ونرفض ارتفاع نسبة السكر في الدم".
وتابع صاحب كتاب "رقصة اليعسوب"، أن "من بين الظواهر التي ستظهر في الفضاء العربي، هيمنة أقلام معينة، لفترة معينة، على المشهد القرائي، بنصوص سطحية لم تُكتب وفق أصول الكتابة الأدبية، بل وفق موضة تصنعها تلك المواقع" وبالتالي، يضيف بوكبة، "يمكن أن نسميها أدب الفقاعة". ولم يذكر بوكبة ما حدث بالتدقيق، لكنه من الواضح أنه يخص بالذكر ما جرى مع الكاتب السعودي أسامة المسلم، رافضا التعامل مع الظاهرة بإدانتها بالقول: "إن إدانة تلك الظاهرة، من غير العمل على تعميق الوعي في المجتمع، وتوفير قنوات العيش والتعبير، بحيث تصبح المواقع للتواصل لا للتفريغ، تدين ممارسيها بالدرجة الأولى".
وانخرط الكاتب جلال حيدر أيضا في النقاش المبدئي بين الفاعلين في المشهد الثقافي، داعيا في صفحته على "فايسبوك" إلى عدم التسرع ونزع صفة الكاتب عن الضيف السعودي، وأن ما يكتبه شيء سيء، معتبرا أن الرجل يمتلك موهبة الكتابة، ولكن "استثمر في مواضيع موجهة لفئة جديدة، لجيل جديد من المراهقين"، متسائلا عن الآلة التي تقف خلف الإشهار الذي جلب له هذا الكم الهائل من القراء".
ورجح صاحب رواية "الخميس الشاحب" في تعليق له على منشور لواسيني الأعرج، إن دار نشر "عصير الكتب"، عرفت كيف تسوّق لنفسها و كتّابها وكُتبها، لافتا إلى خصائص كتابات أسامة المسلم عن الماورائيات وما شابه، واستهدافه جمهورا من المراهقين الذين "لا يملكون شغف القراءة بحجم ما يملكون شغف الاكتشاف"، وفق حيدر.
وعن الكاتب وخصائص أسلوبه في السرد، فقد برز أسامة المسلم، وفق ما تشير إليه مواقع ومدونات تهتم بالأدب، بأنه يكتب روايات من نوع الفانتازيا والفانتازيا التاريخية بقصص وأحداث ذات طابع تشويقي، ويسرد الأحداث على الطريقة السينمائية ذات الحوارات المتينة، مع وضع أسماء فريدة وغريبة، وتتسم معظم رواياته بالنهايات غير المتوقعة والخوف. وصدر للكاتب 32 رواية، وتعتبر أشهرها: "خوف" و"خوف 2" و"خوف 3"، والتي يجري العمل على تحويلها إلى مسلسل تلفزيوني سعودي، وسلسلة "بساتين عربستان" بستة أجزاء، وسلسلة القصص القصيرة "صخب الخسيف" بثلاثة أجزاء، وجزء واحد من رواية "الدوائر الخمس" التابعة لسلسلة "بساتين عربتسان، وفق ما نشره موقع "ويكيبيديا".