النمو الاقتصادي في الجزائر يظل قوياً

38serv

+ -

أكد البنك الدولي في تقديراته التي تضمنها تقريره حول الوضع الاقتصادي في الجزائر لخريف 2024، أن النمو الاقتصادي ظل قوياً وتم احتواء التضخم تدريجيًا في النصف الأول من عام 2024، غير أن الضغوط على الميزانية العامة والميزان الخارجي تزايدت وبقي النمو الاقتصادي قويا مدعوما بنمو القطاعات الغير الاستخراجية والاستثمار.

 سلط البنك الدولي الضوء على الأداء الاقتصادي القوي للجزائر مع التأكيد على الحاجة إلى مجموعة تكميلية من السياسات الاقتصادية لتنويع الصادرات من أجل ضمان النمو المستدام، معتبرا أن إمكانيات نمو الصادرات الجزائرية خارج المحروقات تظل كبيرة.

ووفقًا لأحدث تقرير للبنك الدولي حول الوضع الاقتصادي في الجزائر لخريف 2024، والذي تم عرضه من قبل خبراء البنك الدولي بمقر الهيئة بالجزائر بحضور كمال براهم الممثل المقيم للبنك بالجزائر، من قبل معديه وهما أمال هنيدر وجانيال برينغ، تحت إشراف إيريك لوبورن، والذي حمل عنوان "الجزائر: تقوية إطار السياسات الاقتصادية لدعم تنويع الصادرات"، فإن تنويع منتجات وأسواق التصدير مع زيادة القيمة المضافة "سيكون أمرا بالغ الأهمية لتحقيق هدف الحكومة البالغ 29 مليار دولار للصادرات غير النفطية بحلول عام 2030". ولتحقيق ذلك، فإنه يمثل أولوية، كما يوصي البنك الدولي "لوضع إطار لسياسات الاقتصاد الكلي يركز على تعزيز إنتاجية الأعمال التجارية وتحسين القدرة التنافسية للصادرات والاندماج بشكل أفضل في سلاسل القيمة العالمية".

هذا ما ظهر بشكل عام من التقرير نصف السنوي الأخير للبنك الدولي حول الوضع الاقتصادي في الجزائر لخريف 2024، ووفقا للوثيقة التي قدمت في مقر البنك الدولي بالجزائر العاصمة، وما أبرزه القائمون عن ملف الجزائر هو الأداء الجيد للاقتصاد الجزائري الذي سجل نموا قدره 3،9٪ في النصف الأول من عام 2024 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، على الرغم من انخفاض إنتاج المحروقات والمرتبطة بالالتزامات الخاصة باتفاقات خفض الإنتاج في إطار "أوبك+".

لاحظ الخبراء أن هذا النمو المتنوع مدعوم بقطاع زراعي مرن، واعتبر الخبراء أن "البلاد شهدت تحسنًا في استقرار الأسعار، حيث انخفض التضخم إلى 4.3٪ خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2024، ما يعكس استقرار أسعار المنتجات الطازجة وتكاليف الواردات المعتدلة وسعر الصرف المستقر".

فيما شدد خبراء البنك الدولي على أن تحصيل مكاسب الإنتاجية ضرورية بما في ذلك في الشركات العمومية، وأوصى الخبراء على أهمية تعزيز بيئة ومناخ الأعمال وزيادة كفاءة أسواق عوامل الإنتاج، وكذا تطوير القطاع المالي وتفعيل إنتاجية العمل.

وفيما بقي النمو الاقتصادي قويًا في النصف الأول من عام 2024، مدعومًا بنمو القطاعات غير الاستخراجية والاستثمار، وبعد أن ارتفع نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 4.1٪ في عام 2023، تباطأ بشكل طفيف 3.9+ سنويا في النصف الأول من العام 2024، مدعوما بنمو قوي في القطاعات غير الاستخراجية.

وتسارعت وتيرة نمو الاستثمار، ما حفّز الواردات، بينما بقي كل من الاستهلاك الخاص والعمومي قويين، وأشارت بيانات الإضاءة الليلية إلى أن نمو القطاع غير الاستخراجي كان مدفوعًا بشكل رئيسي بالمنطقة الشمالية الوسطى، وكان النمو متعدد القطاعات في الناتج المحلي الإجمالي غير الاستخراجي مدعومًا بشكل خاص بالإنتاج الزراعي القوي. لكن الناتج المحلي الإجمالي الاستخراجي ظل مستقرًا في النصف الأول من عام 2024 بـ1.0٪ سنويا بعد تخفيضات في حصص إنتاج النفط الخام الجزائري في جانفي وانخفاض الطلب الأوروبي على الغاز.

 

تباطؤ التضخم بشكل ملحوظ في 2024

 

لاحظت هيئة بروتون وودز أنه بفضل استقرار أسعار الأغذية الطازجة تراجعت أسعار الواردات واستقر سعر الصرف، فبعد أن بلغ 9.3٪ في عامي 2022 و2023 انخفض التضخم إلى 4.3٪ سنويا خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2024، نتيجة استقرار أسعار المنتجات الزراعية الطازجة منذ النصف الثاني من 2023 بعد ارتفاعها الكبير.

كذلك كان انخفاض التضخم مدعومًا بالإنتاج الزراعي القوي ورفع القيود المفروضة على استيراد اللحوم واستقرار سعر الصرف بعد أن أوقف بنك الجزائر 14 عامًا من انخفاض قيمة العملة في منتصف عام 2022 ظلت السياسة النقدية تيسيرية، حيث ظل سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير منذ ماي 2020، وتسارع نمو الكتلة النقدية والائتمان للقطاع الخاص خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2024.

وفيما سجل انخفاض صادرات المحروقات وارتفاع الواردات والإنفاق العمومي، إلا أن ميزان الحساب الجاري يحافظ على التوازن وإن سجل ارتفاع في عجز الميزانية، إلا أن مستويات العجز يظل مقبولا وبعيدا عن النسب العالية.

فيما ارتفع احتياطي الصرف الجزائري بشكل طفيف، ليصل إلى حوالي 16.2 شهرًا من واردات السلع والخدمات في نهاية سبتمبر 2024، بالإضافة إلى انخفاض إيرادات المحروقات، ساهمت الزيادة في النفقات الجارية والاستثمار العمومي، بما في ذلك الموجة الأخيرة التي شملت ثلاث زيادات في أجور القطاع العمومي وفي زيادة عجز الميزانية بعد أن بلغ 5.2٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023 وقد تم تمويل هذا العجز بشكل رئيسي من خلال المدخرات النفطية، بينما زاد الدين العمومي بشكل طفيف.

ولاحظ البنك الدولي أنه رغم زيادة الدين العمومي، فإنه يظل محصورًا على المستوى الوطني وبنسب فائدة منخفضة وبآجال استحقاق طويلة المدى، ما يبقيه ضمن هوامش مرنة، ونظرا لارتفاع نسبة الإنفاق العمومي غير المرن كالأجور واعتماد الاقتصاد على الواردات، فإن التقلبات غير المتوقعة في أسعار المحروقات العالمية في بيئة تتسم بقلة الرؤية الجيوسياسية تشكل تحديا على آفاق الاقتصاد الكلي في الجزائر.