المؤرخ محند عامر يكشف خبايا الصراع حول السلطة سنة 1962

38serv

+ -

كشف المؤرخ، عمار محند عامر، في ندوة بوهران، اليوم الإثنين، عن حصيلة التناحر بين الإخوة الأعداء خلال صائفة سنة 1962 والتي بلغت حسب برقية لوكالة الأنباء الجزائرية في 2 جانفي 1963 ألف ضحية، سقطوا في معارك بمنطقة سيدي عيسى قرب البويرة وبوغار في المدية وماسينا بالشلف بين جنود الولايات الرابعة والثالثة وجيش الحدود أيام الثاني، الثالث والرابع سبتمبر قبل أن تتوقف بدخول بومدين وبن بلة في السابع سبتمبر للجزائر العاصمة.

 واعتبر المؤرخ في محاضرته " الجزائر 1962: عودة إلى سنة الاستقلال" الذي تتمحور حول كتابه الأخير بخصوص هذه السنة المفصلية ومختلف الأحداث التي عرفتها والفاعلين الأساسيين في الأزمة من خلال شهادات فاعلين تاريخيين وأرشيف فرنسي ووثائق هامة في أرشيف سري لاجتماعات المجلس الوطني للثورة الجزائرية والحكومة المؤقتة الجمهورية الجزائرية وتقارير الولايات وتقارير اجتماع العقداء سنة 1959 المحفوظ في المركز الوطني للأرشيف، أو ما اعتبره المتحدث "الأرشيف الداخلي لجيش وجبهة التحرير الوطني الذي كان لي الحظ في تصفحه رغم الظروف الصعبة".

وذكر المحاضر في تصريح لـ "الخبر" بعض خبايا الأحداث خاصة ما تعلق بتدخل أطراف خارجية في الصراع "كان هناك تدخل مصري قبل الأحداث بإرسال عتاد حربي متكون من مدافع صغيرة في شهر أفريل لجيش الحدود ومساندة المغرب لبن بلة ودعم بورقيبة للحكومة الجزائرية المؤقتة فيما ساندت فرنسا جماعة تلمسان بالنظر لالتحاق عدة شخصيات بها".

واعتبر عامر بأن أبحاثه لفترة عشرين سنة في إطار رسالة دكتوراه في التاريخ بإشراف من المؤرخ عمر كارلي سمحت له بتسليط الضوء على هذه الأحداث دون تخندق مع أطراف النزاع في محاولة لإعطاء المؤرخ مكانته في كتابة التاريخ بعيدا عن أي تحيز أو أطروحات مبنية على عمل الذاكرة وليس التاريخ.

وشرح مقاربته في إنجاز العمل من خلال العودة إلى الأحداث منذ الحركة الوطنية ومرورا ببداية الثورة لغاية الاستقلال لفهم الأحداث ومواقف كل أطراف الصراع المتمثلة في مؤسسات جبهة وجيش التحرير الوطني والمجلس الوطني للثورة والحكومة المؤقتة والولايات الداخلية وجيش الحدود والشخصيات الثورية مثل محمد بوضياف وأحمد بن بلة وحسين آيت أحمد وكريم بلقاسم والاتحاد العام للعمال الجزائريين الذي كان فاعلا قويا في الأزمة، حتى الجيش الفرنسي والمنظمة العسكرية السرية والجهاز التنفيذي برئاسة عبد الرحمان فارس والقوة المحلية.

ورفض المحاضر وصف أحداث 1962 بأنها "انطلاقة خاطئة أو مسار أعوج أو سطو على الثورة فهي مجرد أوصاف قيمية وغير موضوعية بعيدة عن الواقع لأن الأحداث هي محصلة لظروف موضوعية في تلك الفترة ودرجة الوعي الجمعي".

وعاد المتحدث لفكرة تبني نموذج الحزب الواحد قائلا "كان هناك إجماع على حزب واحد طلائعي ونقابة واحدة"، كما تطرق للصراع بين الولايات الداخلية وجيش الحدود مؤكدا أن "الولايات الداخلية الستة لم تستطع تكوين جبهة موحدة بل كان هناك صراع حتى داخل الولايات رغم محاولة توحيد موقفها سنة 1958 ثم حاولت العودة مجددا بعد تهميشها وفرض منطقها في أزمة صائفة 1962 لكن دون جدوى".

وشارك الباحث في العلوم السياسية بلقاسم بن زنين في تنشيط الندوة بحضور جمع كبير من أساتذة التاريخ والباحثين على مستوى مركز البحث في الانتروبولوجيا الاجتماعية والثقافية.