38serv
حمل التعديل الحكومي، الذي أجراه رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، أمس، تغييرات في الوجوه وكذلك في هياكل بعض الوزارات، مخلفا تساؤلات عديدة حول الهدف من تلك اللمسات التي أحدثها المسؤول الأول في البلاد على فريقه، وكذا الرسائل التي أراد بعثها من خلال فصل وزارات واستحداث كتّاب دولة وإضافة مهام جديدة لأخرى.
سبق وأن شهدت التعديلات الحكومية تغييرات كهذه في الهياكل، ثم يتراجع الرؤساء عن بعضها لاحقا، أو مراجعات تتم بعد سنوات، عندما يتبين أن الخطوة عديمة القيمة والنتيجة الملموسة، في حين تصيب تغييرات أخرى الهدف ويكون الرجل المناسب في المكان المناسب والأمثلة عديدة.
وبالنسبة للتعديل الوزاري الجديد، فإنه خرج عن نسق التغييرات، قياسا إلى تعديلات العهدة الأولى، وذهب إلى حد تجزئة وزارات واستحداث عدة مناصب كاتب دولة ووزراء منتدبين في العديد من الدوائر الوزارية، مشكلا فريقا حكوميا من 43 عضوا، أغلبهم وجوه مألوفة، رغم أن مراقبين رجحوا قيام تبون بعملية جراحية أعمق على الفريق الحكومي، انطلاقا من بعض المؤشرات كإرجاء العملية إلى ما بعد مناقشة قانون المالية 2025، وتصريحات الرئيس خلال اللقاء الدوري مع الصحافة الوطنية عن استوزار كفاءات عالية وغيرها من المؤشرات.
وبملاحظة التغييرات التي طرأت على وزارتي التجارة التي تجزأت إلى وزارتين، يتبين أن الرئيس تبون استحدث "ذراعا" تجارية خاصة بالتجارة الخارجية في الحكومة، بتعيين محمد بوخاري وزيرا للتجارة الخارجية وترقية الصادرات، ما يؤشر على رغبة تبون في تقوية الصادرات، التي تحدث عن سلكها منحنى تصاعديا منذ مجيئه إلى الحكم.
ومن أبرز ما لفت الانتباه في الحكومة الجديدة، استحداث منصبي كاتب دولة لدى وزير الشؤون الخارجية، أحدهما مكلّف بالجالية الوطنية بالخارج، والثاني بالشؤون الإفريقية، وفي ذلك على ما يبدو مسعى لتقريب الـ"دياسبورا" الجزائرية إلى وطنهم الأم للمساهمة في الجهد الوطني وتقوية الـ"لوبيينغ" الجزائري في الخارج، وبالنسبة للثاني، تعزيز الاهتمام بالعمق الإفريقي للجزائر وتطوير العلاقات مع بلدان القارة السمراء، خاصة بعد تسجيل تسلل وتوغل للكيان الصهيوني في القارة الثرية.
كما لوحظ أيضا، فصل الشباب عن الرياضة وتوزيعهما على مصطفى حيداوي، وزيرا للشباب، مكلّفا بالمجلس الأعلى للشباب، ووليد صادي، الذي شكل تعيينه مفاجأة في الوسط الرياضي، وزيرا للرياضة، وهو قرار سبق وأن شهدته الحكومة، بالنظر لاختلاف المهام والأهداف والنشاطات على مستوى هذه الدائرة الوزارية، بحسب تحاليل واردة من منتسبين للقطاع.
ومما لفت في القرارات أيضا، إضافة مهام جديدة لوزارة البيئة، وهي "جودة الحياة"، مع منحها لرئيسة المجلس الشعبي الولائي للعاصمة، نجيبة جيلالي، المنتسبة سياسيا، إلى حزب جبهة التحرير الوطني، الأمر الذي طرح تساؤلات أيضا بخصوص طبيعة هذه المهمة الجديدة وإسقاطاتها على يوميات المواطنين. كما لوحظ أيضا تغييرات تتعلق بتحويل وزراء إلى دوائر وزارية أخرى، كوزيرة الثقافة السابقة، صورية مولوجي، نحو وزارة التضامن، ووزيرة هذه الأخيرة، كوثر كريكو، إلى وزارة العلاقات مع البرلمان، لصاحبتها بسمة عزوار، المنتمية سياسيا، إلى جبهة المستقبل، والتي غادرت السلطة التنفيذية، بعدما قدمت إليها من السلطة التشريعية في بدايات العهدة الرئاسية الأولى لتبون.
ومن بين هؤلاء أيضا، تحويل ياسين المهدي وليد من وزير اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة والمؤسسات المصغرّة إلى التكوين المهني. ومن القرارات التي استحدثت مناصب جديدة، وربطتها القراءات الأولية بالتخلي عن مركزة هذه القطاعات في يد شخصية وزارية واحدة، تعيين فؤاد حاجي وزيرا منتدبا لدى وزير الصناعة، مكلّف بالإنتاج الصيدلاني، وكريمة طافر كاتبة دولة لدى وزير الطاقة، مكلّفة بالمناجم، ونور الدين ياسع كاتب دولة لدى وزير الطاقة، مكلّف بالطاقات المتجدّدة.
ومن القرارات اللافتة أيضا، اختفاء وزارة الصيد، وأخرى كانت منتظرة، بالنسبة لبعض الوزراء المغادرين، إنهاء مهام وزير الصناعة علي عون، ووزير العلاقات مع البرلمان بسمة عزوار، ووزير الاتصال محمد لعقاب، على خلفية ما قيل في الأوساط الإعلامية "أخطاء فادحة" ارتكبت من طرفهم.